في البداية لابد لي من الإقرار بالدور البارز للإعلام في عصرنا الحالي والذي بسط هيمنته واستطاع أن يستحوذ على وايضا أن يغطي غالبية مجالات الحياة ، وأصبحت الركيزة الرئيسة في بلورة المفاهيم وصناعة القرارات كما والتأثير في الرأي العام ، وطبيعي ووفق هذا السياق أن تتعدد سبل تواصلها – وسائل الإعلام – وتتنوع أيضا ولكن ؟ رغم كل ذلك بقيت وسائل الإعلام المرئية بشكل خاص لها الدور الأهم والمميز في ذلك حتى باتت مقولة أن من يسيطر على الإعلام فهو بالتأكيد يستحوذ على القدر الأكبر من مصادر صناعة الرأي كما والتأثير على السياسات ، وباختصار ! وفي خاصيتنا الكردية نلاحظ وبالرغم من ازدياد منسوب التوتر في ربوعنا وأصبحت كل اجزاء كردستان واحدة من البؤر الشديدة في توترها ، وطبيعي ان تستولد معها إذن زيادة في التركيز الإعلامي ومن ثم بدأ الظهور الكردي في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة أيضا ، هذا الأمر الذي أوجد خليطا من المظاهر تنوعت وفق سايكولوجية الحضور لتلكم الشخصيات من جهة وبالتالي تنوعها من مؤمن بقضيته العادلة ويرتأي الدفاع عنها بشمولية وإن إقتضى الأمر أحيانا في الخصصة اي مثلا كردستان العراق او ايران .. الخ .. وهنا تبرز الطاقات المعرفية الكامنة التي يستخدمها كل محاور ليثبت للمستمع مدى صدقية وعدالة هذه القضية ، وهذا الأمر بحد ذاته يفترض بمن يتنسم هذه المهمة أن تتوفر فيه ملكات لعوامل عدة – سأوجز الاهم فيها
– إن يتوفر لديه قوة في المنطق والحجة كما واتقاد الذهن ودقة متابعة الآخر ومخارج كلماته المعبرة ، وأن يضع نصب عينيه هدفا رئيسا لا احراز النصر سواء باهداف او ضربات قاضية ، بل التركيز وبسلالة على ضخ الجانب التعريفي بالقضية تاريخيا ومجرياتها بتطوراتها وبأسلوب سلس يجذب المشاهدين لا تحويل الشاشة الى ساحة مصارعة في خطوة شعبوية فيختلط الحابل بالنابل وتتوه فيها العناوين الهامة ، وايضا إرباكات إيضاحها أو خلطها بفوضى كلمات مبهمة غير ومفهومة ، هذا الأمر الذي يفترض – ومن جديد في خاصيتنا الكردية – عند قبول أي ناشط يرى في ذاته القدرة المعرفية كما – كارزما – الظهور في القنوات غير الكردية والذي يفترص في هذه الحالة وكضرورة : العمل على الإستفادة القصوى من الزمن ولو في الثواني الأخيرة لإيصال ما يمكن إيصاله في فسحة ذلك الفضاء المفتوح والذي قد يسمعه آلاف الناس ومن مشارب وتوجهات عديدة ، وهؤلاء بالتأكيد فيهم سويات مختلفة ولربما تكون لديهم ايضا رؤى منتقاة وملقنة أسست لديهم وجهات نظر مختلفة بعضها قد تكون ترسخت بقناعات اشتغلت عليها انظمة او قوى مهيمنة ولتطفي عليها مصداقيتها المشوهة بسبل وطرائق عديدة وتصبح ( كالطابو ) ومن الإستحالة زحزحتها أو نقضها وتغييرها إلا اللهم إذا تمكن الآخر – اقصد الكردي – وبالحجة والمنطق وبسلاسة فيجردها من طوباويتها من جهة ومن ثم ضخ الحقائق بسلاسة وهدوء وبلغة واضحة ويفضل ان يستند على معطيات مفهومة ومتداولة وإن تمكن من استعراض بعض الوثائق او أدلة واقعية فيذكرها ومن جديد بمصادرها ، أجل على اي متحدث او ناشط في المجال الإعلامي وكضرورة ألا يعتبر الإستديو والمحطة ككل مجرد ساحة مبارزة وكل يسعى ليوحي للمتابعين بانه لقن الخصم درسا لابل دروسا بقدر ما يفترض به التركيز كما الإلتزام التام بالأسس المفترضة في هكذا حالة إعلامية وذلك بعيدا عن الإنفعالية والصخب وحركات العصبية والإشارات المتوترة المعبرة عن انفعالات غير مستساغة ، هذه التصرفات تنعكس وبفظاعة وتتيه المتلقي عن معلومات قد تكون مفيدة فعلا لو ان المتحدث تمالك اعصابه من جهة وتجاهل الأسلوب الشعبي في اصول التعبير الهادئ وكغاية رئيسة وهو الدفاع عن قضيته لا – شرشحة منافسه – وهمه هنا في الأساس سيكون رفع سقف مشجعيه إن في سيرك او حلبة ملاكمة ، امتلك الحقيقة حول القضية التي تناقش وأبان ، أجل ! فعندما يتم التركيز على تقزيم المحاور الآخر على حساب إيصال بعض من نبض القضية الرئيسة ، عكس الحالات التي يبحث فيها المحاور عن أمور أخرى ، وأهمها التركيز على تقزيم المقابل وبشعبوية تخرج في كثير من الأحايين عن النقاش المفيد وتنحدر بالتدرج إلى ما يشبه السيرك بكل تجلياته وتنحدر الى ذات نمط مبارزات صراع الديكة والنقاط التي تحرج الضيف في شخصه لا نقض المعلومة وتبيان الحق المعرفي من جهة والتوثيقات الضرورية لما يقدمها ، إن أشد ما يحط من قيمة المناظرات هي تلك الإستعراضات وصرف الجهد والمعلومة كعرض عضلات لا كمفهوم يرتكز على التوثيق والأدوات الملازمة وكمثال في حوار جمعني مع تركي مخضرم وسعى بكل جهده لنفي كردستان والقضية الكردستانية ورغم كل ما املكه شخصيا من معلومات واطلاعي على وثائق وصيغ المعاهدات التي دونت ومازالت موثقة ارتأيت جرجرة ذلك المعلق وبتجاوز تكتيكي عن مخرجات ماقبل وبعد معركتي مرج دابق وجالديران وتلكم الصيغة التي توافق عليه السلطان سليم والقانوني وووو بالأمارات المستقلة وصولا الى اتفاق ١٨٦٠ وعودة او الغاء كل تلك الاتفاقات السابقة والسيطرة العثمانية الكاملة على الأراضي التي كانت تحتلها ، وبالتالي الثورات والإنتفاضات اللاحقة وصولا الى بدايات او ممهدات للرؤى التي اخذت تتبلور وسط خضم من التنافس سواء على الأولويات فيما يخص محور الدول الأوروبية والتي قادتها بريطانية ومن ثم الخلاف حول الإمبراطورية الأهم في فكفكتها ! وهل تجب ان تكون روسيا ام الدولة العثمانية ، وهنا وكحالة مقاربة ، ساسرد مثالا شخصيا حدثت معي قبل عدة سنين وفي حلقة حوارية مع تلفزيون A N B من عمان كنت ضيفا بالسكايب مع المذيعة القديرة علا أبو جاموس وكان في الإستديو الرئيسي بعمان الأستاذ تيسير الجرادات – أردني – وذلك اثناء الغزو التركي لعفرين المحتلة وطبيعي ايضا أن يكون المحور كله الغزو التركي لها ، وفي الواقع ومما تلمسته اثناء الحوار والاسئلة التي طرحت هو وجود منابر ومثقفين عرب مطلعون بشكل جيد على القضية الكردية وإن رؤيتهم تأخذ بالتصقل وتتفهم القضية الكردستانية وبالتالي
ما تعانيه أجزاء كردستان من طغيان اردوغان وعدوانية ايران يقابلها تشتتنا ككورد .. كم نحن بحاجة الى حملة علاقات عامة بعيدا عن النرجسية وجعل المنابر ساحات ترتيل الشعارات والتطبيل لسرب دون الجموع .. كل ثانية على قناة غير كردية اهم بساعتين على .. قنواتنا الخاصة كرديا وبشكل اخص المتحزبة .