وهكذا اعتاد المواطن الكوردستاني على الحياة الرغيدة وعلى تملك كل وسائل الحياة الهانئة الكاملة من كل الجوانب , وبصورة مفاجئة وبعد هجوم عصابات داعش انقطع كل ذلك مما احدث هزة كبيرة في حياة المواطن وخاصة البسطاء منهم حيث اعتاد غالبيتهم على الاتكال على الحكومة في توفير الجزء الاعظم من متطلاباتهم المعيشية . هذا الانقلاب الكبير في حياة المواطنين افرز تخبطا وعدم اتزان بين المتطلبات التي اعتاد عليها المواطن وبين عدم وجود الرواتب وصعوبة الحصول على الاموال اللازمة لتلبية تلك المتطلبات , ولان مجتمعنا اصبح مجتمع تقليدي واصبحت المظاهر تتحكم بصورة كبيرة بحياة العوائل , صار المواطن محصورا بين نارين احلاهما مر
نقطة اخرى حساسة بدأت تدق اسفينا بين المواطنين وهي اتهام المواطن بأنه يتعاطى الفساد لانه منح صوته واختارنفس الاحزاب المسببة لبقاء معاناته , ونعتقد بأن ذلك لا يجرم المواطن لان الاساليب التي اتبعتها هذه الاحزاب لاقناع المواطن , كلها تدخل في باب الترهيب والوعيد والتخويف . مثل الاتصالات التلفونية واستخدام المؤسسات الحكومية في دفع الموظفين للتصويت لصالحهم واتباع اسلوب استخدام الاموال واقامة المهرجانات الضخمة واستمرار الاحتفالات التي اصبحت شبه يومية واستغلال حاجة المواطن ومنحه بعض الهبات , كذلك فان العلاقات العشائرية التي تلزم المواطن بالتصويت لابن عشيرته وقيام الاحزاب الكبيرة والمسؤولين الكبار باصدار الوعود الكبيرة , كلها امور تدفع المواطن لتصديقها وخاصة ان كذب السلطات على الشعب ليس سهلا بنظر المواطن , حيث لا زال هذا المواطن يعيش على سذاجته القديمة ويصدق ما يقوله المسؤولين ولا يتصور لحد هذه اللجظة ان المسؤول يمكن ان يخدعه او يكذب عليه .
ونعود مرة اخرى نؤكد ان الفساد يبدأ من الاعلى ليهبط الى الاسفل كما قال القدماء من المفكرين , فمسألة بناء المزارع السياحية في كوردستان ابتدأ بها المسؤولون اولا ثم انتشرت بين عامة الناس , وتجد في دهوك ان الكثير من هؤلاء المسؤولين قد استغل الرصيف لوضع مولدة الكهرباء دون الاهتمام بكون هذا الرصيف هو لعامة الناس . بينما المواطن العادي لا يجرؤ على كسر القانون واستغلال ذلك الرصيف لاعماله الخاصة .
ولنورد حالة غريبة حصلت قبل فترة . حيث دخل احدهم الى احدى الدوائر الحكومية وانهال بالضرب على مدير تلك الدائرة , لان المدير كان قد اتهم ذلك الشخص بكسر القوانين وعدم اخضاع بضاعته للتعليمات الصادرة بهذا الخصوص ولان المدير المسكين ( مقطوع من شجرة كما يقول اخواننا المصريين ) , ترك واجباته القديمة ولم يعد يحاسب الاخرين !!!!!!!!!!!!!!!!
و نقطة مهمة اخرى وهي , ان بقاء الفساد هو العشب الذي تتغذى عليه الاحزاب لبيع الاوهام لهذا المواطن , كما انه السلم الذي تتسلقه للوصول الى السلطة وزوال الفساد يعني عدم قدرة هذه الاحزاب للاحتفاظ بالسلطة .
الحل ………….
لقد وضع السيد مسرور البارزاني القضاء على الفساد كأحد اهم اهداف حملته في بداية مشواره عند تسلمه رئاسة الوزراء , وقد خطت الحكومة في حينها بعض الخطوات الناجحة بهذا الاتجاه والقت القبض على بعض الفاسدين وقدمتهم الى المحاكم المختصة , ثم بدأت الحملة تخمد يوما بعد يوم وبقي في السجن صغار الفاسدين ,اما الافواه الكبيرة فسرعان ما عادوا الى مزاولة اعمالهم .
وقد تضخم الفساد المستشري بحيث اصبح آفة تنخر في بنيان المجتمع حتى اصبح الفاسدون مافيا منظمة ليس من السهل القضاء عليهم .
ولكي نقترب من معرفة هول هذه الافة , فان الفساد وصل الى داخل بعض القنصليات الغربية الموجودة في البلد بحيث كان يتم بيع فيزا احدى الدول الاوربية للكثيرين من الذين هاجروا الى تلك الدولة مما اضطر تلك الدولة لايقاف عمل بعثتها لمدة طويلة , وفي داخل قنصلية احدى الدول الكبرى تمكنت عصابة منظمة من اتخاذ تلك القنصلية واجهة تمكنت من خلالها بالاحتيال على احدى الشركات الكوردستانية الكبرى واستنزفت منهم مبلغ يصل الى اربعين مليون دولار ( المبلغ تقريبي وغير مؤكد قيمته بالضبط ) , وفي سفارة اخرى لا زال العمل جاريا للحصول على فيزا لقاء مبلغ من المال .
من المؤكد انه اذا لم تتدخل الحكومة فان حلول القضاء على الفساد تبدو شبه مستحيلة , لانها ستعتمد في هذه الحالة على الوقاية الشخصية لمشاكل اكبر بكثير من قدرة شخص او عدة افراد او مجموعة معينة فالعملية تحتاج الى برنامج متكامل ومتواصل والى وسائل اعلامية وجهات ومؤسسات ومراكز دراسية بالاضافة الى وجود سلطة تنفذ القوانين التي تخص هذا المجال وتطبق التعليمات التي تصدر من تلك المؤسسات البحثية .
اذن هل ذلك يعني اننا قد حوكمنا بالفساد ولا يمكن التخلص منه باعتبار ان الاحزاب الحاكمة تعتمد على وجود هذا الفساد للبقاء في السلطة ؟؟؟؟
ان المحاسبة والمساءلة هما الأساس لتحقيق العدالة بينماالإفلات من العقاب يؤدي إلى استدامة الفساد والجريمة” في كوردستان . ولكي تجبر السلطات على تبنى القوانين وعدم الافلات من العقاب, يجب على المعارضة السياسية ان تتفاعل مع قضايا الناس وان تتخلى عن المكاسب الحزبية الانية والمصالح المترابطة مع احزاب السلطة وعليها التوحد فيما بينها والسعي لاجبار السلطات لتطبيق قوانين العقاب على الفاسدين والبدء من المستويات الدنيا للفاسدين حتى لا تهدد اولئك الموجودين في المراتب العليا من السلطة , كما ان على الاحزاب المعارضة للسلطات تسخير كل اعلامها لكشف رؤوس الفساد بالادلة والبراهين والشهود والاصرار على فضح اولئك الفاسدين وبالاسماء وعدم التغطية عليهم والمصارحة مع المواطنين وعدم استخدام الالغاز في الاشارة الى الفاسدين , واستغلال كل وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض وبذلك تحقق عدد من الاهداف
اولا – المسؤول الفاسد يخشى من الفضيحة على وسائل التواصل الاجتماعي اكبر مما يخشى القوانين , لذا فان الاشارة الى شخصه عبر تلك الوسائل هو اكبر عقاب له وللاخرين من تلك المجاميع .
ثانيا – حصول تلك الاحزاب المعارضة على تأييد اكبر من المواطنين وذلك لقيامها بمهمة يتمنى المواطن القضاء عليها .
ثالثا – زيادة مصداقية هذه الاحزاب فيما اذا كانت اقوالها مستندة على البراهين والادلة . مما يعيد الثقة للمواطنين بصحة اختياراتهم الانتخابية .
رابعا – خوف احزاب السلطة وعدم قدرتها على انتقاد الاحزاب المعارضة التي تسعى لتنفيذ مطلب جماهيري , مما يجبرها على الاذعان لهذه المطالب .
خامسا – قد تصبح هذه الاحزاب المعارضة بديلا مستقبليا لاحزاب السلطة التي تقول بانه لا يوجد لها بديل على الساحة الكوردستانية في الوقت الحاضر .
ولكي تكون الامور اسهل بالنسبة لاحزاب المعارضة يمكنها القيام بالدعوة الى حوار بناء بين بعضها ومشاركة منظمات المجتمع المدني وبعض المؤسسات الاكاديمية واقامة مؤتمر يتم مناقشة كل جوانب الموضوع للتوصل الى قرارات ناجعة في محاربة هذه الآفة .
مطلب التخلص من الفساد والفاسدين مشوار طويل , ولكن بمجرد البدء فيه ستهتز عروش اولئك الفاسدين وسيتساقطون كأحجار الشطرنج عندما تهتز حاوياتها او يسقطون بعضهم بعضا .
حاتم خاني
دهوك
تحياتي لأخي العزير حاتم المحترم
كل جزء تكتبة أكثر اشتياقا من الاخر، و حول هذا الجزء أستطيع كتابة التالي و الهدف هو الايضاح و أدامة تبادل الاراء.
تبرير الفساد:
من الطبيعي أن يكون للفساد و أنتشارها أسبابها و ضروراتها و الطريقة السليمة لمحاولة مواجهة هذه الظاهرة هي أن نكون واضحين في وضع النقاط على الحروف و التطرق الى المسؤولين عنها كل حسب نسبة المشاركة و ممارستهم للفساد. فالمسؤولون و الاحزاب يتحملون الجزء المتصل بهم و الشعب أيضا يتحمل مسؤوليته و هو ليس برئ أبدا.
تطرقتهم الى داعش و فترة القتال ضد داعش و دورها في أتكال المواطن على الحكومة و الراتب الشهري و بعد أنتهاء داعش لم يبقى للكثيرين مصدر رزقهم. و أنا أزيد بأن حكومة الاقليم تعرضت ايضا الى أزمة مالية كبيرة لأسباب نعرفها. و لكن هذا ليس بتبرير سواء من طرف الحكومة أو المواطن. فكان على الحكومة أن تتهيأ لتلك المرحلة و المواطن أن لا يلجئ الى الفساد كحل. و عن تبرير منح المواطن لصوته الى الاطراف و عدم استخدامة لحقة في تصحيح الوضع الراهن و لجوءة الى دعم الفاسدين و عدم أعتبارها فسادا استقبالة للاموال و قطع الارض لبيع أصواتهم، لو فكرنا بهذه الطريقة فأن لجوء الناس الى التعاون مع صدام و مع تركيا و أيران ايضا هي الاخرى مبررة لأنهم مضطرون لذلك من أجل لقمة العيش. لا بل أن الذي كان لا يوالي النظام الصدامي كان يعاقب بكل الاشكال لذلك كان الناس مضطرون لخدمة النظام البعثي.
أتفق معكم أن الفساد يبدأ من الاعلى الى الاسفل في بداياته. و هنا أضيف بأن الاعلى أستطاع جعل الفساد شكلا من اشكال الحياة اليومية للمواطن الى درجة أن المواطن لا يريد التراجع عنها بل أن الاعلى صار ملتزما بشكل من الاشكال الفساد و أدامتها.
لنأتي الى هذا المثال: نعم جميع المسؤولين في أقليم كوردستان و دون أستثناء من البارزاني و الى المرحوم الطالباني و بعدها الى السادة مسرور البارزاني و بافل الطالباني و الاخرين أيضا، رفعوا شعار معادات الفساد و المحاولة على القضاء عليها و لكن الجميع فشلوا في مهمتهم ليس لأنهم لا يريدون التقليل منها فهم حصلوا على مرادهم و أنتهى، بل لأنهم يواجهون جدارا من طابور الفاسدين الذين يرفضون العمل بنزاهة و تحول الفساد الى شكل من أشكال حياتهم و هناك الكثيرون من الذين لم يحصلوا على مرادهم.
فالذي لا يستطيع أعطاء الامتيازات للاخرين، و الذي لا يستطيع التجاوز على القانون في أقليم كوردستان صار يقال عنه ضعيف و لا يستطيع عمل شئ و أنه يخاف من الذي أعلى منه أو حتى يخاف من القانون. فالمسؤول أعلى من القانون و المسؤول لا يحاسب أبدا. قوة الاشخاص و شطارتهم هي في التجاوز على القانون و عمل كل شئ و لا تهم الطريقة.
و هذا يعني أن الفساد في أقليم كوردستان دخل دورته المالية التي يمكن أن نطلق عليها “دورة الفساد”. و فيها الكل يكمل بعضة. اي المسؤول هو جزء من تلك الدورة و المواطن أيضا هو الجزء المكمل من تلك الدورة التي تحولت الى دائرة الشر و الفقر. في هذه الدائرة الكل يحاول الابقاء على دوره في عملية الفساد أو حتى الارتقاء الى الاعلى كي يكون له سلطة أكثر و يقوم بتنفيد عمليات فساد أكثر و أكبر و يعلو فيها الى الذي فوق القانون و الناس و ليس فقط فوق القانون.
السيد مسرور البارزاني في حملته ضد الفساد أصطدم بجيش من الفاسدين في السلم الاجتماعي. وصل البارزاني في معرض عمله الى حقيقة أنه كي يتم القضاء على الفساد فعلية أن يقضي على الجميع الذين حولة و القضاء هنا لا يعني قتلهم بل تغييرهم و زج الكثيرين منهم في السجون التي سوف لن تكفي لأن عدد الفاسدين لا يعد و لا يحصى الى درحة علية أن يقوم بتسليم أيضا ما لديه من أموال و ممتلكات غير واضحة المصدر. و هذه هي الدورة الكاملة للفساد التي فيها يتحول الفساد الى مؤسسة أجتماعية حكومية رسمية فوق القانون.
أعود هنا لأأكد أن المواطن يتحمل هو الاخر مسؤوليته و لا يمكن أبدا تبرير حصته من الفساد بالحاجة و الفقر و الضرورة التي لها أحكام حسب المثل العربي.
شكرا على أدامة الموضوع المهم جدا.
أخوكم هشام عقراوي