إنفجرت أحداث 7 أکتوبر2023، بالتزامن مع مساع حثيثة کانت تجري في المنطقة حينها من أجل الاعداد لحل الدولتين، وقد کان الهدف الاساسي من وراء هذه الاحداث، وکما أکدت أغلب مقالات الرأي في المنطقة والعلام، هو الحيلولة دون نجاح تلك المساعي ولکن وفي نفس الوقت تبين بأن إيران هي من وقفت بنفسها وراء هذه العملية ولازالت تعمل من أجل إسنادها، لأنها کانت ستکون مع حرکة حماس المتضررين الاکبرين لو کتب لتلك المساعي النجاح.
ويبدو واضحا بأن القادة الايرانيين قد بنوا قصورا في الخيال على هذه الاحداث وتصوروا بأنها ستغير من وجه المنطقة لصالحهم وتمنحهم قوة أکبر خصوصا بعدما رأوا بأم أعينهم کيف إن بلدان المنطقة والعالم قد إنتظروا إنفضاض إحتجاجات 16 سبتمبر2022، حتى يبنون مواقفهم على أساس منها، ولذلك فإنهم سعوا ليس أن يستردوا قواهم التي أنهکتها تلك الاحتجاجات التي دامت لأشهر، بل وحتى أن يعودوا للتغول والتعملق بوجه بلدان المنطقة ويقتصوا منها، لکن وکما حدث وجرى لم تجري السفن في أحداث 7 أکتوبر کما أراد الإيرانيون.
إذن، فإنه کان لطهران من وراء أحداث 7 أکتوبر، هدفان رئيسيان؛ الاول هو إعادة القوة والفعالية للدور الايراني في المنطقة وجعل أية صفقة أو تسوية مرتبطة بموافقتها أو رفضها، والثاني، کان زرع حالة من اليأس في داخل إيران من أن النظام لازال يتمتع بقوته وإن المنطقة والعالم مجبرين للإعتراف بذلك والتعامل في ضوئه مع إيران، لکن الاحداث والتطورات التي جرت ليس في غزة بل وحتى في لبنان أيضا شهدت تراجعا مصيريا لحرکة حماس وحزب الله اللبناني، قد رحب بها الايرانيون کثيرا وظهر ذلك واضحا على شبکات التواصل الاجتماعي وکذلك في التظاهرات والتجمعات السياسية للجالية الايرانية في بلدان العالم المختلفة، وهو أمر من الواضح جدا بأن القادة والمسٶولون الايرانيون ولاسيما المرشد الاعلى قد أخذوه على محمل الجد.
ماجرى في غزة، أثبت خطأ نوعي في حسابات النظام الديني في إيران ومن إنه لم يقم بمجرد رهان وإنما بمغامرة غير مأمونة العواقب ولاسيما بعد أن تجاوز وتخطى الخطوط الحمراء الدولية وهذا کان بمثابة اللکمة الاولى الموجعة لطهران، وجاءت اللکمة الثانية مع فوز ترامب الذي يعني مزيدا من شد الحزام على الخصر الايراني النحيل وما يعنيه ذلك من تحد وتهديد غير مأمون العواقب، أما اللکمة الثالثة وهي ليست الاقسى والاعنف بل وحتى اللميتة للنظام، فهي التي ستکون على يد الشعب الايراني والانتفاضة القادمة التي تٶکدها معظم المٶشرات خصوصا وإن الشعب الايراني الذي يتمتع بوعي سياسي يعي جيدا بأن فرصته قد حانت للتخلص من هذا النظام ومشاکله ومصائبه التي لاتنتهي، وهو يدرك أيضا بأن العالم هذه المرة لن يتخلون عنه لأنهم يدرکون بأنها تعتبر أيضا فرصتهم التي لا تعوض أبدا!