تحديات إعداد جيل اليوم ببصيرة نوعية : الجزء الثاني – خديجة مسعود كتاني

 

إختلاف منظور المربي

١-المربي الذي ينتظر وقوع الخطأ أو المشكلة أو الكارثة ليظهر دوره في التدخل لعلاج الموقف٠ أي الوالدين هنا يكن دورهم فقط في علاج المصائب بعد وقوعها ٠ فهؤلاء ليسوا مربين، أكثر الأحيان يتهم الآباء الأمهات ، وهل تقتصر التربية على الأمهات وهن فقط المسؤولات عن التربية؟ ودور الاب يقتصر على التدخل في الحالات الطارئة التي تصعب على الام حلها ٠

٢- المربي الذي يبحث عن طرق لترويض ألأطفال بإعتبارها حيوانات عاقلة بحاجة الى ترويض،  لينشأ طفلا لينا يسمع ما يقال له ويعمل ما يوجه له ويفقد مهارة البوادر وتحقيق الذات٠ وهي حالة تربوية غير طبيعية لأن الطفل الذي يطيعك إطاعة عمياء، يطيع غيرك مستقبلا٠ وهو ممكن في أي لحظة أن ينهار أو يسقط لانه يفتقد الشعور بذاته الفاعلة٠

٣- المربي الإيجابي

منبع الحب والعاطفة، وبناء قناعات والتوازن بين الاخذ والعطاء للطفل، التي تترجم الى ممارسات وسلوكيات فعالة ومميزة أكثر الأحيان ٠ بعكس المربي الذي يعتقد أن التربية هي القسوة والعصا والشدة ٠ إذن المربي الحقيقي هو من له القدرة على التأهب للاصعب دائما مع التحمل والتعامل مع التوتر والضغوط والتحديات، ان أقتضت الحاجة لذلك في أية لحظة رغم الظروف لانه يقدم الأهم على المهم٠

الفجوة تتسع بين الإباء والابناء

هل نحن مؤهلين للخلفة ؟ هل نحن في عصر المهن، والعدد مازال ضروري اليوم لمساعدة الاباء والامهات في المهن كالزراعة والحصاد كما كنا سابقا ؟ لو ننظر الى المصادر مازالت نفس المصادر والناس تكثر رغم ذلك كأن ألأمربسيط لايستحق العناء ومثلما عشنا سوف يعيشوا، وهل لدينا القدرة وسط هذه التحديات ؟ وهل نحن مؤهلين لكل ذلك؟ في عصر غياب قوانين التربية، اليوم يختلف عن البارحة والمجتمع بأسره مختلف، فالبارحة كان هناك شيء اسمه (الوعي الجمعي) فنحن والجيران والأصدقاء كنا تقريبا على نفس المستوى التربوى ، لعدم توفر مصادر أخرى آنذاك٠

لقد كان الأولاد ينظرون للحياة خلال الوالدين والاجداد والتربويين في مدارسهم ، يقلدونهم ويستنبطون منهم، كيف تعمل وتدرس أو تسلم وتعزي وتبارك وتصلي وتساعد وينفذ ما يملي عليه بدون إحتجاج أو مناقشة على الاغلب وهكذا ٠ اليوم في (أكثر الحالات) الوالدين لايعرفون  أولادههم كما يجب، لايعرفون ماذا يريدون وما هي تطلعاتهم، وإهتماماتهم، قناعاتهم ومهاراتهم، مما يتسبب في إزدياد الفجوة بينهم وبين أبناءهم شيئا فشيئا، حتى وإن جلسوا سويا كل يتكلم بلغة ومنظور يختلف عن الآخر، ويراود الوالدين شعور غريب وصعب (كيف أصبح قدوة لاولادي وهم يكبروا بسرعة ونحن نمر بهذه الثورة التكنولوجية المعاصرة (العصر المعرفي المكثف)، أولادنا سريعي التعلم من الانترنيت ووسائل العصر الذكية، القضية لم تعد قضية عمر بل وعي، فكيف استطيع التأثير وأنا آت من حقبة أخرى والابناء لايستطيعوا الاقتداء بشخص من عصر وتأريخ ومجتمع غير الذي يألفه اليوم٠ فهل تقول له يابني … لقد كانت دراستنا على الشمعة وكنا نذهب للمدارس مشيا على الاقدام … نحن المعاصرين نعرف كنه الظروف سابقا لكن أولادنا لايعنيهم ظروفنا ولا يتصورن أحقاب غابرة بهذا الوصف أبدًا … لذا تفاديا أن تتسع الفجوة أكثر بيننا وبينهم يجب النزول الى مستواهم ولو قليلا ونساير عقولهم أكثر الأحيان، بما فيها طريقتهم ولغتهم وليس من الضروري التكلم بشكل مثالي عن مجتمع عفا عنه الدهر٠ لذا من المهم تربية أولادنا تربية ذكية، الابحاث والجهود العلمية من مؤلفات حول التربية مستمرة في هذا الوقت الصعب٠ لذا يجب أن ننهل ونتثقف بالمعلومات الكافية ونستعد لاي موقف ومن الممكن حتى حضور كورسات بالخصوص في تربية أطفالنا منذ الصغر وتفهم عقلية ونفسية جيل اليوم من بدايته والنزول لمستوى تفكيرهم ولا نصبح في النهاية أغراب بالنسبة لهم٠ كثرة العوامل المساعدة العلمية في متناول اليد٠يجعل أن نوثق استعداداتنا لهذا التحدي والمعركة المعاصرة في الحالات المختلفة على ضوء ثقافتنا التي تحتاج الى تطوير مستمر وعدم فرض المعلومات التي نمتلكها فقط٠والتنسيق بين الاب والام في هذه التربية لان التربية لاتخص الام فقط٠ وهنا نوصي الإباء التدخل في التربية من بداياتها بالتفاهم والتنسيق بين الاثنين والتي تصنع اساسيات التربية والتحدي لجيل معرض للضياع في كثير من الحالات٠ولاننكر فضل الحضارة والمعرفة اليوم لمن يستثمرها بشكل إيجابي وفعال٠

بناء المهارات لدى أولادنا

المهارات الادراكية وأنواعها :

(المهارات التنفيذية ) أو (العقلية العليا)

وهي تلك المهارات التي تمكنك أن تستخدم المعلومة أو المعرفة التي تمتلكها لتوظفها بطريقة هادفة وصحيحة٠ في الجزء التطبيقي أو التنفيذي  والتي تقع في الجزء الامامي من قشرة الدماغ٠ والمسؤولة عن المهارات التطبيقية والتنفيذية٠ أما المنطقة الخلفية للدماغ هي منطقة خزن المعلومات والذكرايات والمعرفة٠ أي للدماغ جزء تطبيقي وجزء معرفي، وأي خلل في القشرة الامامية يحول دون تمكننا من إستخدام معلوماتنا بالشكل الصحيح، لخلل في الجزء التطبيقي أو التنفيذي٠

 

وتنقسم المهارات الادراكية الى

١-مهارة الانتباه وتشمل :

الانتباه المتجزء : ويعني قدرة الانسان القيام بعمل ما في نفس الوقت بنفس الكفاءة

الانتباه المستمر : وهي المهارة التي تحتاج الى مدة متواصلة لانجازها بدون توقف

الانتباه المنتقى : وهي المهارة التي يمارسها الانسان رغم الظروف الغير المناسبة على سبيل المثال قدرة الطالب على التركيز والانتباه في الصف رغم الضوضاء٠

فهذه المهارات تدخل حياتنا اليومية وفي الأمور التي نمارسها٠

٢- مهارة الذاكرة القصيرة المدى (للذاكرة المؤقتة)

وهي مهارة ماسمعت الآن ، وما قرأت هذه اللحظة ، والناس التي تعرفت عليهم حاليا، وما أسماءهم ، أو ما هو الحديث الذي جرى في الاجتماع الآن٠

٣- مهارة سرعة معالجة المعلومات

وهي التي تتعلق ببداية الفهم ما مطلوب منك أن تدلي به فإذا تأخرت في هذه المهارة فكل شيء يبطأ عندك ٠

فهذه المهارات الثلاثة تخص مهارات التفكير التلقائي ونحتاجها عند المباشرة بعمل معين٠

٤– مهارات التفكير العليا

وهي مهارات المنطق والتفكير، المسؤولة عن حل المشاكل، ومهمة في المهارات الاجتماعية ومن يمتلك تلك المهارات له ثقة بنفسه وقدرة على التواصل الاجتماعي ويكون ضمن جماعة، گروب، او فريق، لديه روح رياضية، وأنسان أكاديمي ولها دور مهم في مادة الرياضيات.

 

٥- مهارة معالجة المعلومات السمعية

وهي مهارة مهمة في إتقان اللغات٠ومن يمتلك هذه المهارة يمكنه على الأقل أن يتقن أربعة لغات بجدارة وأسرع من غيره٠  ويكون تعبيره وكتاباته متميزة وغنية في نفس الوقت٠

 

٦ – مهارة معالجة المعلومات البصرية

وهي مسؤولة عن وسع الخيال والحفظ  وأصحابها أوسع خيالا وأكثر تميزا من غيرهم٠ وهذه المهارة مهمة في معرفة الاتجاهات وقراءة الخرائط، نلاحظ أشخاص لهم القدرة على تخيل وحفظ خارطة المدينة التي يعيشها بدقة ويعرف شمالها من جنوبها وهكذا، مع العلم أشخاص أخرين لهم تأريخ في تلك المدينة لكن لا يملكون هذه المهارة ولايتصورن الاتجاهات عند الانطلاق٠

٧- مهارة الذاكرة طويلة المدى

وهي مهارة مخزون المعلومات التي لدينا٠ والقدرة على إسترجاعها عند الحاجة٠ وهي مهمة في إمتحانات الطلبة وخاصة النهائية٠وتدخل ضمنها مهارات تمتلكها بالفطرة ٠

كيف ترتكزهذه المهارات في الانسان؟

المهارات لها علاقة بأسلوب الحياة، طريقة التربية، طريقة الدراسة، مدى تعرضك لتجارب جديدة، أو فرص لتعلم أشياء جديدة ، وفي عمر (٦) سنوات يمكن تدريب أولادنا على هذه المهارات٠

كيف يمكن الكشف عن مواقع الضعف في مهارات أولادنا وإعادة تفعيلها ؟

بداية يجب القيام بكشف شامل عن (السبع مهارات) التي تم ذكرها ضمن برامج متخصص ليمكننا الحصول على (تقرير مفصل) لفعالية كل مهارة، مقارنة (بمئة) شخص من نفس العمر٠ والنتيجة تكون إما فوق المعدل العام أو ضمنه أو دونه٠ واستنادا للنتيجة التي نتوصل اليها تكون هناك جلسة استشارية نشرح فيها الضعف الموجود واسبابه٠ ونوصي بعدد ساعات تدريب معينة مع المدرب المتخصص تبعا لدرجة الضعف٠ وإعادة التقييم وملاحظة الفرق في المستوى٠

والتدريب ضمن هذا البرامج يصلح لطلاب المدارس، والجامعات، والشخص الذي يريد صقل مهاراته، كبار السن من المتقاعدين يحبذون الحفاظ على مهاراتهم العملية والعلمية ٠ وهذا التقييم يبقى تنوير لحقيقة مستوى الانسان من المهارات، ودافع لتطويرها، ومعرفة مواضع ضعفها٠

 

كيف يمكننا تطوير مهارات أبناءنا؟

أهمية طرق تطوير المهارات في كافة المجالات عدة٠  المهارات بحاجة لتطوير مستمر وتنمية في نفس الوقت، وإكتساب مهارات جديدة لكي تفتح أمامهم آفاق جديدة ٠

  • السعي لزيادة مستوى ثقافتك وإطلاعك : لتنمية مهاراتك وخاصة في مجال التخصص٠ ذلك بالبحث والمطالعة المستمرة والتعلم وإكتساب مهارات جديدة٠ كونها سر النجاح دوما بذلك تجد نفسك يوما ما كالموسوعة المتحركة التي تحاور في علوم وأمورعديدة وهو مؤشر زيادة  مهاراتك٠

 

  • المشاركة في الدورات التدريبية : التي أصبحت اليوم متوفرة للجميع وأي فرد يمكنه الاشتراك والاستفادة من المعلومات المقدمة، والتقدم التكنولوجي أمكننا الاستفادة من دورات (الاون لاين) دون التنقل، وهذه الدورات تكسبك مهارات جيدة بطريقة سهلة وعملية بتطبيق المعلومات المقدمة٠
  • توسيع دائرة علاقاتك : مجال العلاقات مهمة جداً في حياتك كلما توسعت مع الناس أثرت على زيادة تنمية مهاراتك، والصداقة سواء في العمل أو الجوانب الحياتية الأخرى لها دور مهم في تنمية علاقاتك الشخصية٠ من الملاحظ، المنعزل والغير الاجتماعي يعيش بدائرة صغيرة لايستطيع خلالها إكتشاف مهاراته في التواصل والقدرات الجديدة لدى الغير٠
  • الاستفادة من التجارب الناجحة : يقال ان مجالسة السعداء يجعلك سعيدا، والناجحين يجعلك ناجحا، لذا يجب أثناء رحلة التنمية مجالسة المتفوقين والمتميزين للاستفادة من تجاربهم
  • التمرن المستمر: الذي يكسبك تطوير جيد للمهارات لان التمرن على مهارة معينة يوصلك الى إتقانك لها وإجادتها ولا يشترط هنا الذكاء العالي بل السر في التمرن٠
  • إكتشاف هواية جديدة : عليك أن تكون شغوفا دوما لتعلم هواية جديدة، وكلما مارست هواية جديدة تطورت مهاراتك وقدراتك، كالعزف على آلة موسيقية٠

إذن تطوير قدراتك هو تطوير الذات الفاعلة، ستبقى تلك البصمات والاثر الطيب الذي وضعته في الحياة ونفوس الآخرين ٠