رسالة غير مؤرخة وسارية المفعول حتى يتم إحقاق الحق
أتذكر إني كتبت أيضا رسالة مفتوحة أخرى للرئيس الهارب بشار الأسد حينما تم تنصيبه رئيسا وخطب في البرلمان السوري خطابا رائعا وتوسم الجميع فيه خيرا ولكن مع الأسف كان كلامه الرائع بدون تطبيق… لذا بقيت رسالتي المفتوحة له سارية المفعول أيضا حتى هروبه السريع والغير متوقع حتى من حلفائه لأنه لم يطبق أية كلمة من كلامه بشأن العدالة والمساواة والحق.
سماحة الشيخ أحمد الشرع
قبل أيام كتبت بيانا لسماحتكم حول تصريحاتكم الاخيرة بخصوص “الشعب الكوردي بأنه جزء من الوطن وشريك في سوريا المستقبل” والتي تدل على محبتك للشعب الكوردي وإني أشكرك عليها جزيل الشكر وأرجو أن تقوم بتطبيقها في أسرع وقت لأن الزمان لا يرحم كما أشكرك على إطاحتك بنظام البعث الدموي والعنصري.
وعلى أثر تصريحاتكم وثورتكم المباركة حزمت أمتعتي لكي أعود لأهلي وشعبي بعد غياب في بلاد الغربة لأكثر من إثنين أربعين عاما بعيدا عن أحبائي.
كدت أنسى الوجوه التي كنت أعرفها كما إنهم سيتفاجأون حينما يشاهدوني عجوزا بالكاد أستطيع المشي.
ولكن بعد تصريحاتكم الجميلة حول الشعب الكوردي تتالت تصريحات وأحداث أخرى لا تبشر بالخير أبدا وأختصرها بما يلي:
وصل إلى علمي أن سماحتكم قد طلبتم من قوات “قسد” تسليم أسلحتهم في الوقت تتعرض المناطق الكوردية التي تحت إدارة قسد لهجوم الفصائل المسلحة التابعة لكم وللدولة التركية، بالرغم من إن الجيش التركي يحتل مناطق كوردية أخرى… ولم تطلب سماحتكم لا من الجيش التركي ولا من الفصائل التابعة له بتسليم أسلحتهم كما طلبت من قسد.
كما إنه في سوريا توجد أسلحة متنوعة وكثيرة وتابعة لمختلف دول العالم من الامريكي والروسي والاسرائيلي وفلول النظام السوري البائد حتى دول جزر القمر والبحرين والشيشان لهم قوات مسلحة تسرح وتمرح كيفما تريد في كافة المحافظات السورية علنا ومنهم في السر وهم الأخطر على الشعب والثورة.
والأخطر من كل ما تقدم القوات المسلحة المتواجدة في مناطق غرب كوردستان “روجآفا” (شمال شرق سوريا) التي تدار من قبل قوات قسد، فيما يلي أذكر بعضها:
- المستوطنات العربية البعثية (القرى العربية) التي زرعها النظام البائد في منطقة الجزيرة لتنفيذ مشروعه العنصري المسمى بالحزام العربي منذ 1967 حيث يملكون سكان المستوطنات العربية البعثية أفضل الاسلحة ولا يجب عليهم تسليم أسلحتهم فحسب بل على النظام الجديد إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية وإعادة الأراضي التي منحها لهم النظام المقبور إلى الكورد أصحابها الشرعيين وتعويض الكورد المسحوبة منهم أراضيهم وجنسياتهم السورية منذ 1962 التعويضات المستحقة على حرمانهم من أراضيهم ومن الجنسية السورية حيث يموتون مئات المرات يوميا لحرمانهم من كافة الحقوق المدنية والانسانية.
- العشائر العربية في مناطق شمال شرق سورية التي جلبها النظام البعثي البائد وقام بتسليحها وهم أيضا يجب تسليم أسلحتهم وإعادتهم إلى مناطقهم الاصلية.
- يجب طرد الجيش التركي وفصائله المسلحة التي تحتل مدن سريكانيه وگري سپي (رأس العين وتل أبيض) وأجزاء أخرى من شمال شرقي سوريا بعد أن احتلت منطقة عفرين وتل رفعت ومنبج واعزاز وغيرها من مناطق غرب كوردستان أو على الاقل تسليم أسلحتهم قبل تسليم أسلحة قسد.
- اليوم يقوم الجيش التركي وفصائله المسلحة بتحشيد قواتهم من جديد من أجل احتلال مدينة كوباني التي قاومت تنظيم داعش الارهابي من قبل، يجب إيقاف هجوم الجيش التركي وعصاباته على كوباني التي ليست سوى هجوما بالنيابة عن تنظيم داعش الارهابي الذي فشل في احتلالها بفضل قوات قسد التي حررت المنطقة كلها من الدواعش بتضحيات وبطولات قل مثيلها.
- فلول النظام السوري البائد المتواجدة في غرب كوردستان وفي جميع المحافظات السورية التي أعتبرها قنابل موقوته سوف تؤذي غير المسلحين أكثر من غيرهم، ومن الخطأ الفادح الطلب من قسد تسليم أسلحته لكي لا تتكرر هجمات فلول النظام في غرب كوردستان كما حدث في طرطوس البارحة.
إن جيوش الدولة التركية التي تحتل أجزاء من غرب كوردستان هي الأسوأ من كل من ذكرتهم أعلاه لأن تركيا تعتبر سورية كلها ولاية عثمانية تركية وتسعى لإحتلالها.
أما سياسة النظام التركي بالنسبة للشعب الكوردي فهي الأخطر على الاطلاق من سياسة النظام البعثي أو أي نظام في العالم والتي لا يعلمها إلا من إكتوى بظلمها وطغيانها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أعدمت تركيا الشيخ “سعيد پيران” مع 46 شيخا وزعيما كورديا في العام 1925 وأعدمت الزعيم الكوردي “سيد رضى” في العام 1939 واغتالت الزعيم الكوردي “سعيد آلجي” في العام 1958 واغتالت تركيا الزعيم الكوردي الشيخ بديع الزمان النورسي في العام 1960 وجميعهم ليسوا أعضاء في حزب العمال الكوردستاني “بكاكا” ولا “قسد” لأن بكاكا وقسد لم تكن موجودة بعد، فعداء دولة الترك للشعب الكوردي قديم جدا وليس له علاقة بقسد ولا بكاكا على الاطلاق.
والذي زاد من تعقيد القضية الكوردية أكثر مما هي عليه معقدة هو دخول الولايات المتحدة الأمريكية السياسة الدولية… فمنذ تقسيم كوردستان الثاني بعد الحرب العالمية الأولى أي منذ مئة عام… والعالم منقسم أيضا: قسم مع أمريكا والقسم الآخر ضد أمريكا… والذين كانوا ضد أمريكا هم النازية والشيوعية وبن لادن وصدام حسين وغيرهم… وبنفس الوقت انقسمت الكيانات التي تحتل كوردستان إلى ان تكون واحدة منها أو أكثر مع أمريكا والبقية معادية لأمريكا… وعليه جاء الحكم الرهيب على الشعب الكوردي… فأصبحت كل حركة كوردية تحررية ضد إحدى الكيانات التي تحتل كوردستان الموالية لأمريكا إعتبرتها أمريكا حركة إرهابية… وكل حركة كوردية تحررية ضد إحدى الكيانات التي تحتل كوردستان المعادية لأمريكا أعتبرتها أمريكا حركة صديقة لأمريكا وغير إرهابية… فالثورة التي أعلنها البكاكا في شمال كوردستان إعتبرتها أمريكا حركة إرهابية لأنها تحارب تركيا الحليفة لها… والثورة في جنوب كوردستان إعتبرتها أمريكا حركة صديقة لأمريكا لأن العراق بقيادة صدام حسين كان معاديا لأمريكا… فأصدقاء أمريكا يعتبرون الكورد في تركيا حركة إرهابية وأعداء أمريكا يعتبرون الكورد في العراق جواسيس لأمريكا والغرب… وفي الحقيقة ان الكورد ليسوا حركة إرهابية ولا هم جواسيس لأمريكا ولكن التقسيم الخبيث لكوردستان وضع الشعب الكوردي في زاوية لا مخرج لها… وخسر الشعب الكوردي الدعم الدولي أكان من أصدقاء أو من أعداء أمريكا.
إن تركيا دولة محتلة لشمال كوردستان، وإن مقاومة الكورد للإحتلال بالتأكيد ليس عملا إرهابيا.
بينما الإرهاب الحقيقي هو إرهاب الدول التي تحتل كوردستان:
إحتلال كوردستان إرهاب
إحتلال كركوك إرهاب
إحتلال عفرين إرهاب
إنكار الحقوق الكوردية إرهاب
انكار وجود كوردستان إرهاب
تهجير الكورد وتغيير ديموغرافية كوردستان إرهاب
عمليات الإبادة الجماعية والسجن والإغتيال إرهاب
منع تدريس أطفال الكورد اللغة الكوردية وفرض لغات غريبة عليهم، إرهاب
السجن والتعذيب والإغتيال وغيرها من الممارسات، إرهاب
إن الدول التي تحتل كوردستان تمارس الإرهاب ضد الشعب الكوردي بل تسعى لإبادته وبنفس الوقت وتتهم الشعب الكوردي بالإرهاب فيما إذا دافع عن وجوده أو حاول استرداد وطنه المغتصب.
وللتوضيح: إن حادثة حفلة شاي بوسطن كانت عملية أمريكية قام بها مجموعة من الأمريكان حينما كانت أمريكا مستعمرة بريطانية.
حيث رفض المسؤولون بمدينة بوسطن إعادة ثلاث شحنات من الشاي المجمرك إلى بريطانيا في 16 ديسمبر 1773، فقامت مجموعة مناهضة للإستعمار البريطاني بتسلق السفن ورمي ما فيها من أطنان الشاي في ميناء بوسطن فإنصبغت مياه بحر بوسطن بلون الشاي.
التاريخ الأمريكي يعتبر هذه الحادثة جزء من نضال تحرير أمريكا بينما التاريخ البريطاني يعتبر حادثة حفلة شاي بوسطن عملا إرهابيا.
فليس كل عمل عنفي هو إرهابي وخاصة فيما يتعلق بتحرير الأوطان من الإحتلال.
وفيما يلي بعض الممارسات الإرهابية للنظام السوري المقبور بحق الشعب الكوردي والتي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتي لا تموت بالتقادم كمثال لإرهاب بقية الدول التي تحتل كوردستان والتي مارست أبشع مما مارسه النظام السوري:
- حرق النظام السوري 380 طفل كوردي في سينما عامودا عام 1960
- أجرى النظام السوري الاحصاء الاستثنائي الذي كان أحد نتائجه سحب الجنسية السورية من نصف مليون كوردي في منطقة الجزيرة عام 1962.
- أقام النظام السوري مشروع الحزام العربي العنصري بهدف الاستيلاء على اراضي الكورد ومنحها إلى عرب الغمر لتغيير ديموغرافية غرب كوردستان عام 1967.
- حرق النظام السوري 72 سجين كوردي في سجن الحسكة المركزي عام 1993.
- اغتال النظام السوري الامير جلادت بدرخان عام 1952.
- اغتال النظام السوري الطفل الكوردي سليمان آدي وعشرات الجرحى برصاص حرس حافظ الاسد أمام القصر الجمهوري بدمشق عام 1986 لأنهم كانوا يحتفلون بعيد النوروز.
- اغتال النظام السوري كمال أحمد وشيخموس يوسف قادة الحزب الديمقراطي الكوردي بحادث سير مخابراتي في العام 1996.
- اغتال النظام السوري شيخ الشهداء محمد معشوق الخزنوي تحت التعذيب الوحشي عام 2005.
- اغتال النظام السوري عشرات الشخصيات الوطنية في حوادث مخابراتية مفتعلة كما حصل للمناضل رشيد حمو في 17-12-2010.
- اغتال النظام السوري آلاف الشباب الكورد في الجيش السوري وتحت التعذيب بأساليب مخابراتية وحشية خلال وبعد إنتفاضة 2004 المباركة.
- مارس النظام السوري أبشع أنواع العنصرية في قهر كرامة الكوردي وانكار وجوده السياسي والثقافي والإقتصادي والإجتماعي وتهميش دوره وتزوير تاريخه.
وهناك لوائح عديدة للممارسات العنصرية للنظامين السوري والتركي تجاه الشعب الكوردي من قتل وتهجير وتعذيب حتى الموت في سجونهم والتي يعلمها القاصي والداني ولكني أريد أن ألفت نظر سماحتكم لإحدى المسائل البسيطة والتي ليس لها علاقة بالسياسة أو بشماعة الارهاب التي يتهمون بها بكاكا وقسد وهي مسألة اللغة الكوردية والعربية: فقد منع النظام السوري المقبور تدريس أطفال الكورد لغتهم الكوردية كما يمنع النظام التركي تدريس أطفال الكورد لغتهم الكوردية أيضا، ففي سورية البعث كانت هناك مدارس لتعليم جميع اللغات ما عدا الكوردية وحتى حينما يكون في سورية مجموعة من المهندسين الاجانب كان النظام السوري يبني مدرسة لتدريس أطفال المهندسين الاجانب لغتهم، ولكن تركيا لم تمنع تدريس اللغة الكوردية فقط بل منعت تدريس أطفال العرب في تركيا اللغة العربية الذي يتجاوزون عدة ملايين ولا أقصد الذين هربوا من النظام السوري بل أقصد العرب المقيمين في تركيا أبا عن جد.
وإمعانا في العنصرية التركية التي تجاوزت عنصرية النازية، فإن أطفال الأتراك يدرسون في المدارس التركية في أن اللغة التركية هي أم اللغات، أي أن جميع لغات العالم تم اشتقاقها من اللغة التركية ولذلك لا حاجة لتدريس اللغات الأخرى كالعربية والكوردية، وحينما يسافر التركي إلى أي بلد، ويصل لأي مطار لأي دولة يتكلم التركي مع شرطة المطار باللغة التركية لأنه تعلم في المدارس في أن اللغة التركية هي أم اللغات ويجب على العالم كله أن يفهموا لغته التركية. بينما فشلت النازية الإدعاء في أن اللغة الألمانية هي أم اللغات.
أرجو من سماحتكم أن لا تساعدوا الاتراك بإفتراس الشعب الكوردي والعربي ولغتهم وثقافتهم وتراثهم ناهيكم عن حقوقهم.
لذا أرجو من سيادتكم قبل أن تطلبوا من قسد تسليم أسلحتهم أن تطردوا الجيش التركي وفصائله من سوريا كما طرتم النظام السوري البعثي لتكون سوريا الشرع آمنه من التهديد البعثي والتركي.
لقد تعرضت للتعذيب من قبل المخابرات السورية حينما اعتقلوني في ستينيات القرن الماضي. ولا أرغب قطعا في أن أعاني من تلك التجربة المريرة مرة أخرى من قبل المخابرات التركية.
وتقبلوا فائق تحياتي واحترامي
جواد ابراهيم ملا
رئيس المؤتمر الوطني الكوردستاني