اجتمعت الکرامة بفطرة الإنسان و ما تغذّت علیه من الفضائل الّتـی لها إرتباط وثیق بکرامة الإنسان و منزلته و تأتي الكرامة في مقدمة الإشارة إلى حقوق الإنسان في العديد من الإعلانات والمواثيق الدولية ، وزيادةً في تكريم الذَّات الإنسانية كان الإيمان بالله لا يكون وراثيًّا، كما لا يكون منَّةً ولا أمرًا مفروضًا، ولكن يكون بفِعْل إرادة فرديَّة حُرَّة، لا يمكن فرض غيرها عليه وهداية ربَّانيَّة نورانيَّة: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، ﴿ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النور: 35 ، وقد جاء في سبيل المثال في ديباجة الإعلان الدولي لحقوق الإنسان (لمّا كان الإقرار بمـا لجميـع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وغير قابلة للتصرف و يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم).وقد فضل الله الإنسان على جميع موجوداته الّتـی حرمت من هذه المواهب. ثمّ إنّ هذه النظرة یجب أن ترافق کلّ أبعاد حیاة الإنسان فـی السلوک و العمل و القول، و أیّ نمط من أنماط السلوک يخالف هذا الأصل یکون مرفوضاً من قبل الجمیع و من قبل التیارات و المذاهب طرّاً. ويجب علينا الاهتمام بالسلوکیات و التصرّفات الّتـی تساهم فـی تقویة روح التکریم و الکرامة لدی الإنسان و لا تنفكُّ كرامة الإنسان عن إنسانيته ، فهي كرامة ذاتية “أصلية” غير مقصورة على أتباع دين ، أو عرق، أو لون بعينه. وقد سعت كثير من الأديان إلى إعطاء هذه الكرامة أبعادًا عَقَدِيَّة تتصل بخصوصية العطاء الإلهي، الذي جاء هبةً من الله للإنسان دون قيد أو شرط ، ومن النصوص التأسيسية التي جاءت لتؤكد هذا المعنى، ولا ينبغي لأي أحد أن يذل الانسان أو يهينه أو يقلل من احترامه، بأي شكل من الأشكال، مهما كانت الأسباب، ومهما كانت الظروف. فالكرامة الإنسانية هي قيمة ذاتية، تجعل الإنسان يشعر كونه مخلوق عزيزا محترما. وكل شيء يقلل من كرامة الإنسان هو يتناقض مع مبدأ العزة والشرف والاحترام، مثل: التعذيب والشتم والمعاملة المهينة. وفي المقابل فان للإنسان التمتع بهذه القيمة الجوهرية يجب أن يحترم كرامة الآخرين، منطلقاً بتصرفاته منها، ومحترماً لها في كل معاملاته.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي-