البيت العتيق والمتداعي على بعضه ولاسيما إذا ماطال الضرر أساسه، فإنه من الصعب جدا المحافظة عليه من الانهيار من خلال الترميم، إذ أن هکذا بناء لامناص من إنهياره وبناء بيت جديد في مکانه. هذا هو حال نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية حاليا وبصورة خاصة على أثر إنتفاضة 16 سبتمبر2022، والتي غيرت معظم الموازين والمعادلات القائمـة لهذا النظام وفرضت تغييرات إجبارية عليه، ولاريب من إن مايفعله ويقوم به خامنئي حاليا من أجل إحکام سيطرته على الاوضاع وتفادي وصول الامر الى مرحلة اللاعودة وإنفلات الامور، يعتبر أساسا بمثابة إعتراف واضح بأن صورة الاوضاع في إيران بعد إنتفاضة سبتمبر ليست إطلاقا کما يسعى خامنئي من أجل الإيحاء بها!
الصراع بين أجنحة النظام وبين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشکل خاص، والذي يتواصل على الرغم من دعوات خامنئي للتهدئة والتعاون والتنسيق فيما بينها، خصوصا وإن خامنئي يعلم جيدا أن الصراع على السلطة بين الجناح المهيمن والجناح المسمى کذبا بالاصلاحي، سيؤدي إلى انفجار بركان غضب الشعب. ولهذا السبب، يسعى خامنئي إلى السيطرة على المجتمع ومن ثم على الانتفاضة، من خلال زيادة عدد حالات الإعدام.
المتغيرات التي طرأت على الاوضاع في إيران على أثر إنتفاضة سبتمبر2022، ليست متغيرات مستجدة أو طارئة أو مٶقتة کما قد يحلو للبعض من المحللين السياسيين غير الملمين بالاوضاع في إيران، تسميتها، بل إن هذه المتغيرات قد فرضت نفسها على الاوضاع وصارت مهيمنة عليها، ولذلك فإن النظام يحاول جهد الامکان مسايرتها والسعي لعدم إثارتها من خلال الخطب والتصريحات البراقة والسعي لإظهار النظام بأنه محارب للفساد ويريد تحسين الاوضاع من جهة، ومن جهة أخرى يحاول النظام وعن طريق مواصلة تنفيذه لأحکام الاعدام وبصورة غير مسبوقة من أجل نشر الخوف والرعب بين الشعب وجعله ينأى بنفسه بعيدا عن الاصطدام بالنظام. غير إن هذا النهج والاسلوب الذي يتبعه خامنئي لايمکن أبدا أن يفلح خصوصا بعد أن بدأ العالم يلاحظ تزايد الاعدامات بوتائر غير مسبوقة الى الحد الذي قالت فيه الأمم المتحدة إن إيران هي أعلى منفذ الاعدام في العالم، حيث يقتل أكثر من 10 أشخاص كل أسبوع وقد يكون العدد أعلى بسبب الافتقار إلى الشفافية الحكومية.
تزايد نسبة الاعدامات في إيران في ظل عهد رئيسي بصورة عامة وبعد إنتفاضة سبتمبر2022، بصورة خاصة، وکما ذکرت صحيفة الغارديان:” يبدو أن النظام يخشى المتظاهرين ويحاولون كل ما هو ممكن لمنعهم” أو وفقا لمدير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، تم إعدام 209 أفراد على الأقل في إيران منذ بداية هذا العام. فإن معظم المٶشرات تٶکد بأن الاوضاع في إيران تسير في إتجاه لاعودة منه، إتجاه يرسم ملامح عهد جديد في إيران حيث لايبقى للنظام الحالي من أي أثر!