قناة العربية تتحول الى قناة عبرية- الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

من مصائب هذا الزمان ان تجد اغلب الحكومات العربية تهرول لتحقيق رضا امريكا والصهاينة, لذلك تجد ان الجيوش المصرية والاردنية والسعودي والاماراتي ليست فقط متخاذلة عن نصرة قضايا الامة, بل تشد عضد الصهاينة, حيث تعتبر حكومات التطبيع ان المقاوم ارهابي يجب ازالته من الوجود, وفي خضم هذه النكبات نجد اغلب الاعلام العربي منحاز للصهاينة بشكل عجيب, بل تشعر ان الاعلام السعودي والمصري والإماراتي صهيونيا أكثر من الصهاينة, من خلال تبنيهم للمواقف الصهيونية ومهاجمتهم للمقاومين ومحاولة التشكيك بهم.

وخير مثال عن هذه القضية (قناة العربية) المملوكة للسعودية, وهي  صورة واضحة جدا عن الاعلام العربي المتصهين.

·     انحياز أم مهنية؟

منذ بداية طوفان الاقصى والملاحظ ان الاعلام العربي من خلال تغطيته للحرب, تباينت طرقه حول تغطية وسائل الإعلام للأحداث, وهناك فرق كبير بين قنوات وصحف تعاملت بمهنية وأخرى انحازت للصهاينة المحتلين.! ومن جملة تلك القنوات كانت قناة العربية المملوكة للسعودية، حيث تعرضت لانتقادات واسعة بسبب تبنيها رواية المحتل الصهيوني وتجاهلت الرواية الفلسطينية واللبنانية, فضلا عن موقفها الواضح من المقاومة.

هذه القناة العربية هنا فقدت عروبتها, وضاعت مهنيتها, لتنحاز لعدو الأمة ذلك الجيش الصهيوني الارهابي المتوحش., فتعرض اخبار تعبر عن راي الصهاينة, ونفس الوقت تتجاهل اخبار المقاومة.

·     مواقف منبطحة واضحة

ويمكن رصد مواقف القناة منذ بداية العدوان على غزة, حيث تبنت رواية الاحتلال الصهيوني في عدة مناسبات, كما عمدت القناة لتحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية العدوان,  وروجت العربية للإشاعات التي بثها إعلام جيش الاحتلال الصهيوني ومنها الكشف عن شخصية الناطق باسم كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أبو عبيدة.

ورغم نفي حماس للحديث جملة وتفصيلا، أعادت العربية مرارا تصريحا لمسؤول إيراني زعم أن عملية طوفان الأقصى كانت ثأرا لقاسم سليماني.

وعمدت العربية في تغطيتها إلى تجاهل كلمات المتحدث باسم القسام أبو عبيدة, لكنها تجتزئ بعضا من تسجيلاته عندما يشكر جميع المساندين للشعب الفلسطيني, وتركز على إيران وحلفائها في المنطقة.

·     ايضاح موقف العربية من المقاومة

لا يخفى على كل متابع منصف لقناة العربية تبنيها خطا تحريريا معينا في تناول الأوضاع في المنطقة، ويبدو ذلك مكشوفا في مضمون برامج ونشرات الأخبار فضلا عن الضيوف الذين تنتقيهم العربية, وكررت العربية سواء في أخبارها أو على لسان ضيوفها تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني, فضلا عن التأكيد على تحقيق هدف الاحتلال الصهيوني الأول, وهو إزاحة حماس من السلطة في قطاع غزة.

ومؤخرا انتقد مئات الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لاذع تحريض القناة ضد المقاومة على لسان أحد ضيوفها, الذي دعا الدول العربية للتعامل بحزم مع المقاومة الفلسطينية وكل من يؤيدها

·     انتبه حرب المصطلحات

عند التدقيق فيما تطرحه قناة العربية نلاحظ انها استخدمت مصطلحات محددة في التعامل مع حرب غزة، من خلال تلك المصطلحات انحازت للصهاينة تماما, حيث يمكن ان تلاحظ انها تسمي شهداء فلسطين ولبنان بالقتلى، حتى وإن ورد الخبر على لسان وسائل إعلام فلسطينية او لبنانية التي تسميهم بالشهداء، فتغير المصطلح من شهيد الى قتيل! لكنها وبذات الوقت تسمى قتلى الاحتلال الصهيوني بالضحايا، في محاولة منها كي تسلب الفلسطينيين شرعية حربهم ضد الاحتلال الصهيوني, وتعتبر هم ليسوا شهداء بل قتلى في صراع باطل.

كذلك هي لا تصف الاسرى الذين أمسكتهم حماس بهذا المصطلح بل هي تسميهم بمصطلح “الرهائن”, فاذا الصقت كلمة رهائن فأنها تعني ان حماس ارهابية معتدية, 

ولا تستخدم كلمة (مجزرة) عند وصف الجرائم التي ترتكبها الة التوحش الصهيوني! بل هي تقول قتلى وجرحى بقصف اسرائيلي على مدرسة,

وتحرص العربية على عدم وصف قوات الصهاينة بالاحتلال في نشراتها الإخبارية أو برامجها، بل هي تطلق عليه “الجيش الإسرائيلي”، اي هي نزهته من جريمة الاحتلال,  وعلى العكس من ذلك تصف المقاومة بـ “المسلحين الفلسطينيين” و”مقاتلي حماس”,

كما تصف العربية بكل خبث الدعوة للخروج بالتظاهرات دعما لغزة بأنها تحريض على التصعيد في تلك البلدان, انسجاما مع الموقف الداعم للاحتلال.

فهل أدركت الان خبث هذه القناة من خلال تلاعبها بالمصطلحات لتشكك بالمقاومة الشريفة وتنزه المحتل المجرم.

·     أسلوب التجاهل والاهتمام

منذ ان بدأ طوفان الاقصى وقناة العربية تتجاهل بث المقاطع المصورة التي تنشرها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة لعملياتها ضد الاحتلال، لكنها بالمقابل تبث بشكل يومي مشاهد لجيش الاحتلال الصهيوني خلال معاركه في غزة, مشاهد نشرها الجيش الصهيوني حيث تروج للصهاينة وتتكتم على قوة فعل المقاومة, وأواخر كانون الثاني/يناير تعرضت قناة العربية “الحدث” السعودية لانتقادات واسعة، بعد نشرها مقطع فيديو مفبركا من غزة، يظهر فيه الناس وكأنهم يهتفون ضد حركة المقاومة الفلسطينية “حماس”, ونقلت “الحدث” المقطع من حسابات إسرائيلية، دون الإشارة إلى أنه مفبرك.

وانتقد مستخدمو مواقع التواصل تغطية “الحدث” وانحيازها إلى رواية الاحتلال الإسرائيلي, حيث اصبح واضح ان قناة العربية المهم عندها ان تنكل بالمقاومة حتى لو كان الخبر مفبرك ومن التلفزيون الصهيوني!

·     منهج انتقاء الضيوف

المتتبع الواعي قد شخص ان قناة العربية حريصة جدا على انتقاء ضيوف ذوي مواقف تتفق مع القناة، وعلى سبيل المثال يظهر على شاشتها بشكل متكرر القيادي في حركة فتح أسامة العلي الذي كال “الشتائم” غير المقبولة في وسائل الإعلام للمتظاهرين المؤيدين للمقاومة الفلسطينية.

وعلى النقيض من ذلك يدخل مذيعو القناة باشتباكات كلامية وسجالات عندما يطرح الضيف أفكارا تتعارض مع توجهاتها للتشويش على الضيف وعلى المتابع كي تضيع الأفكار.

·     هنيئا للصهاينة بقناة العربية

القناة السعودية المسماة بالعربية انحازت تماما بجانب المحتل الصهيوني, وعملت بكل جد على مجموعة نقاط كي تهدم وعي الامة, وتكون خير معول بيد الصهاينة, ويمكن ان نبرز هذه النقاط:

اولا: عملت على جعل العدو هو حماس وليس الصهاينة المحتلين, حيث وجهت كل مواردها الى شيطنة حماس.

ثانيا: أن الموقف في هذا الإعلام الناطق بالعربية تجاوز الاختلاف والعتب من حماس, إلى حقد كبير ورغبة دفينة في التخلص منها لا تختلف عن رغبة كبار مجرمي الحرب الصهاينة.

ثالثا: عناوين الأخبار الأولى والمانشيتات الأبرز مخصصة للكيان الصهيوني الغاصب, وتصريحات مسؤوليها المدنيين والعسكريين.. إسرائيل ترفض، نتنياهو يندد، غالنت يهدد.. إلخ.

رابعا: هنالك تجاهل متعمد لذكر اصل الصراع, فوجهة النظر الفلسطينية يقدمونها منزوعة الدسم مجرّدة من كل أبعادها السياسية والتاريخية كأن التاريخ عندهم بدأ يوم 7 أكتوبر., في خبث شديد اكبر من خبث الصهاينة أنفسهم.

خامسا: التعاطف مع أهالي غزة ونسائها وأطفالها يندرج ضمن جهود شيطنة حماس وليس لتحميل الجيش الصهيوني مسؤولية قتل ذويهم وتهجيرهم قسرا, كل صور الخراب في غزة يرافقها تصريحا وتلميحا أن حماس هي سبب ما تشاهدون.

سادسا: في التعامل مع أخبار تتلاعب بالمصطلحات, مثلا تعثر مفاوضات الهدنة «حماس ترفض مقترحات إسرائيل» لكن إسرائيل «تعتبر شروط حماس غير كافية».

سابعا: هوس بإيران يقترب من الهذيان، خصوصا عندما تزايد الحديث عن الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني (ردا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق), كأن الهجوم الايراني كان موجه إلى السعودية أو الإمارات وليس للصهاينة.