(19)/ طفح جلدي- رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط- عبد الرضا حمد جاسم

تكتب عن دول الخليج فتتحسس ايران
تكتب عن ايران فتتحسس دول الخليج
تكتب عن اليسار في الوطن العربي فيزعل اليمين
 تكتب عن اليمين فيزعل اليسار
تكتب عن جماعة عرفات فتأخذ جماعة أبو موسى على خاطرها
 تكتب عن جماعة أبو موسى فاتخذ جماعة عرفات على خاطرها
فالكل حساس و شاعري و بشرته السياسية لا تتحمل النسيم العليل في هذه المرحلة و الكل له حساباته الداخلية و الخارجية و الاقتصادية و الأمنية و الدينية و التاريخية و تكتكاته الإعلامية والاستراتيجية التي يجب مراعاتها و التوفيق فيما بينها عند كل كلمة يكتبها كاتب او تمثيلية يخرجها مخرج او اغنية يغّنيها مطرب او نكتة يلقيها مهرج
 و بما اني لست الشاذلي القليبي لكي اوفق بين آلاف الامزجة و الطباع و التناقضات و انا ابتسم فان الرد الوحيد و الجاهز لدي على اول حرف يحذف لي مرة أخرى هو فورا و بدون تردد:
جميع الأنظمة العربية على راسي
ودول الخليج على عيني
و ايران على عيني الثانية
و منظمة التحرير على ظهري
و الجيوش العربية على صدري
و منظمة الأوبك على بطني
و الحريات العامة على رجلي
فمنذ زمن بعيد و انا اشعر بانني وقفت اكثر مما يلزم الى جانب الانسان العربي الذي هو نفسه لا يقف الى جانب نفسه
 و بانني ظلمت الأنظمة العربية وتجنيت عليها اكثر مما يجب عندما ركزت  على ما عندها من سلبيات على حساب ما قدمته لشعوبها من إيجابيات لا يمكن لاي حضري او بدوي مهما دفن راسه تحت الرمال او تحت الوسائد ان ينكرها و يتجاهلها في الحياة و في المجتمع.
فناهيك عن شق الطرقات و تشجير الصحاري و تحلية مياه البحر و استصلاح الأراضي و توسيع المدن و انارة القرى و الزامية التعليم و مجانية الطب و مكافحة التسيب و الفساد و البغاء و استقلالية القضاء وعن تحديث المجتمع العربي باسره و نقله من ظلمات الجهل و التخلف الى مستويات ظهرت مرارا على اغلفة “التايم” و” النيوزويك” و ” اللوموند” و كبريات الصحف و المجلات العالمية
فهناك الإيجابيات الكبرى على الساحة العربية و القومية و اسمحوا لي ان اعدد بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر:
نسف مقر المارينز و الوحدة الفرنسية في بيروت
نسف مقر الحاكم الصهيوني في صور
تصعيد المقاومة اللبنانية في الجنوب المحتل
 و استئنافها في داخل فلسطين المحتلة
رفض مشروع الرئيس ريعان و التمسك بمقررات قمة فاس
اسقاط حكومة بيغن و ربما اسقاط ريغان نفسه
قرب عودة العلاقات بين الاتحاد السوفييتي و مصر و بين مصر و العالم العربي و قطعها مع السلفادور و كوستاريكا.
تقديم كافة المساعدات المادية و المعنوية للدول الفقيرة و لحركات المقاومة في ايرلندا و افريقيا و أمريكا اللاتينية و أفغانستان.
حتى الإرهاب العربي الذي غطا المنطقة و خارجها بالدماء و الجماجم و المخطوفين و المفقودين و بكل ما قام به من اغتيالات سياسية و تصفيات جسدية و مقابر جماعية هو إرهاب إيجابي و جزء أساسي من الخطة العربية المتكاملة منذ الخمسينات حتى الان في صراعنا مع العدو الصهيوني و لكنه جزء سايكولوجي او بيولوجي كما سيتضح للسذج و قصيري النظر في المستقبل و اسمحوا لي ان اوضح لكم ذلك: فالمعروف تاريخيها انه كلما لاح في الأفق شبح معركة او حرب جديدة بين العرب و إسرائيل يهب الاعلام الصهيوني و المتعاطفون معه في جميع انحاء العالم و يبدؤون بالصراخ و العويل و الاستهزاء و تأليب الراي العام العالمي ضدنا:
 مئة و خمسون مليون على ثلاثة ملايين؟
اين التكافؤ؟ أين الشهامة؟
اين الفروسية في مثل هذه المعركة؟
و لقطع الطريق عليهم نهائياً و نزع هذه الورقة من أيديهم مستقبلا فقد صمم الإرهاب العربي على متابعة تصفياته الجسدية حتى لا يبقى من المئة و الخمسين مليون عربي سوى ثلاثة ملايين فقط أي بعدد سكان إسرائيل تماما و عندما تبدا المعركة الفاصلة لا تستطيع هي و عملائها و المتعاطفين معها في الخارج ان يسخروا من العرب و الادعاء بان المعركة غير متكافئة.
و الان اسمحوا لي ان اضع عشرين شريط لناظم الغزالي و اغلق الباب على نفسي حتى الأسبوع القادم.
……………………………….
التالية: (20/ ملكة النحل
رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط
عبد الرضا حمد جاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *