من يقف ضد قانون الأحوال الشخصية  لعام 1959؟..-  مصطفى محمد غريب

ليس بالمصادفة القيام بمحاولة من قبل البرلمان الحالي وبالتأكيد من خلفه التوجه الطائفي المحموم  من  اجل تعديل  قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الصادر عام 1959 الذي هو من افضل وأحسن القوانين في المنطقة بحجة زائفة..  بينما هم ينسون القوانين الجائرة التي أقرت من قبل مجلس قيادة الثورة في النظام الدكتاتوري السابق، هذه القوانين التي سنت بالأساس بالضد من مصالح اكثرية العراقيين، ونذكر في مقدمتها قانون 150 لسنة 1987 الذي يهدف الى تفتيت وحدة الطبقة العاملة العراقية وقانون العمل والضمان الاجتماعي ، وقوانين وقرارات معادية تتجاوز على حقوق المواطن السياسية وتقييد حرية الرأي وقوانين قرقوشية أخرى ما زالت الحكومات المتعاقبة تعمل بها، لا مجال لذكرها، لأن محاولة تعديل قانون الأحوال الشخصية في الوقت الراهن بخاصة المادة 57 التي تخص المرأة وحضانتها لابنائها مخطط قديم استجد تنفيذه ، إن هذا التوجه دليل على أن المحاصصة الطائفية وفرسانها لم يكتفوا بما آلت اليه الأوضاع من تدهور ومن تخريب  وتدمير في المجالات الخاصة والعامة” سياسياً  واقتصاديا واجتماعياً وثقافيا وأمنياً …الخ ” لم يسلم أي مجال او مرفق من مرافق الدولة من التشويه والفساد، اليوم جريمة تعديل قانون 1959 عبارة عن جسر يوصل الى ما هو اكثر رجعية وتخلف ووضع خطط شاملة لمحاربة أي هامش للديمقراطية ومنها حرية الصحافة وحرية الرأي، والهيمنة على  النقابات والمنظمات العمالية والتجاوز على منظمات المجتمع المدني وغير ذلك ، فاتحة التعديل لقانون الأحوال الشخصية هو  لجس نبض القوى الوطنية والديمقراطية والشارع العراقي ولهذا من الضروري الوقوف بحزم وقوة وتعبئة الجماهير لإيقاف عمليات التجاوز على الحقوق المدنية والتصدي لنهج المحاصصة الطائفية الذي تنتهجه أحزاب الإسلام السياسي وفي مقدمتهم القوى الشيعية التي تهيمن على مجلس النواب وغيره، اننا عندما نطالب بإلغاء محاولة عملية التعديل هوهدف واضح  للدفاع عن حقوق المرأة والجماهير الكادحة العراقية التي تعيش حالة من فقدان الثقة بالعملية السياسية والتخلص من نهج  المحاصصة الطائفية العدو الحقيقي للوحدة العراقية، ومعالجة الضائقة المعيشية وارتفاع الأسعار وحل مشكلة الكهرباء التي أصبحت كارثة حقيقية يدفع المواطنين ثمنا من اعصابهم وحياتهم، والعمل الجاد من اجل متطلبات الحياة الإنسانية في العيش الكريم وتوفير لقمة العيش بكرامة وحرية ووقف التدهور الأمني والسيطرة على السلاح المنفلت وحل المليشيات الطائفية المسلحة الشيعية والتابعة لاستتباب الأمن والتخلص من الاضطراب السياسي والصراعات غير المبدئية واحتكار السلطة بالتزوير والتسويف وتدخل سافر من قبل المرجعيات الدينية الطائفية، والتوجه الجاد لتنمية القطاع الخاص وتطوير الزراعة ومراعاة قضية توفير مياه الشرب الصالحة وحل المشاكل المائية مع كل من ايران وتركيا ومنعهما من التدخل في شؤون العراق الداخلية، وإيجاد الحلول العملية  لمئات الآلاف من الخريجين الذين لا يجدون أي فرصة للتعيين والتوظيف والعاطلين عن العمل، وانتشال مئات الآلاف من المواطنين من الفقر ودون الفقر، والعمل من اجل توفير إمكانيات للتطور في مجال العلم والتعليم  وبامكاننا وضع اصابعنا على قضايا عديدة أخرى إلا اننا نكتفي بهذه الإشارات العابرة ، نؤكد ونقول كل ذلك يحتاج  الى وقفة جادة ومسؤولية وطنية بعيدة عن التحاصص الطائفي والمنافع الشخصية والحزبية  ، نعم نحتاج التضحية ونكران الذات من اجل انقاذ البلاد من ورطة التخلف والتناحر والإملاق ومن تدخلات ايران وتركيا وغيرهما  وليس خلق مشاكل جديدة تضر ملايين العراقيين ومن بينها تعديل قانون الأحوال  لعام  1959 بهدف التجاوز على حقوق النساء العراقيات وكانه السبب في كل هذه القضايا المذكورة من التدهور والفساد ومثلما أشار الحزب الشيوعي العراقي بصراحة وبمسؤولية ” فهل هذا التوجه لتعديل القانون وفقاً للمسودة المقدمة، ينسجم مع الادعاءات برغبة القوى السياسية الماسكة بالسلطة، في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبالتالي الأمني والاقتصادي؟!” ثم ” إن العراقيين يصبون لتأسيس هوية وطنية عراقية جامعة، في ظل عراق ديمقراطي مدني يسوده القانون والدستور.. وهو التطلع الذي يجب الدفاع عنه والعمل من اجل تحقيقه”

ــــ هل من الصعوبة بمكان  تأسيس هوية وطنية مضادة للمحاصصة الطائفية البغيضة والتخلص من الفساد وهيمنة الميليشيات الطائفية المسلحة واعتبار القوات المسلحة العراقية ” الجيش والشرطة الاتحادية ”  هما الأساس في الحفاظ على الأمن والسيادة الوطنية ؟..

 بكل صراحة نعتقد أنها ليست بالصعوبة لأن ذلك مرتبط بمصلحة ملايين العراقيين الذي يصبون الى وطن تسوده المساواة والعدالة بدلاً من الانقسامات والخلافات الطائفية والحزبية الضيقة  وانتشار الميليشيات والمافيات المسلحة التي ترهب العراقيين وتستولي على ارزاقهم واموالهم

ــــ هل تعديل المادة  57 التي تكفل حقوق الأمومة لمصلحة المرأة العراقية التي شاركت وتشارك الرجل كتفاً لكتف في تذليل الصعوبات الحياتية وعملت كفلاحة وعاملة وطبيبة ومعلمة وفي مجالات شتى وما قصرت حتى في النضال الوطني والطبقي بما فيها حمل السلاح فهل مجازاتها التجاوز على حقوقها وحريتها في الراي والمعتقد؟ ان هدف تعديل المادة 57 وغيرها عبارة عن توجه رجعي لا وطني ، وهذا ما ذكرته حوارية أقامها المجلس العراقي للسلم والتضامن عقدت في 27/7/2024 وأشار رئيس تحالف قيم الدكتور علي الرفيعي ” توجهات الجهات التشريعية ليست جديدة، انما هي تعمل كما تعودنا بعيدا عن الإنسانية، وفق مقترح تعديل القانون، وان قانون الأحوال الشخصية النافذ باعتراف الجميع شامل، وبنوده تحقق الاستقرار، وتوحد جميع أطياف الشعب العراقي”.

اذن مثلما ظهر أن من يسعون من خلف الكواليس الى خطوة التعديل لتحقيق المصالح فإلغاء القانون يهدف تماماً الى “التقسيم بين المذاهب” وهذا ما أشار له ثم افاد علي الرفيعي بأن “ما يجري اليوم داخل مجلس النواب بشأن تشريع القوانين يتم وفق اتفاقات ومساومات ضيّقة على حساب مصلحة الوطن والعلاقات الأسرية الزوجية”، لقد حاولت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ انقلاب 8 شباط   1963 المشؤوم بتحريض من قوى طائفية ورجعية مختلفة سن قانون أوتعديل القانون المذكور خدمة لمصالحها تحت ذريعة انه يخالف الشريعة الإسلامية وهي اتهامات باطلة وكانت تسعى للتجاوز على حقوق المرأة العراقية إلا أن جميع المحاولات فشلت وبقى القانون بصفته الحضارية والإنسانية، واليوم تسعى هذه القوى الى إعادة الكرة تحت طائلة من الادعاءات الكاذبة لإجراء تعديلات تلائم المنظور الرجعي المتخلف وهي محاولة ذميمة لتكريس النهج الطائفي وتكليف البرلمان الحالي الذي يمتاز بأكثرية لمكون واحد تنفيذ هذه المهمة وأشارت جريدة طريق الشعب ” ينفرد البرلمان الحالي بميزة غريبة، مقارنة ببرلمانات الدورات السابقة” وتذكر الجريدة ان هذا المسعى من قبل البرلمان أكتفى ” بسماع نائب واحد يقترح تشريعاً أو تعديلاً” وتؤكد لا يوجد اعلان عن التفاصيل” وماهيته وأسبابه والحاجة الاجتماعية لإجراء مثل هذا التعديل!.”

ملخص الأمر ان سعي القوى التي تهيمن على البرلمان الى تعديل قانون الأحوال الشخصية لعام  1959 برفض خارجي ومن قبل جميع القوى الوطنية والديمقراطية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والعديد من نواب البرلمان اضافة الى رفض شعبي واسع وللعلم ادانت رابطة المرأة العراقية   في 24 / تموز / 2024 وهي منظمة وطنية تاسست منذ العهد الملكي بهدف واضح وجلي هو الدفاع عن حقوق المرأة العراقية في بيان نشر في أكثرية وسائل الإعلام داخلياً وخارجيا ” لا.. لمشاريع قوانين طائفية تلغي المكتسبات وتهدد وحدة العراقيين ” وأكدت سكرتيرة الرابطة شميران مروكل ” بدلا من ذلك يأخذنا في غفلة من الزمن ليعيد محاولاته للنيل من قانون الاحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩  المناصر للمرأة العراقية والذي ما زال يعتبر إلى اليوم من القوانين الاكثر تقدمية في المنطقة في الحفاظ على وحدة نسيج المجتمع العراقي في مواجهة الطائفية المقيتة”

ان التآمر على حقوق المرأة والشعب لا يمكن ان يمر بسهولة ولهذا من الضروري ان تتوحد الجهود الوطنية والشعبية لإيقاف مهزلة تعديل القانون لأن ذلك بداية لتوسع التجاوزات  وإلغاء المكتسبات والايغال في تكريس الطائفية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.