أحلام الطفولة في فلسطين تحديات وآمال- الكاتب: عمر رمضان صبره

يحتفل العالم بيوم الطفل في العشرين من نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم العالمي للطفل وفق ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعلان حقوق الطفل، ثم إقرارها واعتمادها اتفاقية الطفل عام 1989 فكان الهدف الأسمى لهذا اليوم هو تعزيز الترابط الدولي وثقل الوعي بين أطفال العالم ورفاهيتهم وتحسين معيشتهم، علما بان فلسطين قد وقعت على اتفاقية الطفل عام 2014 واعتبرت فلسطين الخامس من ابريل من كل عام يوم الطفل الفلسطيني.
ان مرحلة الطفولة هي من اهم المراحل التي يمر بها الانسان، حيث تعتبر مرحلة التشكيل والتكوين وبداية الوعي وأحلامه من حيث ثقل شخصيته، وتعزيز ثقافته لبناء مستقبله، فهم بناة مستقبل الامه و عراقتها، فهم رجال المستقبل الذي يبني عليهم حضارة أمتهم، والله عز وجل يقول في محكم التنزيل: المال والبنون زينة الحياة الدنيا {الكهف: 46}.
وقد عبر جبران خليل جبران عن الأطفال “إن أطفالكم ما هم بأطفالكم، فقد وَلَدَهُم شوقُ الحياة إلى ذاتها، بكُم يخرجون إلى الحياة ولكن ليس منكم”.
الأطفال هم من لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره كما ذكرت اتفاقية حقوق الطفل للأمم المتحدة وفق المادة 1 الطفل بانه “كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشر، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المطبق عليه”، اما قانون الطفل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2004 فقد عرف الطفل بالمادة 1 بان الطفل “هو كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره”. إن أطفال فلسطين يعيشوا واقع صعب ومرير وقاسي بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومطرقة الاحتلال الإسرائيلي و الانتهاكات بحق الطفولة، وحرب الإبادة الجماعية في غزة والضفة الغربية المستمرة وما تبعها من انتهاكات ضد الطفل وحقوقه.
إن إسرائيل تنتهك حقوق الطفل منذ نشأتها وتمارس القتل والضرب والتعذيب والاعتقال والحرمان لحقوقهم، ومنذ عام 1967 مارست إسرائيل سياسة الاعتقال بحق الأطفال فيقدر مجموع المعتقلين أكثر من 95 ألف طفل فلسطيني، بما نسبته 800 طفل سنويا تقريبا، ومارست عليهم أبشع واشد أنواع العقوبات بسلبهم حقهم في الحرية بالحبس والتعذيب الجسدي والنفسي ومنعهم حق التعلم وحق اللعب والتنقل ولم شمل العائلة، وعرضهم على المحاكم العسكرية بانتهاك صارخ لاتفاقية جنيف، فهي لا تتعامل مع الأطفال وفق الملاذ الأخير ولا تجنبهم الاعتقال، ولكن دولة الاحتلال تعتبره الملاذ الأول وليس الأخير كما الاتفاقيات الدولية. فإسرائيل لا تحترم الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الطفل.
إبادة غزة:
خلال احداث حرب الإبادة الجماعية الجارية في غزة قد استشهد أكثر من 14 ألف طفل، وهناك حوالي 3500 طفل لا تعلم عائلاتهم اي معلومات وهم في عداد المفقودين، وأكثر من 25 ألف طفل بدون والديهم أو أحد والديه، بالإضافة لتهجير القسري للأطفال وعائلاتهم عن بيوتهم.
وقدرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عدد الطلاب الذين استشهدوا وهم على مقاعد الدراسة أكثر من 11 ألف طالب في قطاع غزة، و 81 طالب بالضفة الغربية، وإصابة ما يزيد عن  19500طالب.
القانون الدولي والطفل:
لقد رسخ القانون الدولي الإنساني بالاتفاقيات الدولية تحديداً اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بالإضافة للبرتوكولين الإضافيين لعام 1977 حماية الأطفال بعدة قواعد قانونية عامة وهي:القاعدة الأولي: اعتبار الأطفال جزء من السكان المدنيين ولا دور لهم بالأعمال العدائية. ان هذا المبدأ يرسخ بأن للأطفال الحق بالمعاملة الإنسانية باعتبارهم لا يقوموا بأعمال عدوانية وفق للمادة 3 من اتفاقية جنيف، وقد تضمن البرتوكول الأول 1977 على ضرورة التفرقة بين المقاتل والمدني أثناء النازعات المسلحة الدولية، والبرتوكول الثاني تضمن بأنه لا يجوز أن يكون المدنيين محلاً للهجومات المسلحة.
القاعدة الثانية: المعاملة الخاصة و التفضيلية للأطفال، حيث يرسخ هذا المبدأ وفق المادة 77 من البرتوكول الأول مبدا الحماية الخاصة بالأطفال ” يجب أن يكون الأطفال موضع احترام خاص، وان تكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء، ويجب أن تهيئ لهم أطراف النزاع العناية والعون الذين يحتاجون اليهما سواء بسبب سنهم أو لاي سبب آخر”.وعليه نؤكد حاجتنا لتوحيد جهود مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لنقل معاناة أطفالنا المعتقلين بسجون الاحتلال والعمل على متابعة ملف الاسرى وخاصه الأطفال امام كافة المنظمات الدولية لضغط على إسرائيل من اجل الإفراج عنهم.
واقع وآمال الطفولة في فلسطين:
وحسب تقديرات مؤسسات متابعة الحركة الأسيرة بسجون الاحتلال مازال يوجد الان أكثر من 200 طفل معتقل في سجون الاحتلال.
وهنا يجب العمل على توحيد كافة الجهود من اجل حماية حق الطفل بالتعليم في ظل حرب الإبادة في غزة الذي فرض واقعاً مختلفاً بالتعليم فالطفل لا يذهب إلى المدرسة بسبب استمرار الحرب منذ أكثر من عام بالإضافة لهدم عشرات المدارس وتدميرها كليا أو جزئيا، وهذا يحتاج لتكثيف الجهود من اجل تعليم مناسب في ظل استمرار عجزنا خلال حرب الإبادة.
علما بان هناك قضايا متعلقة بحق الطفولة تحتاج الى تكثيف الجهود وخلق حلول ابتكارية غير تقليدية لمكافحة ظاهرة عمالة الأطفال لما لها جوانب سلبيه على الطفل تؤدي لحرمانه حق التعليم وحق اللعب وحق التمتع بالطفولة والاستغلال السلبي لعمالة الأطفال، التي تزداد نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة.
واقع خاص لأطفال فلسطين في القدس
استعرض الدكتور أشرف الأعور، وزير شؤون القدس بأحد المؤتمرات الدولية حول الطفل بأهم الممارسات الإسرائيلية بحق الأطفال المقدسيين، من بينها:
1. الاعتقالات التعسفية: إذ اعتُقل خلال العام الجاري وحده 696 طفلًا في القدس الشرقية.
2. الإعدامات الميدانية: حيث قُتل 49 طفلًا فلسطينيًا منذ عام 2014 وحتى الآن.
3. الحبس المنزلي والإبعاد: طال هذا الإجراء أكثر من 600 طفل خلال العام الماضي.
4. التعذيب أثناء الاعتقال: والذي يشمل الضرب والإهانات النفسية وحرمان الأطفال من حقوقهم الأساسية.
5. فرض مناهج إسرائيلية محرفة: بهدف طمس الهوية الفلسطينية وتعزيز الرواية الإسرائيلية.
6. التنقل عبر الحواجز العسكرية: مما يعرض الأطفال يوميًا لمضايقات نفسية وجسدية.
ختاماً:
اعتقد بأننا بحاجة إلى توحيد الجهود المبذولة من قبل الحكومة الفلسطينية والمجتمع المدني والمؤسسات الدولية لحماية حقوق الطفل الفلسطيني كباقي أطفال العالم بمناسبة اليوم العالمي للطفل لإطلاق صرخة للعالم بأن الطفل الفلسطيني له حقوق كباقي أطفال العالم كحق الحياة الكريمة والتعليم والتنقل واللعب.
اتمني من الله العلي القدير أن يكون غدا افضل بالأمل والتفاؤل، ورغم ذلك لا يمكن أن ننسي الأم وهي تبحث عن ابنها وسط المصابين وتقولهم: “يوسف شعره كيرلى وأبيضانى وحلو وينه حبيبى”.
واكرر ما قالته الشاعرة التشيلية غابرييلا ميسترال “اقترف البشر أخطاء كثيرة، ولكن أسوا جريمة اقترفت على الإطلاق هي التخلي عن الأطفال، وإهمال ينبوع الحياة، ويمكن إرجاء الكثير من الأمور إلى وقت آخر، الكثير نعم ولكن باستثناء الرعاية بالأطفال، مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه، وبالتالي علينا أن نتصرف اليوم وألا نترك الأمور إلى الغد”.
omersabra369@gmail.com