البيت يحتاج إلى السقف ، لأن السقف يعطي الأمان والإطمئنان والإحتماء من المطر ويقي من حرارة الشمس ويبعد الاعداء والكائنات الحيوانيّة المتوحشة ، فالسقف يوفر راحة البال من الخوف ومن المجهول ، الإنسان بطبيعته يحتاج إلى السقف فوقه ليحتمي به ويشعر بالأمان ، لذلك كان السقف في بناء البيت له الأولوية من حيث القوة والرصانة لكي يوفر الراحة والأمان لمن يجلس أو ينام تحت السقف ، وهذا ما جعل الإنسان منذ القدم يهتم بالمواد المستخدمة والطرق الرصينة لبناء السقوف ، الطفل يشعر بأن والديه سقف له بالبيت وبالحياة وبوجودهم يشعر بالأمان والقوة ، المجتمع يعتبر الحكومة سقف له حيث تراعي احتياجاته وتوفر له سبل العيش الكريم والأمان والأمل ، المرأة تعتبر الزوج المحترم سقف لها يشعرها بالأمان والراحة والسعادة والثقة ، كبير القوم أو القائد يسمونه خيمة للقوم بمعنى السقف ، فكلما كان السقف رصيناً قوياً متماسكاً كلما كان الجالس تحت السقف أكثر شعوراً بالأمان . من أكبر المشاكل التي يعاني منها ابناء مجتمعاتنا هو السقف المجتمعي ( الحكومة ) التي من المفروض أن تكون خيمة للمجتمع ، لكنها للأسف سقف لايعول عليه ولا يمكن الإطمئنان إليه لأنه سقف غير متماسك هش منخور بالفساد ، فمثل هذا السقف يشكل خطراً على حياة المجتمع بدل أن يكون أماناً للمجتمع . أكثر الأخطار التي تواجهها مجتمعاتنا هي حكوماتها ، فكل حروبنا بسبب حكوماتنا ، وكل مشاكلنا الاقتصادية والتعليمية والخدمية هي حكوماتنا ، الخوف الذي زرع فينا مصدره حكوماتنا ، مشكلتنا تبدأ من حيث يكون المسؤول هو السقف ولكنه لا يعرف بأنه هو السقف لعامة الناس ، ربما يكون سقفاً لفئة محدودة من الناس وللأقربون ، فهو يفتقد أحدى أهم خواصه في الدولة أن يكون سقفاً للناس جميعاً . المسؤول في الدولة الذي لا يدرك هذه الحقيقة فتلك مصيبة ، ، لهذا السبب المجتمع يدفع ثمن سلوكيات المسؤولين في الدولة ، فكان لزاماً على المجتمع أن يختار له السقف المناسب الموثوق به عند الانتخابات ، فمثلما تكون سقوف البيوت من مواد مغشوشة خطراً على ساكنيها كذلك رجالات الدولة المغشوشين يشكلون خطراً على المجتمع ، لا يمكن تبرأت المجتمع من هذا الخلل بوجود عناصر مغشوشة في السلطة لأن المجتمع وحده سيكون الضحية عندما يرتكب المسؤول حماقات لا تحمد عقباها ، فالحاكم لا ينزل من السماء بل هو نتاج واختيار المجتمع ، المجتمع لا يجوز له أرتكاب الخطأ في اختيار من يتبوأ موقع المسؤولية ، ، هناك ظاهرة مؤسفة تعيشها مجتمعاتنا وهذه الظاهرة متوارثة وهي أنها تشعر بأن الحاكم مفروض عليها فلا تتجرأ الأعتراض حتى وأن تسبب هذا الحاكم في هلاك المجتمع ، بمعنى أدق مجتمعاتنا مجتمعات لا تعي المسؤولية ولا تهتم لمصيرها ، ، قد يخطأ المجتمع في اختيار رجالات الدولة في حالة واحدة ، وهي عندما تكون أفكار الناس أفكار غير صحيحة فيها مغالطات وهمية ، والأفكار المنحرفة الوهمية للمجتمع دائماً تأتي زحفاً من خلف الحدود لتعشعش في عقول الناس أو أنها موروثات لا يمكن التخلص منها لقساوة العادات والتقاليد ، فعندما نشاهد على شاشات التلفزة مثلاً تنافس انتخابي في بعض الدول نلاحظ الأطراف المتنافسة وكذلك الإعلام يبين للناس كل العيوب الشخصية والاجتماعية والعقلية والتأريخية الملازمة لشخصية المرشح لكي يتطلع الناس على الحقائق المخفية لهذا المرشح ولكي يتعرف المواطن عليها وعن قرب على كل صغيرة وكبيرة للمرشح كي لا تخدعه العناوين البراقة من ألقاب وانساب وشهادات ، فبعد الانتخاب الخاطىء لا يلومن المواطن إلا نفسه . الإعلام الذي لا يكون عيناً للمواطن يوصل اليه عيوب المسؤول أو المرشح الانتخابي فهو إعلام فاشل ومنحرف وخائن وهو السبب بما يصيب المجتمع من سوء الإختيار . فما بالك أن يكون الإعلام منحرف وعقول الناس متخلفة ؟ أكيد سيكون الطريق معبداً لأصحاب النفوس الضعيفة ليكونوا على رأس السلطة والمسؤولية . لهذا السبب مجتمعاتنا تعيش تحت سقوف آيلة للسقوط مما يولد القلق والخوف الدائم وتكرار الألم . هذا هو حال مجتمعاتنا التي تعجز عن اكتشاف عيوبها .