عندما نتحدث عن وجود فريقان يختصمان سنفهم بأنهما يختصمان لأثبات الأفضلية وأثبات الأجدر تواجداً في الساحة ونيل الإطراء والمديح واعتلاء منصة التتويج ، فهذا يعني أن المنافسة بينهما نزيهة وتصبح شديدة عند المستوى الذي يرى كل فريق نفسه الأقرب إلى الفوز ، فكل فريق يسعى بكل ما أوتي من قوة ليتفوق على الأخر ليثبت علو كعب قدمه ، ليسعد أنصاره ويسعد محبيه الذين آزروه في السراء والضراء ، ولكي تتوضح الفكرة نأخذ مثالا عن الدوري الإسباني لكرة القدم ، فقد أصبح التنافس بين ريال مدريد وفريق برشلونة علامة فارقة لمفهوم كرة القدم ، فالتنافس بينهما واسع وعميق يمتد آثاره إلى دول وشعوب كثيرة ، يبدأ هذا التنافس من قبل لقاءهما الكروي بأيام إلى بعد لقاءهما ، حيث يصبح اللقاء حديث الساعة من قبل الإعلام الرياضي وجماهير كرة القدم وتحصل بعض الاحيان تشنجات لمشجعي فريق الريال ضد مشجعي فريق البرسا وكذلك العكس بحيث تتشنج الاعصاب عند مشجعي الفريقين في أي لقاء يجمعهما ، لكن الشيء الجميل في هذا التنافس أنه أدى إلى تطور كرة القدم الإسبانية واصبحت إسبانيا تتسيد الساحة الكروية العالمية بفضل هذه المنافسات الشرسة بين قطبي الكرة الإسبانية ، وكذلك الفرق الأخرى ، فعندما تخوض إسبانيا مواجهة كروية مع دولة أخرى فأن لاعبو الريال والبارسا يصبحون فريقاً واحداً ويداً واحدة من أجل رفع راية إسبانيا في المحافل الدولية فتنصهر كل الخلافات و التوترات التي كانت تعبث بأعصاب اللاعبين والجمهور عندما كان الريال يلاعب البرسا ، ولنأخذ مثالاً أخراً من عالم السياسة ، الحزبين المتنافسين في الانتخابات الأمريكية ( الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ) بينهما منافسة شرسة وعنيدة من أجل السيطرة على ادارة البيت الأبيض الاميركي وتصل الأمور بعض الاحيان إلى المواجهات الحادة بين رجالات الحزبين والى الضرب والتنكيل بين اتباع وانصار الحزبين وفي الإعلام يتم كشف الفضائح والتشهير بقادة الحزبين ومحاولة الطعن بالطرف المقابل ، فهو صراع مزمن يمتد لمئات السنين لأنهما خصمان لدودان يتنافسان للاستحواذ على السلطة وتنفيذ برامجهما الحزبية ، ولكن مع كل هذا الشد والحقد والاحتقان بين المتخاصمين فإذا تعرضت أمريكا لاعتداء خارجي أو تهديد خارجي فأن الحزبين وأنصارهما يتوحدان بسرعة مذهلة من أجل الدفاع عن الوطن ( امريكا ) وعن الشعب ( امريكا ) وعن العلم ( امريكا ) ، فكل خصام وعداء داخل الوطن الواحد يتحول بشكل تلقائي إلى وحدة ومحبة ومناصرة عندما تكون مصلحة الوطن أو سمعة الوطن على المحك ، فهذه من بديهيات الولاء للأرض والوطن والشعب ولا يوجد لأي شعب في العالم استثناء في ذلك ، فالوطن ومصلحة الوطن خط أحمر لكل شريف يعيش داخل سور الوطن ،،، ولكن للأسف ومليون أسف ، الاستثناء موجود في بلد أسمه العراق ، فالأحزاب السياسية تتصارع من أجل المصالح الخاصة ، أما مصلحة الوطن فهو في طي النسيان ، لكن الاستثناء الأغرب توجد في بقعة أرض واحدة في هذا العالم الواسع ، بقعة أرض أسمها كوردستان ، حيث يوجد فيها حزبان يتنافسان بشكل غير ودي على قيادة الارض والشعب في تلك البقعة من الارض ولكن حين يتعرض إقليمهما للخطر فبدل أن يتوحدا لإبعاد الخطر عن ارضهما ، يسارعان في خيانة أحدهما الأخر وغدر احدهما بالاخر فقط لإستغلال الفرصة للإنتقام ، قد لا يصدق أحداً هذا الكلام لأن مثل هذا الكلام إهانة لكيانات سياسية ذات أيدولوجيات راقية وبرامج سياسية عريقة ، ولكي نصدق هذا الكلام فلنذهب إلى Google والبحث عن كل ما كان يحدث خلال العقود الاربعة الأخيرة بين هذين الحزبين وأين يقبعان وماذا يفعلان فسوف نتعرف على الحقيقة الكاملة ونعرف من هما هذان الحزبان اللذان يتعاون احدهما مع العدو ضد الاخر ، فمرة يقوم هذا الحزب بهذا الدور ومرة يقوم الحزب الأخر بهذا الدور وكأن الغدر والإنتقام فيهما متأصل . فالمنافسة بينهما أساسها الخيانة والغدر لبعضهما البعض ، ولا يمكن إتهام أي منهما بخيانة الشعب الكوردي ، فهما بلا أدنى شك لا يخونان الوطن ولا يخونان الشعب والأمة الكوردية ، فالخيانة ليست بمعنى الخيانة لوطنهما وأمتهما ، فكلاهما يحبان ويعشقان ارض كوردستان وشعب كوردستان ويموتان من أجل كوردستان ( تأريخهما يشهد بذلك ) أرجو أن لا يفهم من كلامي الاساءة بل هو نقد واقعي ثقيل ، الحقيقة سعيت كثيراً لمعرفة الدوافع الحقيقة لهذا السلوك الشاذ الذي يتصرف به هذان الحزبان رغم دورهما في بناء كوردستان ، فلم أجد لهما سلوك سيء ، غير أنهما الاثنان كمال الولاء الوطني ومشبعان بالمبادىء الثورية ويعملان جهد امكانهما لبناء مستقبل وطنهما ، وكلاهما يمثلان العقل الثقافي لأمتهما ، ولكني وجدت سبباً سخيفاً قد يكون هو السر وراء خصامهما المستمر واستحالة عدم غدر بعضهما للبعض الآخر ، إلا وهو العناد ثم العناد ثم العناد ، ويبدو أن العناد هو من أدبيات الحزبين ، ( السياسي لا ينبغي أن يكون معانداً بل عليه أن يكون مطاوعاً للظروف والمستجدات ) ، وهذا هو الشيء الأغرب في عالم الخصومات السياسية والحزبية ، وارجو أن يتفهم كل من يعمل في السياسة بأن المقصود من النقد هو إيقاظ النائم من النوم لمن نسي نفسه ونام اثناء قيادته للمركبة ويده على المقود ، لأن المركبة فيها شعب وأمةً كبيرة . فهل سيدخل هذان الحزبان المتخاصمان في موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعدد المرات التي غدر بعضهما بالآخر ؟
Related Posts
2 Comments on “فريقان يختصمان- كامل سلمان”
Comments are closed.
مع كل الاسى والاسف تخاصم وصراع الحزبين الرئيسيين الحاكمين فى الاقليم هو صراع مخجل ومعيب و مدمر على المكاسب والمغانم والنفوذ . كل الشعوب والامم التى تحررت واستقلت ورفعت اعلامها على سارية الامم المتحدة فى الاوقات الصعبه والمصيرية تجمع صفوفها وتوحد كلمتها وتترك خلافاتها وصراعاتها الداخلية وتختار رمزا من رموزها ليقودهم الى برالامان وشاطىء النجاة ما يحصل فى كوردستان العراق وحتى فى الاجزاء الاخرى من كوردستان يخالف هذا المبدأويتجلى ذلك بوضوح اليوم و باجلى صورة من خلال تشتت الكورد وانقساماتهم المضرة والمهلكه والذى يخالف كل ما اتبعه وسلكه كل شعوب وامم الدنيا اثناء نضالهم وكفاحهم. وهذا الخلاف الحق بالكورد فى الماضى والحاضر ابلغ الخسائر والاضرار فيا ترى الى متى يظل ساسة الكورد واحزابهم وحركاتهم يعانون من هذه العلة والمرض الفتاك ومتى يستخلصون العبر والدروس من الماضى المرير تحية للكاتب
الاخ العزيز ابو تارا
من واجبنا نقد السلبيات التي نراها شاخصة امامنا ، حباً لا كرهاً بقيادات الاحزاب الكوردية ، عسى ان ينفع النقد وعسى ان تتغير الاحوال ويصبح الاخوة الاعداء اخوة أحباء فقط ، تحياتي لك ولمتابعاتك الجميلة ونقدك البناء