لا يهم من يقود الثورات الكوردية من أجل التحرر فالطريقة و النتيجة متشابهة لا تتغير. تكرار الاخطاء وارد و التأريخ بالنسبة للكورد يعيد نفسه في أغلب الاحيان. ليس بسبب الحتمية التأريخية بل بسبب حتمية فشل الثورات الكوردية العاطفية. وكذلك استمرار حتمية عدم دراسة الثورات و التحظير لها بشكل جيد. ففي كل فترة و كل ظرف ملائم ينظم الكورد ثوراتهم و يدخلون كجزء من معادلات دولية. في تنظيمهم يعتمد الكورد كليا على المساعدات الدولية و التناقضات بين الدول و بمجرد تغيير تلك العوامل التي تشكل المعادلة نرى الثورات الكوردية تتهاوى و ترجع الى نقطة الصفر أو القريبة من الصفر في أحسن الاحوال.
في هذا المقال و بسبب حساسية الوضع في غربي كوردستان أو شمال شرق سوريا فسيكون تركيزنا على الثورة هناك و نحاول دراسة مصير تلك الثورة هناك في الايام المقبلة. كي نضع القارئ في الصورة فاننا يجب أن نتطرق الى ثورة الكورد في عهد صدام و بالتحديد سنة 1974 الى ربيع 1975. ففي تلك الفترة أعتمد الكورد في ثورتهم على شاة ايران و على الدعم الامريكي و حتى الاسرائيلي. رفض الكورد عندها عدم قبول محافظة كركوك ضمن منطقة الحكم الذاتي و بدأوا بالحرب مرة أخرى ضد حكومة صدام. فتح شاه أيران الحدود بوجه البيشمركة و العوائل الكوردية و قياداتهم و تم تزويد الكورد بالاسلحة. و عندما يقاتل الكورد فأنهم مقاتلون بارعون بشهادة الجميع. صدام بكافة قواته و الدعم الذي كان يتلاقاه حينها من الاتحاد السوفيتي لم يستطيع الحاق الهزمية عسكريا بالكورد فما كان له ألا أن تنازل لشاه أيران عن شط العرب. عندها قطع الشاة دعمة للثورة الكوردية لا بل أمرهم بأنهاء القتال و مغادرة أيران و دعمت أمريكا جيرالد فورد و هنري كيسنجر في ذلك الوقت شاه أيران. فما كان للبيشمركة ألا أن القوا سلاحهم و رجعوا الى العراق مخذولين و محبطين من الغدر الامريكي و الايراني و الاسرئيلي. و الكل يعلم بعدها الذي حصل من ألحرب العراقية الايرانية من أجل أستعادة شط العرب من قبل صدام و بعدها حرب الخليج و سقوط صدام. و كلها كانت تبعات الصفقة بين صدام و شاه أيران حيال الكورد. رغم كل الذي حصل و قيام الكورد مرة اخرى بالثورة من 1978 و الى سنة 1991 من ثم سقوط صدام، فأن كركوك لا تزال خارج الحكم الذاتي الكوردي لا بل أن عشرات القواعد العسكرية التركية تم بناءها في أقليم كوردستان و لديها الان سيادة على كامل الاقليم. أتى كل هذا نتيجة عدم تخطيط الكورد لثوراتهم و تحولهم الى جزء من مخططات أجنبية و محلية و ثقتهم المفرطة بأمريكا.
لقد مضت خمسون سنة بالتمام منذ سنة 1975 و الى الان سنة 2025 و نحن على أبواب وضع اللمسات الاخيرة لثورة اخرى كوردية و لكن في غربي كوردستان.
هذه الثورة بدأت سلمية و حاولت الاستفادة من تجربة ثورات باقي أجزاء كوردستان و نتيجة لذلك أختارت الخط الثالث أي عدم معادات نظام الاسد و في نفس الوقت عدم التحول الى جزء من الاطماع التركية في سوريا. و في كل هذا بلت بلاءا حسنا و استطاعت الحصول على تأييد الكثير من مكونات الشعب السوري و حصلت أيضا على الدعم الامريكي و الغربي بسبب تمركز داعش هناك. اي أن الدعم الامريكي مرتبط بداعش و ليس بدعم أمريكا لحقوق الشعب الكوردي أو بناء دولة كوردية. و حتى في هذا أبلت الثورة الكوردية في سوريا بلاءا حسنا. حيث لم تختار خطا قوميا و لم تطالب بالانفصال و لا حتى الفدرالية أو الكونفدرالية للقومية الكوردية بل تريد بناء أقليم ديمقراطي لا مركزي فيها الجميع متساوون و المرأة تتمتع فيها بحقوقها. في شكل مشابة للديمقراطيات الموجودة في كندا و النرويج حيث الكل يستطيعون الدراسة بلغاتهم و يطبقون نظام البلديات. شعوب منطقة شرق الفرات أستطاعوا أيضا بناء قوة تستطيع تأمين حياتهم اليومية.
و هنا يأتي السؤال أين الخلل أذا؟
الخلل تطرقنا له في بدايات الثورة 2011 و بعد القضاء على داعش في كوباني. الكورد قبل غيرهم يعلمون جيدا مدى عداء تركيا لحقوق الشعب الكوردي أينما كان لأنهم يتخوفون من أنفصال الكورد من تركيا و تقسيم الدولة التركية. فالاتراك سيطروا على دولة الروم البيزنطية و بنوا دولتهم على أرض الروم و يعلمون جيدا أن بأستطاعة الشعوت التحرر لا بل يعلمون بأن بأستطاعة الشعوب مصادرة أراضي الشعوب الاخرى من خلال الجهاد في سبيل الله.
الكورد يعرفون تركيا جيدا، و كان عليهم التحرك ضمن تلك الحساسية. فتحويلهم للثورة الى ثورة مجتمع ديمقراطي كانت نقلة ناجحة فمنها كانوا يستطيعون تبديد مخاوف تركيا من تكوين كيان قومي كوردي. فالكورد يريدون العيش ضمن حكم المساوات و العدالة و لا يهم ان تحقق هذا ضمن حكم قومي أو حكم ضمن المكونات الاخرى، المهم أن لا يكون هناك تمييز قومي و عرقي و جنسي و ثقافي و أقتصادي.
تركير الثورة في غربي كوردستان على ممارسة دعاية مشابهة لدعاية و ثقافة العمال الكوردستاني لم يكن مدروسا بشكل صحيح. كان على قيادات غربي كوردستان دراسة هذا الشئ بدقة منذ البداية كي لا يعطوا تركيا الذريعة بالتدخل. كان حتى بأمكانهم محاولة بدأ الثورة من خلال علاقات طبيعية مع تركيا. نعم كانت تركيا ستتردد كثيرا و لكن و بسبب خلوا الادارة الذاتية من النداءات و الافكار القومية البحتة كان بالامكان أن يعطي تركيا الامان بأن الثورة في غربي كوردستان هي ثورة شعبية سورية و أتت أوقات كانت تركيا بأمس الحاجة الى أي طرف في سوريا.
الايمان بأفكار أوجلان و أقامة المجتمع الديمقراطية الغير قومي شئ و التركيز الاعلامي على قيادات حزب العمال شئ اخر. حتى المجلس الوطني الكوردي يمجد قيادات كوردية في جنوب كوردستان و تركيا تعلم أن ذلك الحزب هدفة تشكيل دولة كوردستان بعكس أوجلان الذي يؤمن بالمجتمع الديمقراطي و الكونفدرالية بين شعوب المنطقة.
في هكذا وضع ماذا ستفعل أمريكا؟ هل ستخذل الكورد مرة أخرى كما فعلت سنة 1975 أم انها ستتفرض على تركيا و الحكومة السورية الاعتراف بالادارة الذاتية ( الغير كوردية) في شمال شرق سوريا.
فالثورة في شمال شرق سوريا نجحت بكل المقاييس الانسانية و العسكرية و فشلها سيكون بسبب أعطاء امريكا الضوء الاخضر لتركيا بالهجوم على الادارة الذاتية رغم أن شمال شرق سوريا هي البقعة الوحيدة في سوريا التي يعيش فيها كل المكونات السورية بثبات و لبات دون حساسيات قومية أو عنصرية و دون فرض الحجاب و الجلوس في البيت على النساء.
من الصعب أن يستطيع الكورد طمأنة تركيا في هذا الظرف بالذات و حتى المحادثات الكوردية الكوردية التي تفرضها أمريكا و ألمانيا و فرنسا على الاطراف الكوردية هي الاخرى مضيعة للوقت لا غير و ستضعف شكل الادارة التي قد تحصل عليها شمال شرق سوريا في الدستور السوري الجديد في حال ابعاد القومية البحتى عنها. لربما تصريحات أوجلان في اللحظة الاخيرة و التغييرات التي تجريها الاحزاب الكوردية على الارض من تغيير للاعلام المرفوعة و غيرها ستثني تركيا على القيام بعملية عسكرية (كبيرة) في سوريا و لكن في كل الاحوال سوف لن تتشابة القضية الكوردية في سوريا بالقضية الكوردية في العراق. حيث سوف لن يكون هناك منطقة ذات فيدالية قومية للكورد لأسباب كثيرة.
بعض القيادات الكوردية السورية التي كانت خارج الوطن تتصور و كأن المناصب سيتم تقسيمها بين المكونات في سوريا كما العراق و لذلك بدلا من التركيز على شكل الحكم في دمشق نراها منشغلة أكثر بفرض عدد ممثليها في اللجنة الكوردية التي ستزور دمشق. و هذا يشكل خطرا كبيرا على مصير الثورة في غربي كوردستان و شمال شرق سوريا.
الجمهوري جيرالد فورد أفشل الثورة الكوردية في جنوب كوردستان سنة 1975 و جاء الان سنة 2025 دور الجموري دونالد ترامب لربما كي يعيد نفس الشئ و لكن بطريقة أخرى.
الثورة في غربي كوردستان سوف لم و لن ترجع الى نقطة الصفر كما حصل سنة 1975 و التأريخ لربما سيعيد نفسة و لكن ليس بنفس النتائج لأن سوريا أما أن تكون ديمقراطية و عندها سيستمر الكورد كأحزاب سياسية مؤثرة على الساحة أو أن سوريا ستكون أرهابية متطرفة و عندها سيتحول شرق الفرات الى شبة دولة و تلحقها جنوب و غرب سوريا أيضا.
تحياتي لك يا استاذ هشام. انا لا اتفق معك في بعض اشياء و ١ الكورد 60 مليون و هم أكبر كتلة بشرية و ارض غني بكل اشياء. و اذا يتوحدو يناضلو من أجل تحرير كوردستان و يطالبو بستقلال كوردستان في المم المتحدة و في المحافل الدولي سوف العلم يؤيد الكورد على استقلال و يبنو دولتهم و يطلعون المحتلين من ارضهم و لكن الكورد لا يتوحدو ولا يناضلون من أجل تحرير كوردستان و هم فقط لاسم و الشعب الكوردي بحاجة لتوحيد و قيادة جديده و قيادة ان يكون ثوريا و بروح القومية و الوطنية و أليس فقط شعار بلا أفعال. انت بذاتك قلت في مقالك السابق ان الشعب الكوردي لا يعرفون خريطة ارضهم و هذا بسبب القيادة تهم و احزابهم و هم لا يقومون التوعيه الشعب على روح القومية و الوطنية لكي يعرفون خريطة ارضهم. و لك تحياتي
الاخ مارفين المحترم
ما تفضلت به صحيح و عدم الاتفاق معي شئ وارد و للتوضيح أريد اضافة التالي: الموضوع محدد لهذه الفترة بالذات و ضمن الظروف الدولية و الكوردستانية الحالية. أي أن على الكورد الاستعداد لموضوعة أستقلال كوردستان و تشكيل الدولة الكوردستانية بشكل أكثر عمقا و تخطيطا. الممكن ضمن الظرف الحالي هي حصول الكورد في غربي كوردستان على حقوقهم و ضمن الدستور و ذلك من خلال بناء أدارات حسب المناطق السورية المختلفة ضمن الدولة السورية الموحدة و لكن بمجرد تغيير الظروف فأن الكورد عليهم أتخاذ خطوات اخرى.
بأمكان الكورد كما تفضلت أن يطالبوا بالاستقلال من اللامم المتحدة و لأجل ذلك لابد للكورد أن يتفقوا على تأسيس مؤسسة كوردستانية من ممثلي كافة أجزاء كوردستان و عليها أن لا تكون حزبية أبدا لأن الاحزاب ملتزمون بحدود الدول التي تقسم كوردستان. و لكن مؤتمر وطني كوردستاني أو جبهة وطنية كوردستانية مستقلة تتمتع بالدعم و المساندة من جميع الاحزاب بأمكانها أن تخطوا هكذا خطوة.
تقبل أحترامنا
هشام عقراوي