قبل ان نبدأ قراءتنا لقرار المحكمة الدولية الأخير والخاص في شكوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يحدث بواسطة الكيان الصهيوني ضد شعبنا العربي على ارض دولة فلسطين المحتلة علينا في البداية ان نشكر بكل تأكيد مع كل المحبة دولة جنوب افريقيا وأيضا دولة نيكاراغوا على عروبتهم التي فقدها “البعض” في هذا الصراع بين الخير والشر والذي يحدث على ارض دولة فلسطين المحتلة، فلهم كل التحية والتقدير وسلاما على “العروبة” التي عاشوها، وللمتصهينين “العرب” الخزي والعار في الدنيا ومكانهم في الاخرة هو جهنم وبئس المصير.
على الرغم من أهمية صدور مثل هذا القرار الا انه جاء مخيبا للأمال حيث لم يدعوا صراحة الى وقف العمليات العسكرية الصهيونية على قطاع غزة المحاصر أساسا منذ أكثر من سبعة عشرة سنة.
ان قرار محكمة العدل الدولية ليس كافيا لتحقيق العدالة للعرب وهو ظالم لهم وبكل الأحوال ليس فعالا وان على فرض انه هذا القرار على كل مساوئه تم تصعيده ورفعه الى مجلس الامن فأن الفيتو الشيطاني الأمريكي في الانتظار ليسقطه ويشطبه من الحركة على ارض الواقع، ان الأمم المتحدة مع مؤسساتها كان عليها في الأساس احترام قراراتها السابقة الصادرة منذ خمسة وسبعين عاما ؟!، والتي هي أصلا كانت “ظالمة” للعرب، فبل ان نقتنع بأننا ك “عرب” نستطيع الانطلاق مما يسمى “شرعية دولية؟” لنصرة قضايانا.
في الأساس الأمم المتحدة اذت واساءت للعرب وظلمتهم عندما أطلقت “قرار التقسيم” لدولة فلسطين، والتي كان من المفترض انها “دولة عربية تحت الانتداب البريطاني” أي انها في طريقها للاستقلال السياسي حسب القانون الدولي.
حيث قام قبلها “الاستعباد” البريطاني وضرب في عرض الحائط “القانون الدولي” وتحرك في تغيير حقائق الأرض الفلسطينية السكانية والتجارية والأمنية والإدارية بما يخدم الأجانب اليهود الغرباء القادمين من الخارج، وكذلك نقل اليها قوات عسكرية من فرق صهيونية، وأيضا قبلها فصل بادية فلسطين “الصفراء” عن مدنها الأساسية “الخضراء” لكي يرتب ويهندس انشاء الكيان الصهيوني.
اذن تحت شعار “الشرعية الدولية” تم تقسيم فلسطين أكثر من مرة وتراكمت بعدها قرارات أكثر ظلما وعدوانية، وهذه كلها قرارات لم تطبقها الأمم المتحدة؟ ولم يلتزم بها العالم، ولم ينفذها على كل ما تحمله من ظلم وانعدام عدالة وسرقة واضحة مفضوحة لأراضي العرب وطرد السكان الأصليين من أراضيهم ليكونوا أكبر لاجئين في التاريخ بعد طردهم عسكريا من أراضيهم ومنازلهم وعمل الابادات الجماعية في قراهم ومدنهم المحتلة.
لماذا علينا ك “عرب” الوجود والتواجد في هذه المنظمة؟ والتي كان تواجدنا فيها يسمح لهم في اصدار قرارات ظالمة ضد قوميتنا العربية وهي قرارات تسرق أراضينا وتعطيها للأجانب اليهود الغرباء القادمين من الخارج؟
ان الأمم المتحدة أنشأت دولتين في العام 1948، الأولى مصطنعة سرطانية بدون جذور على الأرض تمت تسميتها ب “إسرائيل” ودولة فلسطين؟ وهي نفس المنظمة تعترف رسميا بما هو اصطناعي غازي خارجي أجنبي صناعي سرطاني ك “دولة” و”لا” زالت منذ ذلك التاريخ الى اليوم “لا” تعترف ب “دولة فلسطين!؟” الأخرى التاريخية؟ الحقيقية الضاربة في عمق الزمان والجغرافيا ؟! اين هو اذن قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة من التطبيق؟
لماذا العرب لا زالوا في هذه المنظمة؟ لماذا نسمح لهم من خلال تواجدنا ووجودنا فيها في تقديم “الغطاء القانوني” لشرعنة الظلم ضدنا؟ ماذا استفدنا ك “عرب” منها؟
ان كل القرارات مسيسة؟ وموجهة وحتى قرار المحكمة الدولية الأخير “لا” يوجد إلزام في تنفيذه على كل علاته ومساوئه؟ حيث ليس هناك اليات لذلك؟ ولن يطبقه أحد؟ ف “كيف؟” على سبيل المثال ستدخل المساعدات الى غزة في ظل القصف المتواصل على كامل جغرافيا قطاع غزة؟ كيف سيتم إيقاف القتل العنصري الشرير والإبادة النازية ضد البشرية الحاصلة هناك؟ كيف ستتم محاسبة الكيان الصهيوني؟ علينا ان نتذكر قرار اخر لجمعية الأمم المتحدة في اعتبار الحركة الصهيونية حركة “عنصرية”؟ ورغم ذلك فأن الحركة الصهيونية متواجدة على كامل الجغرافيا الامريكية والأوربية وهناك ايضا منظمات ومؤسسات وجهات “رديفة” عددها بالعشرات تابعة للحركة الصهيونية الدولية وهذه الأخيرة لديها كيان اداري عسكري أمنى استخباراتي مقام على ارض دولة فلسطين العربية المحتلة؟ بل ان الحركة الصهيونية العنصرية ضمن قرار رسمي من الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد اقوى مواقعها التنظيمية الحركية هو في مدينة نيويورك حيث موقع الأمم المتحدة الأساسي؟ للمفارقة الكوميدية إذا صح التعبير.
اذن قرار المحكمة الدولية كذلك هو قرار بدون تنفيذ ومتناقض مع ارض الواقع و”الايجابي” فيه:
انه صنع “مرآة” ليشاهد شياطين العالم وجوههم القبيحة وحقيقتهم الابليسية امام مرآة الحقيقة.
وهؤلاء الاشرار لن تنفعهم دعايات زائفة وتضليل اعلامي امام قرار رسمي تاريخي سيظل على مدى الاجيال شاهدا على افعال شياطين الحلف الطاغوتي الربوي العالمي والحركة الصهيونية ضد الانسانية وضد مناطقنا العربية وشعبنا العربي داخل فلسطين المحتلة.
على الرغم من ان قرار المحكمة كان ب “اجماع” من خمسة عشرة قاضيا ولم يعارضه الا القاضي “الإسرائيلي” والقاضية الأوغندية فأن عدد من المراقبين يعتبرون ان ذلك انجاز كبير ؟! لأن جميع القضاة التابعين للدول الخمس العظمى صوتوا معه على العكس من مواقف بلادهم السياسية؟ وهذا يشمل أيضا القاضية الامريكية، وهناك من يقول: ان قرار كهذا لو كان متخذ قبل ثلاثين سنة لشاهدنا الاتهامات الدعائية في المعادية للسامية والبكائيات انطلقت في شكل اشد واقوى ؟!
ولكن نحن نرى ان هذا الحكم “معنوي” ليس له فائدة، على ارض الواقع وليس له قيمة، لأن الكيان الصهيوني مستمر في اجرامه في ظل دعم اعمي ب “لا” حدود” من الولايات المتحدة الامريكية الذي قرارها والسيطرة عليه ومن هو حاكم “حقيقي” لمؤسساتها من رئاسة وكونغرس و وسائل اعلام و اقتصاد وتجارة ومن هو نافذ ومتنفذ ومسيطر فيها وعليها هي الحركة الصهيونية الدولية ف “عاصمة الولايات المتحدة الامريكية هي في مدينة تل الربيع الفلسطينية المحتلة او ما يسمى ” تل ابيب” وليس واشنطن وغباء كبير و من الجهل والسذاجة الاعتماد على الامريكان ك “حكم” بين العرب والصهاينة فهم طرف مضاد لنا ك “عرب” ومن يسيطر على قراراتهم هم الصهاينة و حركتهم الدولية.
ان ما سيوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة هو اما تحرك “داخلي” ضمن الكيان نفسه او ان يزداد عدد القتلى في صفوفهم الى حد “لا” يستطيعون معه ان يتابعوا الحرب لذلك على المقاومة الفلسطينية ان تستمر وتبقى في صمودها وان “لا” تتنازل عن أي شرط من شروطها والا فأن كل ما تم تقديمه من تضحيات ودماء وانتصار عسكري في معركة طوفان الأقصى سيذهب هباءا منثورا لا سمح الله.
وكذلك ان على ما يسمي “سلطة فلسطينية” في الضفة الغربية مع سبعين ألف عسكري لديها ان يوجهوا أسلحتهم ضد الكيان الصهيوني وعلى مليونين ومائتين ألف من الفلسطينيين المجنسين إسرائيليا ان يعودوا فلسطينيين وعرب وان يتحركوا في خط مقاومة احتلال بلادهم من الكيان الصهيوني لا ان يقبلوا ان يكونوا مواطنين اذلاء مستحقرين من الدرجة الثانية، واقل الايمان هو ان يتحركون في المظاهرات والاعتصامات واغلاق الطرقات او حتى خلق زحام على الطرقات مع سياراتهم ؟! اما ان يربوا كروشهم ويأكلون وينامون وجزء من شعبهم يموت، فهذه خيانة وعار يسقطهم لمزبلة التاريخ هم وما يسمى “سلطة فلسطينية ” ولا مسمى اخر له لدينا.
ان علينا ان نعرف وندرك: الصهاينة لا يهتمون ب “أحكام قضائية” او ب “قرارات دولية” فهم عنصريين يعتقدون انهم حسب خزعبلاتهم الدينية انهم “شعب الله المختار” وذلك حسب نظرهم فهم “لا” يهتمون لأحكام صادرة من اشخاص هم ليسوا يهود؟ فليس لدينا من وسيلة الا ان ننطلق من مواقع قوتنا وان نستمر في مقاومة الحركة الصهيونية الدولية العدوة لكل ما هو عربي ولكل ما هو مسلم ولكل ما هو مسيحي ولكل ما هو انساني بشري.
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[سورة التوبة:105].
د.عادل رضا
طبيب استشاري باطنية وغدد صماء وسكري
كاتب كويتي في الشئوون العربية والاسلامية