موضوع الجندر الذي شغل الناس كثيراً في الآونة الأخيرة وخاصة في وسائل الاعلام وللأسف عجزت جميع الطروحات في إيصال المفهوم الصحيح لمصطلح الجندر الى أذهان الناس بسبب غموض بعض الترابط بين معنى الجندر كمفردة إنكليزية وبين مصطلح الجندر كما هو مراد في تصنيف المنظمات الدولية .
الجندر ( Gender ) التعريف المدني بمعنى نوع الجنس ( ذكر أو أنثى ) فعندما يتم السؤال عن الجنس ذكر أم أنثى فهذا يطلق عليه جندر أي التصنيف الجنسي البايلوجي ، ولكن في مفهوم منظمة الصحة العالمية فقد تغيرت المعادلة لأن منظمة الصحة العالمية أكتشفت في بعض المجتمعات هناك أربعة أنواع من التصنيف الجنسي وهي الذكر والأنثى والمزدوج ( الخنثى ) وهناك تصنيف رابع يتكاثر في بعض مناطق الكرة الأرضية وتحديداً في جنوب شرق اسيا ، وهذا الصنف يسمى بال ( هيجرس ) أي أنه ذكر ولكن سلوكه الاجتماعي أنثوي ، أو إنها أنثى ولكن سلوكها الاجتماعي ذكري وفي تلك المجتمعات تحديداً هناك احترام لسلوكية الذكر عندما يتصرف أنثوياً وسلوكية الأنثى عند تصرفها ذكورياً ويعامل هذا الإنسان على اساس سلوكياته وليس على أساس تركيبته البايلوجية ، فأعتبرت منظمة الصحة العالمية هذا التصنيف هو الاساس للجندر ، أي أن التصنيف يبنى على أساس التقليد الثقافي والسايكلوجي المعمول في المجتمع وليس فقط التركيبة البايلوجية ، طبعاً ظهرت تصنيفات ثانوية اخرى ولكن ليس من قبل منظمة الصحة العالمية لذلك لا نخوض في تفاصيلها . تقرير المنظمة الدولية سبب ارباك للدوائر العلمية والدوائر السياسية والمنظمات الإنسانية والاجتماعية في نفس أروقة منظمة الأمم المتحدة مما دفع بعض الأحزاب السياسية وبعض الحكومات بالأسراع الى أعتبار المثلية الجنسية هو توافق علمي مع تقارير منظمة الصحة العالمية فأخذت تروج إعلامياً للمثلية الجنسية ، فيما رأت بعض الحكومات والأحزاب العكس وأعتبرته تدميراً للقيم المجتمعية ، فقد جاء في التقارير العلمية أن الطفل يمكن ان يحدد سلوكه الانثوي او الذكري بغض النظر عن تركيبته البايلوجية منذ عمر أربعة سنوات لذلك سارعت الإدارة الأمريكية المتمثلة بالحزب الديمقراطي بقيادة جو بايدن الى محاولة فرض إدخال ثقافة المثلية الجنسية وقانون تحديد الجندر الى مدارس الأطفال الابتدائية لكن هذا الطرح واجه معارضة شديدة من الحزب الجمهوري الذي يعتبر أن القبول بمبادىء منظمة الصحة العالمية يعني إنهاء الأديان من المجتمعات وكذلك يعني مخالفة قوانين الرب وكذلك مخالفة للتركيبة البشرية المتوارثة ، وفي محاولة لتطبيق أولي للجندر في أحدى المدارس الابتدائية في ولاية كاليفورنيا قام اؤلياء أمور الطلبة بالهجوم على المدرسة وتمزيق كل الوثائق المتعلقة بالجندر والمثلية ، على أثر ذلك تم تعليق تطبيقات الجندر والمثلية الجنسية حتى ان علم المثليين المتمثل بألوان الطيف الشمسي تقريباً أختفت من الأماكن العامة بسبب الرفض الشعبي ، وكذلك أعتبر المعارضون لتقارير منظمة الصحة العالمية أن هذه التطبيقات ستؤدي الى إنحلال القيم الاخلاقية في المجتمع إضافة الى ان حالات الجنس الثالث ( الخنثى ) والجنس الرابع ( السلوك الاجتماعي ) هي موجودة منذ القدم وهي ليست بشيء جديد ولكنها نادرة الحدوث وليست أشياء شائعة كي يتم وضعها ضمن قوانين البلدان ، فبسبب هذا الصراع بين الرأي المؤيد والرأي المعارض أكتفت المنظمة الدولية للأمم المتحدة بعدم طرح تفسير واضح لمعنى الجندر الاصطلاحي فقط بتفسير واحد وهو ( النوع الاجتماعي ) وهذا المفهوم يتقبل تفسيرات مختلفة لمفهوم الجندر ، بذلك تستطيع الدول والحكومات التعامل مع هذا المفهوم بشكل أكثر علمية .. من حق الحكومات والمنظمات والاحزاب اعطاء تفسير أكثر مرونة عند التطبيق لمفهوم الجندر دون الخضوع لمتطلبات المنظمات الدولية ، وعلى ضوء تطبيقات النوع الاجتماعي يمكن لجميع الأجناس الحصول على رعاية اجتماعية وقانونية متساوية وبدون تمييز ، بذلك تخرج المسألة من الرهانات السياسية وتبقى في حدود المفهوم العلمي و القانوني .
تم أعطاء الجندر رمز الحلقتين المترابطتين ، الحلقة الأولى حمراء اللون تنتهي بصليب الى الاسفل وترمز للأنثى وسميت هذه الحلقة بكوكب الزهرة وهي متداخلة مع حلقة زرقاء اللون تنتهي بسهم الى الاعلى وترمز للذكر وسميت بكوكب المريخ ، وتم اعطاء لكل نوع من انواع التصنيف الجنسي خارج المنظمة الدولية رمز وشكل . . بشكل عام وبشكل مختصر فأن التحولات الكبيرة في المواقف الدولية والاممية جاءت في السنين الأخيرة بسبب التقارير النهائية لمنظمة الصحة العالمية التي سببت هذه الضجة وبسبب الاستخدام السلبي لمفهوم الجندر من قبل الاحزاب اليسارية في العالم وتوظيفها في أجنداتها السياسية إضافة لغايات مجهولة لقوى الدولة العميقة في كل أنحاء العالم ، تحولت قضية الجندر من موضوع علمي و قانوني الى قضية سياسية وقضية آيدلوجية عقائدية مما استدعى تدخل الدين والتراث والعادات الاجتماعية في أكبر فتنة أجتماعية من نوعها في تأريخ البشرية ، فهي كلمة حق يراد بها باطل ، كلمة حق لأنها تطالب بالحقوق الاجتماعية والنفسية والقانونية لكل اصناف البشر بلا تمييز ، ويراد بها باطل من خلال تعظيم الموضوع خارج الاطار الاخلاقي للمجتمع وربطه بالاجندات السياسية للحكومات والاحزاب حول العالم في مسألة يمكن بالأساس حصرها بالعلم والقانون .