الدولة الحديثة دولة ديمقراطية حقوقية, وجميع النشاطات والافعال السياسية تُصاغ في اطار حقوقي قانوني.والنظام الديمقراطي يُعرَف بالاجراءات الانتخابية البرلمانية والنظام الاداري اللامركزي.الوسيلة الاولى لاختيار فريق الحكم وبرامجه وقدرته على تلبية مطالب الشعب الناخب ويقوم البرلمان بالتعبير عن تلك المطالب عبر تفويض الناخبين ,ولذلك تكون السلطة الحاكمة خاضعة للمسؤولية امام جمعية منتخبة او امام الشعب, لذلك يُقال ان الدولة الحديثة دولة حقوقية أي ان تصرفات الحكومة تخضع لقواعد ثابتة يستطبع جميع الافراد مطالبة الحكومة بمراعاتها ولاتستطيع الحكومة خرقها لانها تخرق القانون الذي جاء بها للحكم. فتشابك عمل الدولة وعمل الحكومة يضع أمامها جملة من التعقيدات والقيود الحقوقية التي لاتسطيع خرقها. فالديمقراطية نظام عقلاني يقوم على مايُناسب العقل الذي يسعى لتوفير المنفعة العامة عبر الاستقرار والسلم الاهلي والخطاب المتسامح مع الجميع. والتجربة العراقية مع الديمقراطية واحدة من أبرز المشاريع الفاشلة التي خاضتها الولايات المتحدة مطلع القرن الحادي والعشرين, وقد تبنَّتها إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن مقاربة لشرق أوسط معولم تندمج اسرائيل مع دول المنطقة وتُرفع الحدود, بعد الاحتلال الانكلو اميركي للعراق. وبعد فترة وجيزة من تغيير النظام في بغداد عام 2003 ، بدأت عشرات المنظمات والأحزاب السياسية والصحف والقنوات الإعلامية بالظهور على الملأ مما جعل الفضاء السياسي العراقي مزدحمًا للغاية تم إنشاء العديد من الأحزاب الجديدة بالتوازي مع أحزاب المعارضة العراقية السابقة ، بعضها لم يكن أكثر من فروع أو فصائل منشقة عن الأحزاب القديمة. ولكن القسم الآخر والاوسع هي تنظيمات واحزاب جديدة لم يكن قياداتها في المنفى خلال فترة حكم نظام صدام . ومن أهم هذه التنظيمات السياسية برز إسم التيار الصدري الذي خرج من عبائته تنظيمات سياسية أخرى. كما إنبثقت أحزاب كردية وتركمانية و عربية عديدة بما في ذلك الاحزاب التي تم تصنيفها على أنها ليبرالية, أو ديمقراطية, أو وطنية. فيما ركزت أحزاب اخرى على القضايا الاثنية, الدينية, أوالمحلية. لا تزال كثير من الاحزاب في بلدنا لم تترسخ فيها الديمقراطية والعمل على جعلها ثقافة مجتمعية .. ورغم صدور بعض القوانين في العراق كقانون الانتخابات البرلمانية وقانون انتخابات مجالس المحافظات وقانون الاحزاب .. الخ لكن لا زلنا نحبو ونتراجع عن الديمقراطية في بعض الاحيان وقد تشترك معظم الاحزاب بصفات معينة تعيق العمل الديمقراطي في بلادنا. وليعلم قادة اي حزب انه لا يمكن ان يحكم لوحده دون التآزر والائتلاف مع أحزاب أخرى وهذا يحتاج حكمة بالغة في التعامل بين أعضاء الحزب ومؤيديه من جهة وبين قادة الحزب والأحزاب الأخرى من جهة ثانية وكذلك كيفية وصول رسالة مطمئنة للمواطن او الناخب المؤيد لهذا الحزب او ذاك . وهذا يحتاج حنكة سياسية من القادة لإقناع المؤيدين لهم والمؤتلفين معهم. كذلك نشأت عشرات الأحزاب السياسية الجديدة في مصر وليبيا وتونس منذ بداية ما يسمى “بالربيع العربي”. وعلى الرغم من أنّ الكثير من هذه القوى لعبت دوراً نشطاً في إطاحة بالأنظمة القديمة، إلاّ أنّها واجهت صعوبة في تطوير هويّات متّسقة، وإنشاء قواعد دعم فاعلة، وبناء قواعد انتخابية مستدامة. وإذا ما أرادت المشاركة الفاعلة في العملية السياسية، ينبغي على هذه الأحزاب الجديدة، العلمانية إلى حدّ كبير، أن تتغلّب على تحدّياتها المؤسّساتية، وأن تحسّن قدرتها على توفير مايحتاج إليه الشعب على المدى الطويل. سيلعب مصير هذه الأحزاب الناشئة دوراً هائلاً في تحديد نجاح مراحل الانتقال السياسي التي تشهدها المنطقة العربية.
فالديمقراطية التوافقية مثلاً هي منح القوى السياسية التي تعبّر عن مصالح الطوائف المكونة للمجتمع القدرة في إيقاف قرارات القوى السياسية الأخرى عند اتخاذها لقرارات تضر بمصالحها ، بغض النظر عن حجم الكتلة، وذلك مع افتراض وجود انقسام وصراع مجتمعي خطير لا يمكن احتوائه إلا عبر هذه الصيغة. ويتميز النموذج التوافقي بقدرته الفائقة علي إيجاد حواجز حقيقية لا تسمح بتعد أو تجاوز من أية فئة اجتماعية علي حقوق فئة أخرى لا باحتكار السلطة كليًا ولا حتى جزئيًا حيث ينظم الدستور جميع تفاصيل التوافقية التي تجعل العمل السياسي والحزبي في ذاته وحتى العمل الانتخابي والبرلماني قوة جماعية تساعد باختلاط أدوار الجميع من أجل مصلحة الجميع. لقد تطور الفكر السياسي الديمقراطي التوافقي تجاه الاعتراف بالحقوق الجماعية والإدارات الذاتية لأصحاب الهويات المتعددة (العرقية والمذهبية والطائفية) ، وذلك منعاً لاستبداد الأغلبية بالأقلية من جهة ، وقطع طريق التأثير الخارجي على الشأن الداخلي من جهة أخرى. والتحديات التي واجهها الباحثون كيفية تأسيس نظام ديمقراطي في مجتمع متعدد بمعنى يتميز بالتنوع الإثني والديني والمذهبي ضمن مكوناته بما يضمن الحقوق الأساسية للجميع، ويضمن لهم حماية مصالحهم وتحقيق مطالبهم باستمرار وأن يكون للجميع فرصة مماثلة في صنع القرار السياسي من خلال آليات المشاركة السياسية المعروفة. الديمقراطية التوافقية هي شكل من أشكال التعددية يطبق في الساحة السياسية، أن التعددية هي احترام وقبول الآخر المختلف وعدم التعدي على حرياته وعلى مصالحه إنما هي قيمة ونهج يتعدى الساحة السياسية ويكاد يمس كل جوانب حياة الإنسان. فهي قيمة تربوية يجب أن نقبل الآخر المختلف ونحترم حقوقه، وهي قيمة ضرورية لمجتمعنا متعدد الانتماءات الطائفية والعرقية لتتعايش كل هذه الانتماءات في إطار احترام متبادل، وهي قيمة ضرورية على الساحة الدولية وهي الرد على لهجمة الغرب الذي يريد فرض قيمه ونهجه السياسي على بقية شعوب العالم. التعددية يجب أن تسود بين الناس وبين المجموعات الإثنية وبين شعوب العالم لكي ينتقل العالم من ساحة الصراع والتناحر والانفصال إلى ساحة الوفاق والتعايش والتكامل. الديمقراطية التوافقية تتطلب أن يكون هناك توافق عام بين مكونات المجتمع وتنظيماته السياسية، بمعنى إذا كان الحديث عن تشكيل السلطة التشريعية من خلال صناديق الاقتراع فإن البرلمان يقوم على كتل برلمانية قوية قادرة على تمثيل الأكثرية والأقلية في الوقت نفسه، وهو ما يتطلب اعترافاً متبادلاً بين كافة المكونات تجاه بعضها البعض، وأن يكون هناك اتفاقاً عاماً على أساس البرامج السياسية والأهداف المشتركة الجماعية العامة. إن السهولة النسبية في طرح التوافقية تجعل من استمرار النظام الديمقراطي أوفر حظا. ويمكن لهذه الحجة أن تستخدم كرد نهائي على مختلف التهم المتعلقة بالصفة الديمقراطية الناقصة للديمقراطية التوافقية, فعندما يسود الشعور بأن مواطن الضعف هذه قد أضحت متزايدة الكلفة، ولاسيما عندما تعتبر متناقصة الضرورة لأن المجتمع قد أصبح أقل تعددية، فلن يكون من الصعب أن ينتقل المجتمع من نظام توافقي إلى نظام ديمقراطي تنافسي. وإذا كان ما يؤخذ على الديمقراطية التوافقية هو عدم وجود معارضة أصلا أو وجود معارضة ضعيفة فإن هذا النقد غير منصف لأنه انتقاد يعتمد على مجتمعات متجانسة وليس على مجتمعات تعددية وفي ظل الظروف غير الموازية التي تمليها الانقسامات القطاعية. تبدو الديمقراطية التوافقية مهما بعدت عن المثل الأعلى المجرد أفضل أنواع الديمقراطية التي يمكن توقع تحقيقها بصورة واقعية. ففي غياب دولة ترعى شؤون مواطنيها يمكن لهذه الانتماءات أن تتفكك، وفي دولة تعاني فيها مجموعات إثنية اضطهادا فمن المتوقع أن تتأجج هذه الانتماءات الفئوية. لذلك فمن المتوقع في ظل نظام توافقي يجعل جميع الفئات تشعر بأنها مشاركة في الدولة, أن تتراجع هذه الانتماءات كلما تطور هذا النظام وشعر فيه المواطنون بأنهم شركاء فعليين في الدولة. هذا بالضبط ما حصل في أوروبا في القرنين الأخيرين ابان تأسيس دولة المواطنين. حين بدأت الدولة تعطي حقا لشؤون المواطنين تراجعت الانتماءات القبلية بعد أن كانت أوروبا عالقة في انتماءات قبلية وحروب قبلية على مدار قرون. التقارير السياسية في الدول التي تتمتع بنظام توافقي تؤكد بأن إعتراف الدولة بحقوق الأقليات في إطار هذا النوع من الديمقراطية قد زاد من شعور هذه الأقليات بالانتماء للدولة وحول الانتماءات الفئوية إلى انتماءات ثانوية. وعليه فالفرنسي في سويسرا أو بلجيكا مثلا يشعر بانتمائه لسويسرا أو لبلجيكا أكثر مما كان يشعر به قبل تطبيق الديمقراطية التوافقية. لقد تطور الفكر السياسي الديمقراطي التوافقي تجاه الاعتراف بالحقوق الجماعية والإدارات الذاتية لأصحاب الهويات المتعددة (العرقية والمذهبية والطائفية) ، وذلك منعاً لاستبداد الأغلبية بالأقلية من جهة ، وقطع طريق التأثير الخارجي على الشأن الداخلي من جهة أخرى. ولكن الأخذ بها يأتي عقب الانتهاء من إرساء المواطنة الفردية وحقوقها كأساس للتعامل بين الفرد والدولة وليس قبلها (حقوق المواطنة أولاً) ، وهي الحقوق التي تُمنح وينُصُ عليها الدستور باعتبارها حقوقاً مشتقة من حقوق الفرد المواطن. ان مفهوم الديمقراطية والشروط الضرورية لتوفرها والانتقادات الموجهة للنظام الديمقراطي رغم انه أحسن أسلوب للحكم موجود لحد الآن فيما إذا طبق تطبيقا سليما وكانت الآليات الانتخابية والديمقراطية تعمل في ظروف جيدة، لا يشوبها ما يشوب الديمقراطيات حاليا والتي يكون الاعتراض على الإجراءات المتخذة من أجل الوصول إليها سمة بارزة وبالأخص في دول العالم الثالث، دون إغفال ما يوجهه الباحثون والدارسون لهذا الأسلوب في الحكم حتى في الدول المتقدمة، وفي جميع الحالات وأياما كان الأمر فان الغرب أو الدول المتقدمة عرفت كيف تجتاز الصعوبات الطبيعية في طريق تحقيق الديمقراطية.وهذا ما جعل الباحثين في موضوع الديمقراطية يرون ان ما يحدث من اضطرابات واعتصامات ومظاهرات في هذه المجتمعات هو نتيجة لما يعتري هذه الديمقراطية من نقص، والواقع انه حسب ما يترائا من خلال المشاكل التي تعرفها الديمقراطيات وحتى العريقة منها لا مناص من البحث عن آلية جديدة للحيلولة دون هدر حقوق الناخبين الذين اختاروا رأيا لم يحظ بأكثرية ولو بسيطة مثل الرأي الآخر، بل إننا نشاهد اليوم في القضايا الكبرى والشائكة غالبا ما يلتجئ المسؤولون إلى محاولة توجيه الرأي والمواقف حولها عن طريق التوافق بين مختلف الآراء وهكذا فربما لن يمر وقت طويل حتى تكون قاعدة التوافق أصلا من الأصول الأساسية لتحقيق الديمقراطية التي تراعي مختلف الآراء والاتجاهات داخل المجتمع أو المؤسسات المجتمعية من أحزاب وهيآت وجمعيات مجتمع مدني.
وتشير الديمقراطية الداخلية في الاحزاب السياسية ، والتي تعرف ايضاً بديمقراطية الاحزاب، الى مستوى واساليب اشراك اعضاء الحزب في صنع القرار وتداوله ضمن الهيكلية الحزبية. وعادةً ما تُعرف الديمقراطية الحزبية الداخلية بانها تغذي التنافس الحزبي للمواطنين و / أو انها تخلق ممثلين أكثر مقدرة ، والتي بدورها تضمن ان الحزب سيكون قادراً على خلق سياسات وبرامج سياسية أفضل. ولغرض تعزيز الديمقراطية الداخلية للاحزاب ، تبنَّت عدد من البلدان استراتيجيات عمل ايجابية في تشريعاتها على شكل حصص مقاعد قانونية. وهذا يعني ان نسبة معينة من المرشحين الذين تمت تسميتهم و / أو الممثلين المنتخبين من كل حزب عليها التقدم بمجموعات وفق النوع الاجتماعي والاقليات العرقية والمجموعات الاخرى. وحصص المقاعد الاكثر شيوعاً هي المقاعد القانونية للنوع الاجتماعي والتي تحدد النسبة الادنى للمرشحات أو الممثلات من النساء التي يحتاجها الحزب لتقديمها للقيادة و / أو الترشح. ومع هذا فان الاحزاب السياسية قد يكون لها في بعض الاحيان سلوكاً داخلياً ديمقراطياً جرى تنظيمه أو إنفاذه بحقهم – من خلال قوانين انتخابية او دستورية على سبيل المثال – وعلى الاغلب هو ان توجيهات الحزب وضوابطه هي التي تحدد مدى الاهمية التي ينبغي ان تكون عليها الديمقراطية الداخلية.
وفي أغلب البلدان الديمقراطية هناك جماعات ضغط تستخدمها الأحزاب السياسية أو بالعكس. وهذا الشكل من العمل الديمقراطي جاء نتيجة للتراكم الكبير لأساليب العمل الديمقراطي بغية إشراك أكبر عدد من قطاعات المجتمع في النشاط السياسي المباشر وغير المباشر لتحقيق المطالب الاجتماعية. إذا تم ربط جماعات الضغط بالحملات العامة القوية، فإن هذه الجماعات تصبح أكثر فاعليةَ؛ وقد تزيد من احتمالية استجابة السياسيين للقيام بعمليات الإصلاح إذا طالب بها العامة. ولدى هذه الجماعات اهداف مشتركة أو مصالح مشتركة يخططون لها ويدافعون عنها بما تيسر لهم من وسائل دفاع، وان هذه الاهداف وهذه المشاريع والمخططات اما ان تكون علنية واما سرية، فهم يسعون الى الضغط على هيئات السلطة في الدولة لكي تتخذ قرارات ترعى مصالحهم أو أهدافهم المشتركة وتعجل من تنفيذها والحصول عليها، وخير مثال هي جماعات الضغط المتمثلة بـالنقابات والاتحادات والجمعيات والنوادي السياسية والكتل البرلمانية والاقتصادية والشركات وغيرها إذ تلعب النقابات دورا هاما في المسائل التي تهز الأمة، وهذه الظاهرة موجودة في كل دول العالم ذلك أن نشاط النقابات يهدف إلى أبعد من مجرد تحقيق مصالح أعضاء النقابة فقط بل إنه يذهب إلى مدى أبعد من ذلك ويرمي إلى تقدم المجتمع وتحقيق مصلحة الدولة كلها, وتملك هذه الجماعات بحكم تخصصها وتمارسها بمهامها وسائل الوقوف على البيانات والاتصال بالجهات الموثوق بها واهل الخبرة في مختلف الوان المعرفة، من ثم يسهل على الحكومة دراسة مشروعات القوانين المقترحة واحسن الطرق لتنفيذها يضاف الى ذلك ان الجماعات اكثر تاثرا بالقرارات الحكومية من الافراد واقدر منهم على استثارة المعارضة السريعة الفعالة تجاه القرارات الحكومية المجحفة بحقوق الافراد والضارة بالمصلحة العامة. جماعات الضغط السياسي هي جماعات ذات مصالح سياسية بحتة تعمل على أن تكون لها علاقات دائمة مع رجال السلطة و تمارس الضغط بشكل مستمر للحصول على المزيد من الامتيازات مثل اللوبي اليهودي في أمريكا.أما جماعات الضغط شبه السياسية , مثل نقابات العمال و الاتحادات المهنية تستعمل النشاط السياسي كوسيلة لتحقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية. بالإطلاع على عدد من تعريفات جماعات الضغط نجد ان لا اختلافات كبيرة بينها وبين تعريف الحزب السياسي، إذ نستطيع التوصل إلى انها تعني ايضاً وجود مجموعة من الأفراد مجتمعين في تنظيمٍ معين على اساس مبادئ وقد تكون مصالح مشتركة لأجل تحقيق اهداف مشتركة في إطار قانوني، في هذا التعريف يُلاحظ ان لا فرق بين جماعات الضغط والحزب السياسي سوى من ناحية سعي الحزب إلى السلطة وعدم سعي الجماعة لها، تسعى جماعات الضغط للضغط على الحكومة, علماً ان بعض البلدان تحوي جماعات اكثر تأثيراً من الأحزاب السياسية وخاصة جماعات الأقتصاد القوي.
وبداية الأحزاب كانت ذات نشأة برلمانية ،و جاءت نتيجة لثورات قادتها الأمم من أجل التعبير عن خياراتها و مشاركتها في الحكم و التخلص من الاستبداد ، و كان لكل ثورة أو مرحلة من مراحل تطور المجتمعات ، خاصة على المستوى الاقتصادي دور بارز في بلورة التشكيلات السياسية التي عرفت فيما بعد بالأحزاب السياسية ، فببروز هذه الأخيرة بشكل واضح أدى إلى ما يعرف بالديمقراطية التمثيلية التي من خلالها يُعطى الموطنون وكالة للبعض منهم عن طريق الانتخاب لممارسة السلطة نيابة عنهم ، و هذا يُعَبِّر عن تطور كبير في الديمقراطية ، فسابقاً في العصر الإغريقي كانت هناك جمعيات سياسية تمثل طبقات اجتماعية معينة –نبلاء-أرستقراط وهو ما أدى لإفراز الديمقراطية المباشرة المقتصرة على الطبقات العليا فقط من المجتمع دون باقي الطبقات ، لكن ومع تطور المجتمعات و توسع الطبقة البرجوازية ، و تطور النظام الليبرالي و السماح بالحرية أدى لبروز تشكيلات متعددة ساهمت في ظهور ما يعرف بالديمقراطية الليبرالية ، التي فعلتها الأحزاب ذات النشأة الداخلية البرلمانية ،ومع بروز الفكر الاشتراكي أدى إلى ظهور الأحزاب الاشتراكية التي تنادي بالديمقراطية الاقتصادية و الاجتماعية أي ان لا يكون المواطنون أحراراً إلاّ إذا توافقت مشاركتهم في السلطة بنشاط السلطة نفسها ،يرمي إلى تحريرهم من التفاوتات الاقتصادية و الاجتماعية ، و تتمثل في مجموعة الإجراءات الرامية لتصحيح كل ما هو نظري في الديمقراطية الليبرالية عن طريق تدخل الدولة ، هنا وجود حزب واحد مسيطر على النظام أدى إلى بروز نوع أخر من الديمقراطية. وواقع الحال أن الأحزاب تضطرّ إلى مواجهة التطوّرات السياسية سريعة التغيّر والتي يصعب حتى على أكثر المنظمات السياسية صلابةً التأقلم معها. فوتيرة التغيير السريعة زادت من عجز الأحزاب عن وضع برامج بعيدة المدى، وتشكيل هوية متّسقة، والتميُّز عن منافسيها. وإذ يطالب المواطنون بردودٍ مباشرةٍ على التطوّرات التي تحصل، تشعر الأحزاب بأنها مضطرّة إلى التعبير عن آرائها في مايتعلّق بالأحداث يوماً بيومٍ، حتى حين لايصبُّ ذلك بالضرورة في مصلحتها. على سبيل المثال لا الحصر ، أحد الأحزاب المصرية قال إنه ينشر مايعادل بيانَين رسميَّين كل يوم، ومع ذلك لايزال يُنتَقَد لبطء استجابته للأحداث.
فالحزب الديمقراطي يحتاج إلى أن ينتهج الديمقراطية والشفافية داخل الحزب عن طريق إجراء انتخابات دورية تُمَكِّن الأعضاء من اختيار قادتهم على المستويين المركزي والوطني وعلى مستوى المحافظات بكل حرية واستقلالية وكذلك ينبغي أن يتخذ اختيار القياديين المرشحين لمناصب عامة طابعاً تشاركياً أكثر لجهة إشراك أعضاء الحزب في هذه العملية . أن ضعف الممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية يؤدي إلى إفراغ العملية الديمقراطية من محتواها وبالأخص في مسألة اختيار القيادات الحزبية , فلا يمكن للأحزاب السياسية أن تؤدي دورها في ترسيخ المبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة إذا كانت لا تؤمن بهذه المبادئ ولا تعمل على تجسيدها. وكذلك دور الأحزاب في تنفيذ السياسة العامة من خلال مشاركتها في السلطة التنفيذية وحجم هذه المشاركة. أضافة الى ذلك معرفة دور الأحزاب في عملية تقييم السياسة العامة، لأن التقييم الفعَّال و الموضوعي والحقيقي يُعدّ أساس نجاح السياسة العامة في تحقيق أهدافها.
ان الدور الذي تقوم به الاحزاب يختلف اعتمادً على طبيعتها، والقوانين الخارجية التي تحكم الطريقة التي تعمل بها وتتواصل مع بعضها البعض. ان الطريقة التي تُنَظَّم بها الاحزاب السياسة، والآلية التي تستخدمها، تختلف بصورة كبيرة من دولة الى دولة، وتعتمد إلى حد ما على التقاليد المحلية والثقافية. ويُعد شكل النظام الانتخابي ، من اكثر الامور تأثيرا، اضافة الى الادارة التي يمكن استخدامها في تنظيم الاحزاب السياسية. الأحزاب السياسية هي مؤسسات ذات طابع جماعي تنظيمي تساهم بصورة غير مباشرة في التأثير على مراكز القرار السياسي ,و حرية تشكيل الأحزاب السياسية تستند في وجودها إلى حرية الرأي التي تُعد الأساس لسائر الحريات الفكرية. وبما أن الأحزاب السياسية جزء لا يتجزأ من النظام الديمقراطي والأنظمة السياسية للدول ، فإن التحديات التي تواجه الأحزاب السياسية يجب أن تُرى في السياق الأوسع للنظام السياسي العام. ويعتمد وجود الأحزاب السياسية على قدرتها على تعبئة الناس والفوز في الانتخابات. لذلك ينبغي التفكير على المستوى الشعبي لتحسين وتطوير الأحزاب السياسية في أنشطتها اليومية ، وعلى المستوى النظامي – مما يعكس النظام السياسي والديمقراطي ككل. وقد بينت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الأحزاب السياسية هي شكل من أشكال التنظيم الضروري لسلامة الأداء الديمقراطي ,كما ذكرت المحكمة أنه: “يكمن في طبيعة الدور الذي تؤديه الأحزاب السياسية٬ وهي الكيانات الوحيدة التي يمكنها الوصول الى السلطة، قدرتها كذلك على التأثير في مجمل أنظمة الحكم في بلدانها فبمقترحات النموذج المجتمعي الشامل التي تضعها بين أيدي الناخبين وبقدرتها على تنفيذ هذه المقترحات عند وصولها الى السلطة , وقد تتمايز الأحزاب السياسية عن غيرها من المنظمات التي تسهم في الساحة السياسة وصفت المحكمة الأحزاب السياسية بأنها تضطلع بدور أساسي في ضمان التعددية وسلامة الأداء الديمقراطي. يشكل التراث الفلسفي والسياسي للفكر الليبرالي الكلاسيكي الغربي، والفكر الماركسي سواءُ بسواء، سلسلة متصلة من الحلقات بعضها ببعض، على مستوى الفكر الإنساني، على الرغم مما قد تجد بينهما من تناقضات ومفارقات غاية في الجذرية والعمق، السلطة المرجعية المعرفية والنظرية والايديولوجية والثقافية، في تعريف ومفهوم الحزب بالمعني الحديث، عبر المراحل والمحطات، التي قطعها في سيرورته وتطوره، وفي ارتباطه بالسلطة. و الفكر الماركسي يرى أن الحزب السياسي ما هو إلاّ تَعبير سياسي لطبقة ما وبالتالي لا وجود لحزب سياسي دون أساس طبقي حسب المفهوم الماركسي ,وهذا استبعاد واضح من فضاء الحزبية للأحزاب الأخرى التي لا تقوم على أساس طبقي.
وهنا لا بد من التأكيد على أنه إذا كانت الديمقراطيات الغربية لم تأخذ البعد المؤسساتي إلاّ بعد الثورات التي عاشتها الدول الغربية (بدءاً بالثورة الإنكليزية سنة 1688 مروراً بالثورة الأمريكية سنة 1765 وصولاً إلى الثورة الفرنسية سنة1789 ( والتي أرَّخَت للصراعات الاجتماعية الطبقية، وجعلت الدولة في هذه الأقطار تتحول من دولة الأمير إلى دولة المؤسسات مع ضمان الحريات العامة والخاصة، فإن الديمقراطية الحديثة على العكس من ذلك تتميز بقدرتها على استيعاب التحولات السلمية. غير أنه إذا سلَّمنا بحتمية التغيير السلمي فإنما يجب التسليم به أيضا هو أن أي نظام يصبو إلى الديمقراطية مجبر على احترام المعايير والمبادئ . ومن القضايا الرئيسة لضمان الديمقراطية الداخلية الحزبية هي عملية من يقرر في الاحزاب ، والكيفية التي يتأهل بها المواطنون لخوض الانتخابات البرلمانية كمرشحين عن الحزب المعني . وفيما اذا كانت مثل عمليات التسمية هذه تبدوا ديمقراطية من عدمه ، فذلك يعتمد على درجة المركزية ، اي كم من السلطة تُعطى الى الهيئات الاقليمية والمحلية وللمقاطعات والمحافظات في عملية الاختيار. وتؤخذ درجة المشاركة في عملية التسمية بالاعتبار ,فكلما ازداد عدد المشاركين في الاختيار ، كلما ازدادات ديمقراطية العملية. ويعد نطاق صنع القرار وعدد المرشحين المتنافسين للتسمية مهم أيضاً. وأي تحول يراد به أن يكون ديمقراطياً لا بد له من الأخذ بعين الاعتبار هذه المقاييس فالتحول الديمقراطي إذن يتأسس على حقيقة الاعتراف بفشل العنف في فرض الشرعية والاستيلاء على السلطة وهي حقيقة بارزة اليوم في أكثر من بلد، ففي التجارب السياسية الحديثة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية فشل الاحتكام إلى القوة.