نفى مصدران رسميان من حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب” المؤيد للأكراد في تركيا والمعروف اختصاراً بـ Dem Parti، “إحراز أي تقدّم” بشأن مباحثات مرتقبة بين وفدٍ من الحزب وبين عبدالله أوجلان زعيم ومؤسس حزب “العمال الكردستاني” القابع في سجنٍ يقع بجزيرة إيمرالي، وذلك رغم ورود أنباءٍ في الإعلام التركي المقرّب من الحكومة حول لقاءٍ محتمل بين الحزب المؤيد للأكراد وبين أوجلان.
وقالت عائشة غول دوغان المتحدّثة باسم حزب “المساواة وديمقراطية الشعوب”، وهو ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، إن التقارير الواردة بشأن الموافقة على عقد مباحثاتٍ متحملة بين حزبنا وزعيم حزب “العمال الكردستاني” المسجون منذ العام 1999 “ليست دقيقة”، على حدّ تعبيرها.
سوف احاول ان اضع نفسي في مكان اﻻتراك و ما اريد من حزب العمال في هذه المرحلة
– اريد السيطرة الكاملة و الطويلة على الكورد.
– افضل طريقة هي ان اكون كدولة تركية هي من تسيطر على اﻻحزاب الكوردية بل وتقودها ، حتى لو كان ذلك في رفع الشعارات القومية الكوردية والعاب في معادية لتركيا من اجل كسب السياسية و الثورية.
– افضل طريقة هي زرع رجال و اشخاص في داخل اﻻحزاب الكوردية و ايصالهم الى مستوى القيادة و التحكم في قرارات الحزب نفسه. وكشف الحزب بأكمله امامي.
– اتباع سياسة ( جزء العشب ) داخل الحزب الكوردي المسيطر عليه من قبلي. بالتخلص من العناصر الوفية والمخلصة للقضية الكوردية و جعلهم ابطال اما اعين العشب العادي ( بطل ميت ) للمحاججة و المهاترة السياسية، في رفع اكبر شعار ممكن.
– اعطاء الحزب المخترق حجم اكبر من حجمه في الساحة السياسية من اجل ادخال الكورد كمجتمع في صراعات حزبية ﻻ تنتهي و بالتالي ابقائهم ضعفاء و بالتالي التدخل في مصيرهم و صراعهم من الداخل.
– المحصلة النهائية هي صهر و ازابة الكورد على النفس الطويل .
هذه هي الخطوط العريضة لي كتركيا. و كان ادخال الكورد الى الشارع السياسي الشيوعي كتنظيمات سياسية و احزاب في تركيا بينما الدولة هي في حرف أمريكي مناهض للشيوعية و تحاربها ، كانت اكبر شطارو و ذكاء لي كتركيا، بحيث اني امريكا تحارب الى جانبي في حربي الشخصية ضد الكورد، اي ان اﻻمريكان كانوا في صفي اثناء الحرب الباردة.
بانهيار الشيوعية و تغير المصالح الدولية و تغير اﻻحلاف الدولية هنا وهناك و البقاء على بعضها اﻻخرى من اجل مصالح جديدة، هذا قاد الى تغير اهتمام امريكا بالملل التركي او على الاقل تناقص اﻻهتمام به كما كان سابقا، فاهتم امريكا اﻻكبر هو الصين اﻻن كمصدر للتهديد عليها مسقبلا.
و ان حزب العمال الكوردستاني تحت امرة و قيادة اوجلان الذي قد صفى الكثير من رفاق دربه اﻻوائل ( كابطال ميتين ) او على اﻻقل تحيدهم سياسيا من القيادة في الحزب، حتى اصبح الحزب في اﻻخير ماركة مسجلة باسمه الشخصي، و تشكل تكتل داخل حزب العمال الكوردستاني يسمون انفسهم بال (اﻻبوجية، Apocî) نسبة الى كلمة (Apo)، وﻻئهم الى ابو اكثر مما وﻻئهم للحزب.
اي انه اصبح الميزان والمعيار كالتالي:
حزب العمال الكوردستاني كان يرى كوردستان من خلال عيون شيوعية بحتة فقط و بنفس المعيار بدا اﻻبوجية يرون حزب العمال من خلال عيون اوجلان نفسه فقط ، الى بعد فترة اعتقال اوجلان 1997، حيث ادخل اوجلان فكرة جديدة على شيوعيته السياسية و هي (اخوة الشعوب) ، والتي هي بعيدة من الواقعية السياسية في الشرق اﻻوسط المتطرف دينيا او قوميا او وطنيا. و ﻻ اعتقد بانه سوف يتحقق ﻻ في القريب وﻻ في البعيد.
ونتيجة تغير الوضع الدولي و معها المصالح و التحالفات و موازين القوى هنا و هناك، يبدو ان تركيا هي اﻻخرى قد خرجت من دائرة اهتمامات المصلحة اﻻمريكية، بل واصبحت تتجه الى باب الخصومة و العداء مع المصالح اﻻمريكية في المنطقة عموما. وهذه هي نقطة التحول في السياسة الامريكية اتجاه تركيا، فهي تريد ضبط اﻻيقاع التركي من خلال خلق الماضي له على الساحة و اللعب على التوازن بينهما بحسب مصالحها، سياسة شد العصى من الوسط بين الكورد و الترك.
اول. خطوة للامريكان كان من خلال اخراج الورقة التركية الرابحة (الجوكر) من ساحة كوردستان بأكملها و وضعها فقط في الساحة التركية فقط ، فكان اخراج اوجلان من دمشق و تسليمه لتركيا في ظاهره نصر لتركيا بينما في باطنه السياسي تقزيم الدور التركي باﻻنكفاء الى داخله فقط ﻻنه هو الذي كان مخترقا لحزب العمال الكوردستاني من اعلى الهرم الى أسفله. اي اخراج الجوكر من اللعبة السياسية الكوردية او على اﻻقل اضافه او اعطاء المجال لرجال اخرين داخل الحزب هم غير مخرقين من قبل تركيا.
و تسبب ذلك في بروز أجنحة متعددة في الحزب منها الجناح اﻻوراسي مثلا، الذي مؤخرا قد تمادى كثيرا في السيطرة على القرارات، باﻻضافة الى أجنحة اخرى كثيرة كل لها ثقلها المختلف.
في الحالة التركية فان احدى اكبر أجنحة تركيا داخل الحزب قد تم الجامعه الى الحضن التركي الدافئ ، واقصد به اوجلان، و بالتالي ضعف التحكم التركي بالحزب من الداخل و قل ، بسبب بروز رجال اخرين غير مخترقين من قبل تركيا كتكتل داخل الحزب، و اﻻبرز هو جميل بايق، وهنا كان جميل بايق يريد ان يتحول اوجلان الى بطل ميت بدوره لتكبر نغمة الحزب بشكل اكبر، ففي السياسة و التي تحاول ان تستفيد من كل شيئ (ايجابي او سلبي) الى اقصى الحدود، فلا قصة وﻻ شيئ اخر اكبر يضاهي سيناريو مقتل (استشهاد) القائد و سكريتر و زعيم الحزب في سبيل القضية بتراجيديا مؤلمة او دموية.
و ما إبقاء. تركيا على حياة اوجلان اﻻ من اجل تستعملها الى اقصى حد ممكن لورقتها المحروقة، فاصبح اوجلان يقود الحزب في المواقف المفصلية من داخل الحزب و يعطيهم اﻻوامر، من خلال تصريحاته و مذكراته و من خلال رسائله ومن خلال محاميه .
فكلها كانت تخرج الى العلن تحت اعين المختبرات التركية بعد الموافقة على خروج (للعب أدوار سياسية بها) ما تريده السياسة التركية فقط، ولكن بمرور الزمن والوقت اصبح تاثير اوجلان نفسه يتقلص و يتضائل على الحزب ، و هذا شيئ طبيعي، و بالتالي خفت نجمه في صناعة القرار المصيري داخل الحزب، الى ان خرج مؤخرا بتصريح وقال فيه (بات قنديل ﻻ يستمع الى كلامي ! ).
ما اريد قوله، بانه لو كنت في مكان تركيا في هذه الحالة فسوف اقوم:
– قبل ان تتلاش ورقة اوجلان من يد تركيا و الى اﻻبد، بسبب تقدمه في العمر فاصبح قريبا من منتصف العقد السابع في عمره، فيجب استعماله الى اقصى حد ممكن و باسرع وقت من اجل اكبر منافع ممكنة.
– الحزب تضخم وكبر نفوذه باﻻخص بعد محاربته لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اﻻرهابي، و بالتالي اصبح ورقة تتعامل مع القوى العالمية ايضا بعد ان كانت ورقة محلية و إقليمية فقط.
– افضل طريقة للتعامل مع هذا التجدد في الحزب هي اما اعادته الى تحت الجناح التركي و بالتالي يصبح تعامله مرة اخرى اقليما فقط، و ان لم ينجح ذلك، فهي من خلال تقزيم الحزب و تقليص حجمه من خلال شقه (الانشقاقات الحزبية تلك اللعنة الموجودة في اﻻحزاب الكوردية) الى اكثر من جناح ان أمكن ذلك.
وهنا وتحت هذا البد تحديداً، يمكنني القول بان اخراج اوجلان من السجن و اعطائه اوامر من القيادة التركية تدعو و تفضي الى حل حزب العمال الكوردستاني، هي من اجل شق الحزب على اﻻقل بين انصار قنديل و بين انصار اوجلان.
فلو كنت في مكان التركي لفعلت هذا ايضا، باﻻخص عندما اشعر بان حزب العمال الكوردستاني بات يخرج من تحت قبضتي الإستخباراتية ، و انني بت ﻻ استطيع ان اتعامل معه وفق سياسة جزء العشب القديمة بعد اﻻن.
صحيح ان التصريح التركي هو من اجل حل وتفكيك حزب العمال الكوردستاني من خلال كلمات و اوامر مباشرة من فم اوجلان ، ولكن اعتقد بان التطبيق على اﻻرض سوف يكون انشقاق الحزب.
و بذلك يمكن لاوجلان بان يؤسس و يشكل حزب اخر سياسي في تركيا، او ان يصبح الرئيس الجديد لحزب دام تحت قبة البرلمان التركي مثلا، ان كان يريد ان يستمر في السياسة.
الشيئ المؤكد هو ان الايام المقبلة سوف تكون ثقيلة الحمل على حزب العمال الكوردستاني، فمن جهة بات الحزب يتعامل مع قوى دولية و تخطى دوره باب الدول اﻻقليمية كما كان سابقا وباﻻخص مع الصراع اﻻيراني الذي هو اﻻخر بات ايضا يقرع طبول حربه، و للحزب تواجد في الساحة اﻻيرانية ايضا، وبالتالي هناك من سوف ينسق معهم في هذا المجال ايضا.
ومن جهة اخرى يحاول زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله اوجلان باوامر تركية بان يفكك و يحل الحزب وبالتالي يؤمل بإنهاء مسيرة هذا الحزب على الساحة السياسية، ويكون المكاسب الشخصي لاوجلان بانه سوف يصبح رجل السلام في تركيا و يخرج والبطل امام الشعب و على حساب رفاقه في قنديل الذين حافظوا على الحزب من اﻻنهيار من بعده.
لنراقب و نرى الى اين يمشي السيناريو السياسي.