الفساد المالي والاداري هذا الداء الذي خلقته القوى الطائفية وتنظيماتها السياسية ونهجها السياسي المحاصصة الطائفية والتبعية أصبح هو المهيمن على الدولة والقرار الحكومي، كونه ظاهرة لم يجر ملاحقتها وهزيمة أدواتها وآلياتها واشخاصها القابعين في قمة السلطة وكونها ظاهرة عامة تفشت كآفة في أكثرية مرافق الدولة ولم يسلم أي مرفق منها، وما بقتْ هذه الظاهرة محددة جغرافيا او داخلياً فقد مدت خطوطها خارج الحدود العراقية وارتبطت بشكل متعدد مع دول الجوار وانتقلت ليكون لإخطبوطها عالمياً تتنفس في تهريب الأموال المختلفة وبخاصة الدولار وتبيضها كما انها استخدمت في مجالات الاستيراد والتصدير، وكونها متفشية فقد أثرت على أكثرية مؤسسات ودوائر الدولة ومرافقها الحيوية من اقتصادية وامنية وتجارية وقضائية وبهذا تستطيع بواسطة ادواتها وشخوصها التحكم في أكثرية القرارات الحكومية التي تصدر من المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتستغل أي قرار لصالحها ولخدمة أهدافها السياسية والطائفية، حيث اصبح الفساد المالي يتحكم في السياسة البنكية والقروض ويتفاعل هذا الفساد المالي وقرينه الفساد الإداري الذي يخلق أرضية تحميه وبيئة داخلية محيطة لكي يلعب شخوصها الفاسدين الأدوار المكلفين بأدائها لنجاح صفقات الفساد وحماية السرقات الكبيرة التي تنهب الأموال العامة ولنا أدلة حقيقية وملموسة على فساد محكم طال المؤسسة القضائية التي حمت اللصوص الحرامية الفاسدين وأفرجت عن العديد ممن اتهموا وقدموا الى المحاكم وتم الافراج عنه لحمايتهم وحماية من يقف خلفهم من المسؤولين الكبار والمافيات القديرة على التلاعب والتلون والمحمية داخلياً وخارجياً، هذه المافيات التي ترعرعت في أحضان الحكومات التي سبقت الاحتلال وسلطة الطائفية وبخاصة النظام الدكتاتوري السابق وتوسعت واشتد عودها بعد عام 2003 لتكون مافيات سياسية بامتياز قبضت على السلطة بواسطة أدوات الاحتلال الأمريكي البريطاني واحتلت مكانة غير قليلة في حماية المفسدين وجباية النسب المالية المتفق عليها من معاملات العمولات والأموال العامة المسروقة وبهذا اصبح المسؤولين عن عمليات الفساد في الدولة محميين من هذه المافيات وميليشياتها الطائفية المسلحة اتي تمسك زمام الدولة والحكومة ولا يمكن ان يؤثر عليها أي قرار إصلاحي او توجه للحد من ظاهرة الفساد حتى طالت أخيرا تشريعات المؤسسة التشريعية والقضائية بشكل خاص وعام وهو الذي يتحمل المسؤولية الكاملة في تلك الإساءة البليغة ضد العراق والشعب العراقي، تلك الإساءة التي جعلت من العراق بلا عيد وطني حيث الغت ثورة الشعب الوطنية التي كانت فاتحة لعهدٍ جديد، عهد لم تعرف البلاد معنى الاستقلال والسيادة إلا من خلاله واعتبرته وطنا لا يخضع للقوى الاستعمارية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ، ونقول بكل صراحة شلت ايدي ال ” 167 ” نائباً من مجموع ” 329 ” الذين وقعوا على قانون العطل الرسمية الذي جاء ناقصاً ولم يذكر ثورة الشعب الوطنية وهو عمل عدواني ولا أخلاقي ضد ثورة الشعب العراقي 14 تموز1958 ، إنها مهزلة المهازل فقد قام هؤلاء بإلغاء العيد الوطني وحققوا ما كان يسعى اليه أعداء العراق منذ انبثاق الثورة أعداء العراقيين الرجعيين والحاقدين والبعثيين وأذناب الاستعمار القديم والجديد.
منذ انبثاق الثورة وفي أول لحظاتها تحركت قوى الظلام الرجعي والاستعماري لكي تفشل هذه الثورة، وباكورة ذاك التهديد نزول الجيش الأمريكي في لبنان وتحريك الجيش البريطاني، إلا أن إرادة الشعب العراقي وتصديه لكل القوى الرجعية والاستعمارية اجهضت عدوانية الاستعمار وتصدت لقوى الظلام والرجعية وأشار البيان الأول للثورة الصادر من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية « أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الاستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته وفي سبيل المنافع الشخصية
إن الجيش منكم وإليكم، وقد قام بما تريدون وأزال الطبقة الباغية التي استهترت بحقوق الشعب، فما عليكم إلا أن تؤازروه” ثم أكد البيان على ” بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية” فهل يعقل أن لا تكون هذه الثورة الوطنية عيداً للبلاد يفتخر الشعب بها وان تكون خير تاريخ للقوى الوطنية والديمقراطية التي شاركت في انبثاقها والحفاظ عليها؟ لكن الأعداء الرجعيين وعملاء العهد الملكي والمرتبطين بعجلة الاستعمار والامبريالية ومنذ انبثاقها ناصبوها العداء والتآمر للتخلص منها ومن تاريخها وسعت هذه القوى والقوى القومية المتطرفة وأحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي مجتمعة خلال ( 66 ) عاماً للخلاص من هذا التاريخ واعتبارها من وجهة نظر رجعية ” نكبة ” بحق العراق وليس ثورة وطنية !! حتى تكللت مساعيها اللاوطنية والرجعية والحاقدة في مصادقة نصف أعضاء مجلس النواب تقريباً البالغة ( 167 ) من أصل ( 329 ) نائباً وبغياب ( 162 ) نائباً يوم الأربعاء ( 22 / 5 / 2024 ) على قانون العطل الرسمية الذي قدمته كمشروع الحكومة العراقية حيث ” لم يدرج ثورة ١٤ تموز ضمن قائمة الأعياد والعطلات الرسمية، كما أشار الحزب الشيوعي العراقي والذي أكد ايضاً
” اننا نرى في تجاهل هذا اليوم الوطني الكبير (14 تموز 1958) إجحافا شديدا في حق تاريخ العراق وشعبه” ، أي اجماع وطني هذا الذي تنادي به أحزاب وتنظيمات القوى الشيعية الحاكمة وحلفائها والحكومة العراقية؟!
ان هذا الموقف وغيره من المواقف التي اضرت بوحدة البلاد وزعزعة الثقة بالتحالف الوطني وبالدليل العلمي الملموس ناتجة عن المحاصصة الطائفية والفساد المالي والإداري وغيرهما من قضايا لا وطنية وتابعة للقوى الخارجية الذي لا يخدم مصالح البلاد الوطنية هو عبارة عن موقف عدائي ضد كل ما هو وطني وضد العراق والشعب العراقي، فمن الضروري النضال من أجل حق العراق بعيد وطني تحرر فيه من الرجعية والاستعمار وهو عيد ثورة 14 تموز 1958.