الحوار والثقافة والسلوك – عبد الخالق الفلاح

ما زال المتحاورون في العراق منشغلون بترف الحوار الوطنى مع الأسف لا صنع قراره، وهو الشعار الذي ضاعت بوصلته بين الافرقة السياسية العاملة في العملية السياسية  وإلا كيف يعجز المتحاورون في الوصول الى تسمية رئيس لمجلس النواب مع احترامي لرئيسها بالنيابة الاخ محسن المندلاوي واده الجيد في ادارة البرلمان …وهل قلت الرجال في بلد الحضارات؟.

الحوار الوطني يعتبر من عوامل الرقي  والتحضر في المعاملة الانسانية وإقامةُ الحجة في حين نراه غائب حتى في الكتلة الواحدة من الكتل وطغت حوار المحصصة العرجاء و غياب الضمير والشرف وحضورالعشيرة والطائفة والقومية ومقاسمة المناصب والغرق في الفساد ونسيان احقية الشعب العراقي في العيش الرغيد، ان الحوار الغاية منه دفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي والتعاون لمعرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها ، ليكشف كل طرف ما خفي على الاخر منها ، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق وهذه هي الغاية الأسمى ، ولاشك ان الحواريؤدي الى كلمة  صادقة والى كلمة سواء بالعقل والحجج والاقناع والبراهين والتنفيذ و ليس عن طريق العنف واغلاق العقول والمصالح الشخصية التي تسود الحوارات الحالية بين الكتل في المجتمع العراقي مع الاسف ، الحوار يعني الاهتمام بإبراز قوى العقل الانساني وفكرة التقدم الاجتماعي، والحوار الوطني”هو تبادل الرأي في القضايا المهمّة بين مختلف فئات الشَّعب السياسية، وفصائله العاملة؛ فالتعدُّد الحزبيّ والاختلاف الفكريّ من طبيعة البشر، لذا تنشأ في الدول أحزاب سياسيَّة لها رأيها السياسي الخاص، ورؤيتها المستقلَّة للأمور بناءً على قناعاتها الخاصَّة، وفهمها وتقييمها للمصلحة العامة لا الخاصة كما نشاهده، وتنشأ عادةً اجتهاداتٌ مُختلفة من قبل هذه الأحزاب والمُسمَّيات تطرح على مائدة النقاش “، ويجب ان يتميز المشارك في الحوار بالإنصات وعدم الاستعجال في الرد والهدوء ، وعدم استخدام الصوت المرتفع لأنه دليل على ضعف الحجة والفكرو التركيز على الفكرة التي يدور حولها النقاش وعدم التفرع بعيداً عنها ، و أن يكون الهدف  من الحوار الوصول إلى الحق وليس إثبات صحة فكرت المحاور نفسه ، يجب ان يكون السبيل لوضع الحجر الأساس للبناء السياسى للدولة كما هو اسسه ، لكي يدعم البناء الاقتصادى ويتكامل معه ويمتد إلى الأبنية الأخرى التى تشكل دعامات المجتمع الاساسية، وفى مقدمة هذه الأبنية البناء الثقافى وبالتحديد بناء الإنسان في المجتمع والذي غاب عن الكثير من هؤلاء وله اثر كبير في تحديد هوية الشعوب، ومراحل تحولها وتطورها الفكري والمعرفي، وترتبط بالثثقافة القومية ، إذ أن القومية لها دور كبير في تفعيل وتحول الثقافة، فضلاً عن تعلقها بالعادات والتقاليد والبيئة والفكر والأديان واللغة. والثقافة بمعناها الحضاري الشامل، وهي المكان الفكري المتطور والمتجدد الذي يعد جوهر الإبداع في الفن والعلم على حد سواء، و زمن إبداعي عالق بفكره الإنسان منذ أقدم العصور حتى اليوم  . وأنا هنا أركز على البناء الثقافى الذى يتأسس على قاعدة محورية وهى التنوير من أجل توليد العقل العام، أى عقل الجماهير المتنور، ولكون الثقافة هي المصدر الرئيس لبناء أفكار كل امة من الأمم والتي تنعكس على بناء ثقافة الإنسان التنويرية في ضوء العلاقة المهمة ما بين التنوير كفكر والثقافة كنتاج واداء ومنجز حضاري مهم ، ولان الثقافة بالمعنى الإنساني هو صقل الذهن والذوق والسلوك وتهذيبه أو ما ينتجه العقل البشري لتحقيق الأهداف السامية.