يعتبر شارع الرشيد الذي يقع في وسط بغداد تحفة معمارية نادرة بني في زمن الدولة العثمانية قبل اكثر من مائة عام وهو اكثر شوارع بغداد شهرة لما يضمه من شواهد سياسية وثقافية وعمرانية وفنية وتبدل اسمه مرات عديدة ، وتقول المصادر التاريخية ان الشارع استقر على هذ الاسم في سنة 1936 حيث اطلق العالم اللغوي و المؤرخ العراقي” مصطفى جواد ” اسم الرشيد تيمنا بالعصر الذهبي للخليفة هارون الرشيد بعد ان كان يسمى ” خليل باشا جاده سي – اي شارع خليل باشا ” .. لان كلمة جاده باللغة التركية تعني الطريق او الشارع ، حيث افتتح في 23 تموز 1916 وهو يوم اعلان الدستور العراقي .. ويمتد الشارع من الباب الشرقي وحتى منطقة باب المعظم .. وكان الغرض منه تسهيل سير العربات العسكرية .. ثم تطورت الامور ليصبح الشريان الرئيس لمدينة بغداد وقد شهد هذا الشارع محاولة اغتيال فاشلة لاول رئيس وزراء عراقي بعد ثورة 14 تموز عام 1958 الذي اقيم له تمثال في نفس الموقع الذي جرت فيه المحاولة الفاشلة بعد سقوط النظام الصدامي في عام 2003 ، كما احتضنت مسارحه ودور السينما كوكب الشرق ام كلثوم خلال زيارتها للعراق وكذلك الريحاني و الغزالي و القبانجي و اخرين كثيرين من عمالقة الغناء العربي و العراقي ، اما اسواقه التجارية فكانت هي الاخرى تزدهر بارقى البضائع الراقية ، وكان جمال الشارع يكمن في انه كان اشبه بمعرض ثابت يضم اجنحة لعرض البضائع المختلفة منها قسم لعرض الساعات و الراديو و التلفزيونات وغيرها من الاجهزة الكهربائية وذلك قسم لعرض الاقمشة الفاخرة وسوق للكتاب و القرطاسية ، وقسم لبيع العطور كما اشتهر هذا الشارع بوجود مقاهي تراثية ومنه مقهى ” حسن عجمي ” ومقهى ” الزهاوي والبرلمان و المربعة ، وكان من ضمن اهتمامات امانة العاصمة بهذا الشارع التاريخي انها كانت لا تسمح بتغيير الطابع التراثي و الثقافي لهذا الشارع حتى ان سيارات الاجرة التي كانت تعمل في هذا الشارع تحمل لوحة خاصة ولا يسمح لغيرها بالعمل فيه ، وقد استمر العمل على هذه الضوابط حتى سقوط النظام السابق وقد توقع الكثير من العراقيين ان تغييرا جذريا في البناء و العمران سيتحقق وفي مقدمته ايلاء اقصى الاهتمام بالمباني التراثية و الحضارية ومنها هذا الشارع الغني بتقاليده الثقافية المختلفة لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن
يتبع