ثلاثة قوى كوردستانية و توابعهم من المكونات المسيحية و التركمانية أعترفوا بنتائج الانتخابات البرلمانية السادسة الى الان و هم يشكلون أجمالا حوالي 82% من مجموع مقاعد البرلمان المئة. و حسب تلك النتائج المعترف بها فليس هناك من له الاغلبية المطلقة أي 50 زائد واحد في البرلمان كي يضمن تشكيل الحكومة من دون الحاجة للرضوخ الى شروط حزب أو أحزاب اخرى. لذا فأن الحكومة المقبلة و في كل الاحوال ستكون أئتلافية من حزبين أوأكثر.
بما أن الحزب الديمقراطي حصل على أغلبية الاصوات حوالي 40 مقعدا فأن البرلمان سيقوم بتكليف ذلك الحزب بتشكيل الحكومة. هذا في حالة عدم تشكيل جبهة برلمانية تضمن لهم مقاعد أكثر من مقاعد الحزب الديمقراطي.
من الان أعلنت ثلاثة قوى على الاقل عدم أشتراكها في الحكومة و أختارت التحول الى معارضة وهم الاتحاد الاسلامي و حركة الموقف و حركة العدل الاسلامية المتأرجحة بين المقاطعة أو التحول الى معارضة. هذه القوى الثلاثة لديها 13 مقعدا برلمانيا. من المرجح أن ينتظم اليهم حركة التغيير و جبهة الشعب اللذان لديهما 3 مقاعد برلمانية و بذلك سيصبح مجموع مقاعد المعارضة الغير معلنه الى الان 16 مقعدا برلمانيا.
بأمكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني تشكيل حكومة مع الاتحاد الوطني الكوردستاني و حركة الجيل الجديد و لكن لهذين الحزبين شروط كثيرة من الصعب أن يستطيع الحزب الديمقراطي تلبيتها جمعاء. فالاتحاد الوطني يشترط أحدى المناصب السيادية رئاسة الاقليم أو رئاسة الوزراء. هذان المنصبان اللذان عمل الحزب الديمقراطي على خلق توازن في صلاحياتهما. أي أنهما منصبان ذو صلاحيات واسعة بعكس منصب رئاسة جمهورية العراق الذي هو منصب رمزي. أي حزب يتولى أحدى هذه المناصب يستطيع عرقلة عمل المنصب الاخر. أي أن العمل الحكومي في الاقليم يجب أن يكون بالتوافق و سوف لن يتمكن أي حزب من أدارة الاقليم لوحدة كما كان في السابق. حيث على الرغم من مشاركة قوى عديدة في حكومة الاقليم و منها الاتحاد الوطني ألا أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني كان هو القائد و هو الحاكم الفعلي و القوى الاخرى لم يكن لديها السلطة و كانت قوى كارتونية في الحكومة.
التغيير الذي حصل الان هو أن حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني و على الرغم من نيته المشاركة في الحكومة مع الحزب الديمقراطي ألا أنه تحول الى حزب معارض عمليا. فجميع الاصلاحات التي تبنتها المعارضة سابقا قام الاتحاد الوطني الكوردستاني بتبنيتها ووعدت الجماهير بتنفيذ جميع الاصلاحات من الفساد و الى النفط و الى الرواتب و الى تشكيل جيش موحد للاقليم. و من أجل تنفيذ تلك الوعود سوف تقوم بفرض شروط كثيرة على الحزب الديمقراطي الكوردستاني سواء من حيث أحدى مناصب الرئاسة أو مناصب الوزارات السيادية و أكثرها صعوبة هو أعطاء صلاحيات الى الوزرات و المناصب و ليس وزراء بدون وزارة.
الحزب الديمقراطي و الاتحاد الوطني يمتلكان حوالي 68 مقعدا برلمانيا تسمح لهما تشكيل حكومة أغلبية. كما أن بأستطاعة الحزب الديمقراطي الاستغناء عن الاتحاد الوطني و تشكيل الحكومة مع حركة الجيل الجديد التي لديها 15 مقعدا برلمانيا و الاثنان معا لديهما حوالي 60 مقعدا برلمانيا. ألا أن شروط حركة الجيل الجديد لا تختلف كثيرا عن شروط الاتحاد الوطني الكوردستاني. الحزب الديمقراطي قد يحاول الضغط على الاتحاد الوطني من خلال الايحاء بتشكيل الحكومة مع حركة الجيل الجديد. ألا أن ذلك سوف لن يكون لصالح الحزب الديمقراطي لأن حركة الجيل الجديد ستقوم بلعب دور المعارضة داخل الحكومة و استغلال ذلك التحالف من أجل الاطاحة بالاتحاد الوطني في السليمانية و الحزب الديمقراطي في أربيل و دهوك.
أمكانية تشكيل حكومة من الحزب الديمقراطي و الاتحاد الوطني و حركة الجيل الجديد تكاد أن تكون معدومة لعدة أسباب منها: أن حركة الجيل الجديد تطالب هي الاخرى بمنصب رئاسة الاقليم أو رئاسة الوزراء. رئيس حركة الجيل الجديد قالها بعضمة لسانة أنه لا يريد رئاسة البرلمان أي أن الهدف هو رئاسة الاقليم أو الوزراء. هذا الشرط يرفضه الحزب الديمقراطي و من المستحيل أن يقبل به الاتحاد الوطني ايضا. فالاتحاد الوطني أيضا لا يرضى بمنصب رئاسة البرلمان فقط. السبب الاخر اعدم قدرة الحزب الديمقراطي لشروط حركة الجيل الجديد هي مخاوفة من أن يعمل الاتحاد الوطني الكوردستاني على فصل السليمانية و حلبجة من الاقليم و تشكيل أدارة مستقلة هناك و خاصة أن المحكمة الاتحادية أصدرت حكما بأمكانية صرف رواتب الاقليم كمحافظات.
الاحتمال الاخر هو أن يفشل الحزب الديمقراطي بتشكيل الحكومة و توكيل التشكيل الى الاتحاد الوطني الكوردستاني. هناك أحتمال ضعيف جدا أن يتمكن الاتحاد الوطني من تشكيل الحكومة أن لم نقل مستحيلا و هو تشكيل حكومة مع الجيل الجديد و القوى الاخرى التي أختارت المعارضة و ذلك من خلال توزيع المناصب بينها و بين حركة الجيل الجديد و أعطاء منصب رئاسة البرلمان الى حزب الاتحاد الاسلامي و أعطاء مناصب وزارية الى القوى الاخرى الصغيرة. و لكن هذا الاجراء سوف يصطدم بالمعارك الاعلامية الحالية بين القوى الصغيرة و حركة الجيل الجديد. و العائق الاكبر هو أن الحزب الديمقراطي عندها سوف لن يقبل بتلك الحكومة و سيقوم بأدارة أربيل و دهوك بشكل مستقل. و عندها أيضا سيتم تقسيم الاقليم.
الكثير من المعطيات تشير الى أن مفاوضات تشكيل حكومة الاقليم ستكون طويلة جدا لأن لم نقل أنها مستحيلة و فيها مخاطر كبيرة و منها تقسيم الاقليم أو في أحسن الاحوال أعادة الانتخابات من جديد.