مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد !!! – منصور سناطي

 

طوفان وزلزال سرعة  سقوط بشار الأسد لم يكن في الحسبان حتى عند الخصوم وصعوبة التصديق في أنحاء العالم ، لحقبة زمنية قاربت الستة عقود من حكم عائلة الأسد لسوريا ، حيث أطاح الربيع العربي بالكثير من الرؤساء العرب ، منهم معمر القذافي في ليبيا ، ومحمد حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس ، وعلي عبدالله صالح في اليمن ، لكن أسد سوريا بمساعدة إيران وحزب الله اللبناني قتل من المعارضة أكثر من ثلثمائة ألفاً وشرّد الملايين ، ورفض مراراً دعوة تركيا لتطبيع العلاقات وعودة المهجرين ، وكان هذا من الأخطاء الفادحة  وعدم أخذ المستجدات بعين الإعتبار ، خصوصاً بعد طوفان الأقصى وتدمير غزة وإمكانات حزب الله في لبنان ، وعجز إيران عن الدفاع عن كليهما ، نظراً للمخاطر المترتبة ، والضربات المتتالية للقواعد والقوات الأيرانية المتمثلة بالمييلشيات في سوريا ، والدعم الروسي الغارق في المستنقع الأوكراني ، لم يكفِ لإيقاف الهجوم الكبير .

اللاعب الأكبر في هذا الصراع هي تركيا ، التي أعدت الموالين لها مع جبهة تحرير الشام ، والفارين من الجيش السوري ، وحدوث الفراغ بإنسحاب حزب الله من سوريا إلى لبنان أثناء المواجهة مع إسرائيل ، إستغلت الفرصة بذكاء فشنّ مواليها هجوماً مباغتاً كبيراً فإحتلت حماه وتقدمت نحو حلب وسيطرت عليها ثمّ تقدمت نحو حمص وإستولت عليها أيضاً وآخرها دمشق العاصمة ، والجيش لم يقاوم إلا قليلاً ، بل إنسحب ، والنتيجة فرار بشار الأسد إلى موسكو مع عائلته ، منهياً بذلك حكماً دام أكثر من نصف قرن لسوريا .

ولكن ماذا بعد سقوط الأسد ؟

تركيا ستقاتل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعتبرهم إرهابيين وإمتداداً لحزب العمال الكردي المعارض ، الذي يقاتل في سبيل حقوقه منذ عقود، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى هناك القوات المنتصرة على قوات الأسد وعلى رأسها

جبهة تحرير الشام وقائدها أبو محمد الجولاني ، التي رصدت أميركا 10 ملايين دولاراً لرأسه ، كيف ستتصرف الكثير من الدول الذي تعتبره إرهابياً ومطلوب دولياً ؟ وما هو نوع الحكم الذي سيتمخض ؟ سيما وان سوريا مجتمع متنوع بين السنة والعلويين والمسيحيين والدروز ، وكيف ستتعامل أميركا مع النظام الجديد ؟

الحقيقة والمعطيات والمصالح الدولية التي تتقاطع في هذا الشأن ، تتطلب الحيطة والحذر ، وهذا يعتمد على تصرّف من أطاحوا بنظام البعث في سوريا ، سيما وإن إسرائيل لا تريد أن تكون إيران على حدودها في سوريا ولبنان ، والوضع الجديد في صالحها بشكل عام ، ولكن بشرط أن لا يكون تهديداً جديداً لها.

والعالم يترقب ويبحث عن الأسلحة الكيماوية التي إستعملها الأسد ضد المعارضة ، ومن المحتمل أن يكون توجه النظام القادم  دولة إسلامية على غرار أفغانستان .

وهنا ستكون الطامة الكبرى ، فيكون الشعب السوري ، تخلص من نظام دكتاتوري دموي ، إلى نظام إسلامي متشدد ، كمن تخلص من المطر الغزير ، فتلقى الفيضان المدمّر ، وهذا ليس لصالح الشعب السوري ولا لدول الجوار،  وخاصة العراق والأردن ولبنان ، وإن الدواعش والقاعدة تتربص من خلال خلاياها النائمة لتعيث في الأرض فساداً من جديد ، وهنا مربط الفرس .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *