كوردستان تتعرض لضغوطات لم يسبق لها مثيل ، كانت الضغوطات في السابق عسكرية بحتة تحرق الاخضر واليابس وتبيد كل شيء حي ، الحلول العسكرية كانت دائماً تنتهي عند حدود جبال كوردستان ، وهذا يعني أن التجارب أثبتت عقم الضغط العسكري مع الكورد تحديداً لذلك لجأت القوى الاقليمية المعادية الى اساليب الضغط السياسي والاقتصادي والاعلامي وحتى الثقافي والديني والتخريبي وبعض الاحيان ضربات صاروخية خاطفة بحجج واهية ، وقد لعبت التبعية الدينية دوراً كبيراً في أضعاف الإرادة الكوردية نحو الاستقلال خاصة واننا جميعاً نعلم بأن المرجعية الدينية السنية تقاد من خارج كوردستان وهذه المرجعية ترفض الكيان الكوردي المستقل بل وتعتبره عصياناً على الله وتمرداً على الامة الاسلامية والوحدة الإسلامية ، كما هي حال المرجعية الشيعية ، وكلا المرجعيتين تصول وتجول داخل الشارع الكوردي وبقوة ، وكلا المرجعيتين هي بالنقيض من الإرادة الاستقلالية القومية الكوردية ( فالحرية التي تمتلكها الحركات الدينية او بيوت العبادات الدينية من نشاط أجتماعي وسياسي بأي شكل كان فهو سرطان سينمو في داخل الجسد الكوردي وسيطيح بالحلم الكوردي ولو بعد حين ، هذا إذا خرج الدين عن طقوس العبادات ) وهذه واحدة من رهانات أعداء الكورد . كل ذلك لأجل كسر شوكة الكورد وتبخير احلامهم المستقبلية ، يقابله تخبط سياسي كوردي واضح وتقبل غريب لهذه الهجمات العدوانية بل وتعاون فئات كوردية انتفاعية مع الاعداء .. بعض القيادات الكوردية تتحمل ضربات الأعداء و تتناساها بسهولة ، لكنها لا تنسى عداءها مع اخوتهم الكورد فتستغل أية فرصة لتنتقم من أخوتهم ، صلابة ووحدة البيت الكوردي هو الرهان الوحيد لإفشال المخططات الجهنمية لأعداء كوردستان ولكن للأسف الشديد لم يعد لمن يمثل الشعب الكوردي مؤهلات القيام بهذا الدور الصلب المتماسك ، فكل يوم تلوح في الأفق تصدعات داخلية وشرخ عميق يصعب التأمها ….. القيادات الكوردية التي تعودت الصبر والمطاولة فقدت صبرها و هرمت ونخر الفساد بيوتها فأضحى همها الحفاظ على وجودها حتى وان كان على حساب مبادئها التي طالما قدمت القرابين لأجل تلك المبادىء .
يجب ان يعرف الشعب الكوردي بأن اعداءهم لم تغمض لهم عين منذ ان تأسس للكورد كيان شبه مستقل ، واعدائهم عازمون بكل ما أوتوا من قوة على تحطيم هذا الكيان المتنامي وسحقه الى الابد لأنهم يدركون جيداً ما للكورد من إرادة وطاقة إذا تحررت ستغير شكل المنطقة برمتها . ولكن مشكلتنا ليست مخططات الاعداء فهي لم تكن خافية في يوم من الأيام علينا وإنما مشكلتنا ترهل القيادات الكوردية التي لا تدري بإنها مترهلة ومتخبطة وإنها تعيش في أسوأ مراحلها التأريخية .
كنا دائماً نمني النفس بأن المتصدين للمسؤولية في كوردستان سيفعلون المستحيل لترميم البيت الكوردي
وكان ظننا بأن مداركهم الفكرية ومدى رؤيتهم أبعد مما نحن نراه ، لكن الواقع أثبت عكس ذلك ، أتمنى أن أكون مخطئاً في تقييمي ! . للتذكير فقط شعب كوردستان أكبر من ان تلين إرادته والأمة الكوردية كتُب لها ان تنهض ، فمثل هذا النهوض يحتاج الى من هو أجدر بالوقوف في مقدمة الصفوف ووجهه بإتجاه العدو ، ولا عودة بعد اليوم الى ما قبل تأسيس الإقليم .
الدفاع عن عرش كوردستان لم يكن في يوم من الايام نزهة ولن تكون كذلك ، وكلما مرت الأيام تزداد الحالة صعوبة مع إصرار الاعداء على منهجيتهم الباطلة في لوي الذراع الكوردي .
انظروا الى الاعداء أنهم متراصوا الصفوف ضد الكورد بالرغم من اختلاف اعراقهم وتوجهاتهم ، والقيادات الكوردية متباعدي الصفوف بالرغم من عرقهم الموحد ، وهذا عيب لا يمكن ان يستمر ، نحن نعلم ان بعض القيادات الكوردية ارتأت أن تصبح ذيلاً لهم وهذه الذيلية ليس من السهل بترها خاصة وأن لها سطوة على عقول أتباعها ، ليست السياسة أن تقفوا متفرجين والمنحدر امامكم شديد . أرجو ان لا يؤخذ بكلامي على أنه افراط في النقد اللاذع ، فأن قلوبنا قد أدماها الحزن وعقولنا أرهقها القلق وراحت أناملنا تكتب بحسرة ، أيها السادة الأفاضل عودوا لرشدكم فأن شعبكم وأمتكم أقوى من ظنكم الذي ظننتم به فلا يليق بكم ان تقدموه لقمة سائغة لأعدائكم ، هذه كوردستان أرض الجبال أرض العناد لا تعلوها أرض ، وحدوا صفوفكم ونظفوا سريرتكم وأنزلوا الى الساحة بصدق النوايا لمواجهة شرور اعدائكم الظالمين ، فالنصر مكتوب لكم وسوف ترون كيف تتفتت قوة اعدائكم المارقين ، كوردستان اليوم غير كوردستان الأمس ، اعدائكم حيارى ويتصارعون مع الموت ، ، وأي نصر يحققوه على حساب الشعب الكوردي يعيد قواهم ويعيد عافيتهم ، فلا ينبغي ان تهدوهم هذه الفرصة ، دعوهم يلاقوا مصيرهم المحتوم ، الكورد هم من أعادوا لأردوغان قواه وعافيته ، ما كان ينبغي ان تفعلوا ذلك ، ولولا فرقتكم لكان أردوغان وحزبه في مزبلة التأريخ . فالشعب الكوردي يستمد منكم قراره فأن كان قراركم ضعيف ضعفت قراراته مثلما حصل عندما صوتوا لأردوغان ، فهؤلاء الأعداء ماعندهم من قوة لم يبخلوا به ضد الشعب الكوردي ولا يمتلكون أكثر من ذلك ، ولو أمتلكوا أكثر من ذلك لفعلوه ، هذا عصر الكورد عصر بزوغ شمس كوردستان ، لا يصح ان تفقدوا الصبر وأنتم على ابواب النصر ، عودوا الى أنفسكم ولا تحتاج كوردستان منكم غير تماسككم وكفى عناداً و فرقة ، فكونوا عند حسن ظن شعبكم الذي وثق بكم ولا تردونهم خائبين .
مهما تحدثنا عن كوردستان ومستقبل الكورد ، فأن هناك حقيقتان ثابتتان لابد أن نضعهما في حساباتنا امام أي تحليل منطقي وواقعي .
الحقيقة الاولى : وضع كوردستان مرهون بالمتغيرات التي تطرأ على المنطقة ، فمثلاً إنهيار إيران أو تركيا غداً سيؤدي بلا أدنى شك الى ولادة الدولة الكوردية أو على الأقل ولادة أقليم ثاني لكوردستان ، مثلما كان إنهيار العراق سبباً في ولادة أقليم كوردستان ، وإنهيار سوريا كان سبباً في ولادة الكيان الكوردي في غرب كوردستان ، وهذا يعني على الشعب الكوردي أن يهيأ نفسه ويبني نفسه لأي متغير زماني ومكاني لكي يكون هذا الشعب صاحب كلمة عند المتغيرات ، ونحن نعلم أن أكثر مناطق الكرة الارضية رخوة سياسياً وقابلة للتغيير هي منطقة الشرق الاوسط التي لا تستقر على حالة واحدة .
الحقيقة الثانية : كوردستان والشعب الكوردي فرضوا أنفسهم كأمة قائمة بذاتها محافظة على خصوصياتها ، فلا يوجد شعب بين جميع شعوب العالم يعيش تحت ظل الاحتلال الا وتغيرت ثقافته بتأثير المحتل ، إلا الشعب الكوردي فإنه يستثنى من هذه القاعدة ، ثقافته وعاداته بقيت نقية غير ملوثة ، فكوردستان بالحقيقة هي دولة كثقافة وكلغة وككيان ، ولم تتأثر حياة الشعب الكوردي بكل الاحتلالات ، فظلت حياة وطبيعة وثقافة الإنسان الكوردي مستقلة تمام الاستقلال ، بمعنى آخر فأن كل ما يحتاجه الكورد ليكونوا دولة هو مجرد أسم دولة كوردستان في المحافل الدولية ، لأنهم هم بالحقيقة يعيشون كمجتمع وضع دولة ، وهذا بفضل إرادة الشعب الكوردي وليست إرادة القيادات الكوردية لأن البناء الثقافي والحضاري هو قرار شعب وقرار أمة . لذلك امام هذه الحقائق يجب ان تمنهج القيادات الكوردية اسلوبها وعملها ، وعلى القادة الكورد ان ينظروا الى الواقع بهذه الكيفية ، فأنا أظن بأن شرائح الكورد الواعية تنظر للأمور بهذا الشكل .
ملخص القول أن كوردستان حتى لو عاشت بدون وجود قيادات سياسية ستبقى شامخة ولن تسقط ، فلا يظن القادة الكورد بأنهم هم من أوجدوا كوردستان الحالية ليعطوا المجد والثناء لأنفسهم ، ويمنّوا على الشعب الكوردي ، ويتعالى بعضهم على بعض ، ويعيب بعضهم بعضا دون الاكتراث لما يحيط بكوردستان من مخاطر حقيقية .
يا ريت ساسة الكورد وقادتهم وزعماءهم واحزابهم وعشائرهم المختلفين والمنقسمين والمتصارعين على الترهات والمناصب والمال والجاه الزائل يقرأون هذا التحليل والتحذير والمقال الراقى ويتمعنوا فيه ويراجعوا انفسهم ويستخلصوا العبر والدروس من عواقب ونتائج تشتتهم وفرقتهم الكارثى والخطير وما ينتظرهم وشعبهم الكوردى المجيد من مستقبل زاهر فيمالو جمعوا كلمتهم ووحدوا صفوفهم وتركوا خلافاتهم وصراعاتهم الداخلية فهل يا ترى سيعودوا الى رشدهم وينقذوا شعبهم من نكسات وخيبات اتيه لا ريب فيها فيما لو بقوا على عنادهم ومواقفهم المتعنته والمعيبة والمخجله والمضره .ام ان لا حياة لمن تنادى .وهنا الطامة الكبرى والمصيبة الاعظم .مقال ثمين وتحليل صائب ودقيق .تحية للكاتب ولجريدتنا الغراء منبر الاحرار المزيد من التقدم والازدهار
ابو تارا
تحية لك أخي العزيز ابو تارا ، كل التقدير والاحترام لكلماتك الراقية المليئة بالحس الوطني والقومي والإنساني ، دائماً متابعاتك لها طعم ونكهة وأثر طيب . محبتي
تحية من القلب لكاتب المقال. انا اعتقد وبايمان راسخ ان اكبر خطر يهدد الشعب الكوردي هو التغيير الديموغرافي اللذي يتعرض له كوردستان من قبل الترك في منطقة عفرين وباقي مدن روزافا وكذلك من قبل البارتي والايكتي في دهوك واربيل والسليمانية. وعلى المثقفين الكورد التصدي وبقوة لهذا الأمر. تركيا وبأموال دويلة قطر وامارة الكويت بنت لحد الان ٤٥ مستوطنة في روزافا وان أحفاد البارزاني وجلال الطالباني بنو آلاف العمارات في مدن الإقليم وباعها للوافدين.
الاخ ابو متين ، شكراً لمرورك العطر وشكراً لرأيك الصادق ، رغم أني لا اؤمن بأن الاستيطان يغير من مصير ومستقبل أمة ، تحياتي وامتناني