لو أرادت تركيا بجيشها الجرار المصنف ثانياً في حلف الناتو أحتلال الأراضي السورية سوف لا تستطيع تحقيق معشار ما حققته التنظيمات الإرهابية عندما أحتلت ثلاثة مدن سورية كبيرة في غضون 72 ساعة . من أين جاءوا بهذه القوة وهذه السرعة ؟ ولماذا تنهار أمامهم الجيوش ؟ هؤلاء مقاتلون عقائديون ينظرون للأمام ولا يلتفتون إلى الخلف يتقدمون بحماسة وبشحن عالي ويهجمون من جميع الجبهات بلا هوادة ولا يحترمون القوانين الدولية ولا يهمهم المدنيين العزل ، ولا يخافون أحداً ، يشترون الموت بدماءهم ، فعقولهم تم تصفيرها وغسلت أدمغتهم ، فعندما يكون للإرهاب غطاء ديني متطرف يصبح الأرهاب عنيفاً كاسحاً فلا يتجرأ أحد من مجاراتهم . هذا ما حصل فعلاً في شمال سوريا ، أرهابيون بغطاء ديني وتدريب قتالي محترف وبدعم مادي كبير من دولة نفطية تشاركهم في المعتقد والأهداف ، أسلحتهم حديثة ، غذاءهم درجة أولى ، قيافتهم العسكرية مميزة لكنهم لا يرتدون الخوذ العسكرية كي لا تنكشف الجهة التي تقف وراءهم ، التسهيلات اللوجستية كانت حاضرة معهم من خلال الصور المنقولة . في اليوم الأول لتوغلهم داخل المدن السورية أعلنت تركيا بإنها لا علم لها بما يحدث لتظهر براءتها وبعدها بساعات فضحت نفسها عندما حذرت الكورد بعدم استغلال الوضع الجديد في شمال سوريا ، ما هي الاهداف التي يريد تحقيقها هؤلاء الأرهابيون ؟ بالتأكيد ليست لديهم أية أهداف بدليل الفديوات المنشورة على اليوتيوب عندما صرح أحدهم بأنهم سيصلون دمشق قريباً وكأنهم في نزهة . بالطبع لن يصلوا دمشق لأن أهدافهم الحقيقية نجدها في أنقرة التي هدفها لا يتعدى استقطاع اجزاء كبيرة من الأراضي السورية . أهداف أنقرة يعرفها الكورد قبل غيرهم ، فهم الأدرى بنوايا الحكومة التركية المعروفة سلفاً لكل كوردي ذاق مرارة السلوك التركي في كوردستان ، وهي كالأتي ، أولاً تقسيم سوريا وإضعاف النظام السوري إلى أقصى حد والذي ستكون حدوده الجغرافية الجديدة دمشق وبعض المدن السورية ، وهذا الحلم التركي القديم حان وقت حصاده ، ثانياً ضرب ومشاغلة الكورد وإضعافهم بدرجة كبيرة ومثل هذه الفرصة لن تتكرر ، ثالثاً تشكيل ضغط على العراق للإستجابة للسياسات التركية مستقبلاً وخاصة فيما يخص الكورد وقد يكون هؤلاء الارهابيون نواة لداعش جديد يكتسح مناطق من العراق إن شاءت تركيا فعل ذلك كما فعلت من قبل في الموصل ، فتركيا اليوم تكشر عن أنيابها في المنطقة وتعلن نفسها بالثوب العثماني القديم مستغلة التراجع الإيراني الذي أنكسر في جنوب لبنان وفي سوريا ومستثمرة قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي صرح مراراً وتكراراً عدم دفاعه عن أية جهة مجاناً . أمريكا القوة الأولى في العالم وفي المنطقة سوف لن تدعم أي طرف وحتى العراق سوف لن تدعمه بسبب المواقف المعادية للحكومة العراقية ضد أمريكا ونكرانهم للجميل ولكن التحالف الدولي سوف لن يسمح بهزيمة الكورد ولهم اسباب كثيرة في ذلك ، على الحكومة العراقية الإسراع في ترسيخ علاقاته مع التحالف الدولي قبل فوات الأوان فاللعبة أصبحت مكشوفة والحكومة التركية تنتظر بفارغ الصبر تعثر العلاقات بين الحكومة العراقية والتحالف الدولي لتبدأ المرحلة الثانية من نواياها الخبيثة . فهل سيكون العراقيون بمستوى العقلية التركية ونواياها أم أنهم سيحسبونها بالطريقة الخاطئة كما عودونا ؟ وهل ستعمل الحكومة العراقية على دفع الأموال للتحالف الدولي وللقوات الأمريكية للإبقاء على قواتها في العراق نادمين بأنهم طلبوا منها مغادرة العراق بعد أن كان وجودها مجاناً وبرغبة من التحالف الدولي ، كما يقول المثل العراقي ( اللي ما رضى بجزة رضى بجزة وخروف ) .
ما اشبه اليوم بالبارحة الصراع التأريخى الازلى بين الامبراطوريتن العثمانية والفارسية على التوسع والنفوذ يتجدد اليوم ويتجلى
باوضح صورةفىما يجرى فى المنطقه وخاصة فى سوريا والعراق بين النظامين التوسعيين المارقين المتنافسين تركيا و ايران والضحية شعوب المنطقه وبصورة خاصه الكورد ضحايا اتفاقية سايكس بيكو الظالمة المنقسمين والمفتقرين الى دولة وقوة تحميهم ونظام دولى عادل ينصفهم ويكاد العالم ان يتحول الى غابة يفترس فيه القوى الضعيف . تحية للكاتب المبدع على كتاباته وتحليلاته المتميزه ولجريدتنا صوت الاحرار المزيد من التقدم والازدهار
الغالي ابو تارا
تحياتي وتقديري لمتابعاتك واهتمامك الكبير للمقالات ، ذلك يدل عن وعي عميق وثقافة عالية . حفظك الله وأعز مقامك