الثقافة تبدأ من حيث ينتهي الجهل ، ولكن نقطة العبور الفاصلة للإنتقال من الجهل الى الثقافة هو النقد ، لا ثقافة بلا نقد ولا قيمة للنقد مالم يكون النقد علمياً ، ولا طعم للنقد العلمي مالم ينقل الإنسان من حال الى حال . النقد بمعنى اعطاء العقل حقه ومكانته ، إذا قلنا الارض يحيها المطر ، فأن العقل يحيه النقد ، تعليم الطفل وتدريبه على النقد بمعنى إحياء كيانه كإنسان ومنحه القوة والثقة بالنفس ، قد يتصور أعداء الثقافة النقدية بأن النقد حالة يتشبث بها الملحدون ، وهي مخالفة للدين . ففي القرآن الكريم هناك رد على هذا الكلام ، هناك تدريب على النقد في آيات كثيرة ، منها نقد الملائكة للرب على خلق الإنسان ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) هذا تدريب على النقد من قبل الخالق . ومنها ايضاً نقد موسى ع للرب ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ، أن هي إلا فتنتك ..) هذا هو نوع آخر من التدريب على النقد لكن للأسف لا أحد يأخذ بها والسبب هو أن النقد يفضح السرائر ويكشف العيوب ، بمعنى أن الرب يريدنا أن ننقد ونتعلم النقد ولكن وكلاء الله في الارض يحرموه علينا ،،، المجتمع الذي تموت فيه الثقافة النقدية تموت فيه الثقافة والعلوم كلها وتحيا فيه الجهالة والخرافة ، هذه المعادلة الغائبة عن عقول الناس .
كيف ننظر للنقد ولماذا للنقد أهمية ؟ النقد بالنسبة لصاحب الاختصاص كالطبيب والمهندس والعامل والميكانيكي جزء مكمل لعمله لأن دراسته العلمية الاكاديمية تمنع عنه قبول الافكار العشوائية في عمله فينتقدها ويرفض قبولها ، ويتعامل مع الأفكار العلمية المثمرة فقط ، أما النقد في الحياة العادية بعيداً عن الاختصاص فهي وقاية للعقل من قبول الأفكار المنحرفة وبنفس الوقت تشخيص الاخطاء وتصحيحها . بذلك يمكن تعريف النقد هو وعي عالي للتصحيح والتعديل ورفض الشوائب في الكلام والفعل . بمعنى عملية غربلة الكلام والاشياء لفحصها وتمحيصها لإزالة الشوائب منها هذا هو النقد كتعريف لغوي ، أما لماذا للنقد أهمية ؟ أهمية النقد تأتي بسبب أن التطور المجتمعي مقرون بالنقد ، فالقول المأثور من لا يعمل لا يخطأ ، ومن يعمل يخطأ ، عملية تصحيح الخطأ المتولد نتيجة العمل ودراسته وعدم تكراره هذا هو واجب النقد ، ولا يصحح الخطأ الا من له دراية في الامور بمعنى ليس الجميع لهم القدرة على النقد إلا من لهم الدراية والمعرفة بخلفيات الامور .
المرأة التي تمتلك عقلية نقدية ، فأن بيتها نظيف وملبسها انيق وشخصيتها فيها العفة والرزانة ، ولها القدرة على صناعة عائلة نموذجية ، والرجل الذي يمتلك عقلية نقدية ، فأن شخصيته هادئة وكلامه دقيق ، يتصرف بثقة عالية ولا يكرر ما قاله الآخرون ، ولا ينقاد لغيره وهو من العقلاء بلا أدنى شك ، وجوده في المجتمع إضافة كبيرة لكفة الخير ، أما المجتمع الذي فيه الثقافة النقدية متداولة في التعامل اليومي بين الناس ستجد في هذا المجتمع الفن الراقي ، الرياضة المتطورة ، القانون المتسيد المحترم من قبل الجميع ، المسؤول يشعر بأنه مواطن عادي يعمل على خدمة المجتمع ، الطفل له قيمة عليا ، المخالفات المجتمعية قليلة ، حقوق الإنسان وكرامته لها أولوية ، هذا هو النقد وهذه هي أهمية النقد وهذا هو السر الذي يدفع المثقفون في كل مناسبة التأكيد على أهمية النقد وضرورته ، ودائماً ما تجد صاحب العقلية النقدية العلمية يتمنى ويسعى أن تنتشر هذه الثقافة بين الناس لكن المعترضين سيبقون يقاتلون بما أتوا من قوة لمنع أنتشار العقلية النقدية وحجبها ، لأنهم يبغونها عوجا .
يا استاذ الكريم. كل ما تفضلت بة صحيح. و الله جميل و خلق الجمال و يحب الجمال و لكن بنسبه رجال الدين لا يفهمون شي من الدين و لا من كلام اللة و لا يريدون النقد و يريدون انسان يظل في جهل و يتحكمون بعقول الناس و النقد يفضحهم . و حتى السياسين و هم نسف النسخه و . و لكن ألناس أيضا لهم ذنب فلماذا لا يتعلمون و يخرجو من الجهل و العلم ليست فقط ياتي من المدرسه . و لك تحياتي
السيد Marvin
تحية وتقدير ، كلامك جداً صحيح وواقعي ، ولا نختلف في الرأي شكراً لمتابعاتك الطيبة