ظاهرة هبوط مستوى المقالات ظاهرة مقلقة ، أنتشرت عند معظم الكتاب والسبب بالأساس تكرار نفس المواضيع وعدم وجود أفكار متجددة ، الذين تعودوا نقد الواقع أصبح نقدهم ممل ومقرف وبعضهم أخذ يتجاوز خط اللياقة الاخلاقية ، أما الذين يقومون بتحليل أحداث تعجز مراكز الدراسات البحثية من تحليلها ، يجلس في مقال مبسط يحلل الموقف والحدث ويعطي النتائج مقدماً وكأنه كان جالساً في دوائر صنع القرار . ليس المثقف من يدافع عن شخص او فئة أو جهة في كل المواقف ، إنما المثقف من يدافع عن الأعمال أو الأفعال الطيبة المشهودة والتي تصب في خدمة المجتمع بغض النظر عن فاعلها ، هذه لا تسمى ثقافة أن تدافع عن ذات الشخص أو الجهة . بما أنني أستطيع الكتابة وأستطيع النشر ، هل أصبحت كاتباً مثقفاً ؟ العبرة ليست بالكتابة والنشر ، العبرة بمن يقرأ ، هل أعداد القراء في تزايد أم تناقص ؟ أكيد أعداد القراء في تناقص ، لو كان أعداد القراء في تزايد لتركت المقالات بصمتها على حياة الناس و لتغير المجتمع نحو الأحسن ، وهذا مالم نلمسه . قصاصة ورق من زعيم روحي تحرك الملايين من الناس ، والاف المقالات من الكتاب والمثقفين لا تحرك العشرات وليست المئات من الناس . أية ثقافة هذه التي لا تحرك العشرات ؟ هذه ليست ثقافة وإنما يخيل لكتابها أنها ثقافة .. قد يقول أحدهم العيب في المجتمع الذي يتقبل الجهل ولا يتقبل العلم والثقافة ، نعم قد يكون المجتمع فيه هذا العيب ، من يصلح هذا العيب ؟ إذا عجز المثقف عن أصلاحه فالعيب بمثقفي ذلك المجتمع ؟ يقولون أن القائد التأريخي فلان أبن فلان كان قائداً عظيماً لكن أعداءه أفشلوه . أقول أن جزءاً من نجاح أي قائد في عمله وقيادته هو الانتصار على أعداءه وعلى من يقف بالضد من قيادته أولاً ، فإذا فشل في الخطوة الاولى فهو فاشل من الأساس .وكذلك المثقف الذي يعجز عن إيصال الأفكار الصحيحة إلى عقول الناس فهو ليس بمثقف وليس بكاتب ، والفاشل دائماً يحمل مبررات فشله في جيبه . كان نيلسون مانديلا يكتب لشعبه مقالات وهو في السجن ، لم يجدوا له مقالاً واحداً أكثر من خمسة أسطر ، بضع كلمات كانت تحمل وزن الف مقال ، هذه هي الثقافة لأن تلك الكلمات كانت تخرج من قلب موجوع على شعبه ومجتمعه ، فتؤتي ثمارها . نعم نحن بحاجة إلى الكلمات الصادقة التي تخرج من قلوب موجوعة ، فهي كالمطر تنزل على قلوب الناس الطيبين لتحييها وكالسهام تنزل على قلوب المتسلطين الفاسدين لترعبها .
قد يتجه أحدنا لقراءة مقال أعجبه العنوان المغري الجذاب ، وفجأة يرى نفسه غير قادر على تكملة المقال حتى النهاية لتشتت الأفكار ، مثل هذه المقالات تصلح للعرض فقط وليست للإستهلاك ، أنا لا أبخس مقالات بعض الكتاب التي هي بقيمة الذهب ولكن للأسف نتحدث هنا عن الأغلبية ، مقالات ذات مستوى هابط وتستحق أن تدخل ضمن قائمة المحتوى الهابط .
كاك كامل سلمان المحترم
تحية
للاطلاع:
“إن القراءة تُشبه إستنشاق الهواء، بينما تُشبه الكتابة عملية الزفير.
Reading is like breathing air, while writing is like exhaling.”
محمد توفيق علي
السيد محمد توفيق علي
دائماً إضافاتك ذات قيمة وجمالية للمقال ، تحياتي وأمتناني