فوضى التاليف والنشر- سامي جواد كاظم

دخلت مكتبة لدار نشر كي استفسر عن كيفية النشر ، وقد اثار استغرابي حديثه عن النشر والقراءة ويدل دليل قاطع على ان الرجل تاجر يبحث عن الارباح ولا علاقة له بماهية الكتاب ، اي يعمل على ما يعتقده مطلوب مهما كان مضمون الكتاب ، وانتهى الحال به ليجزم هزيمة الكتاب المقروء ورقيا حتى انه عرض علينا جميع كتبه دفعة واحدة بسعر الف دينار للكتاب ليؤكد على خسارته واحباطه من العمل بالمكتبة .

لا احد ينكر قلة القراءة وقلتها لايعني الكترونيا كثرتها ، بل ان القراءة عموما ليست كما كانت سابقا ، نعم الكتب الالكترونية اصبحت اكثر رغبة وذلك لسهولة الوصول اليها وبسعر زهيد ان لم تكن مجانا ، يقابلها الكتاب بالعموم باهض الثمن بسبب دار النشر لانه تاجر وبسبب كلفة الطباعة بمواد باهضة الثمن ، ولو سالنا قارئ ما ايهما تفضل شراء كتاب بطباعة فاخرة وسعر باهض يقابله نفس الكتاب بطباعة اقل وثمن اقل ، القارئ الصحيح يختار الاقل ثمنا .

التاليف بمعناه الحقيقي اليوم اصبح بالاغلب الاعم سرقة واستنساخ وبعض المهنيين من السراق يغيرون بداية العنوان واخر فقرة حتى لايتهم بالسرقة ، ولكن المهم في العراق مثلا طباعة كتاب من اسهل الامور وبلا ضوابط بل هنالك من اصبح مؤلف باموال غيره ، وبالرغم من انه يعلم لا احد يقرا كتبه لكن المهم ان يوضع اسمه على غلاف الكتاب ، وفي ظل هذه الفوضى ظهرت كتب قمة في الانحطاط الفكري والتشتيت الثقافي والتحريف التاريخي ولا رادع لهم ، سابقا كان الكتاب يعرض على لجنة في الاعلام وبعد الموافقة يسمح له بالطباعة اليوم لا توجد اي جهة فاحصة .

قرات كتبا لمؤلفين كبار واصابني الذهول بما كتبوا من ضعيف الراي وعدم الدقة في المعلومة ولانهم كتّاب لهم اسمهم الرنان فمن يجرؤ على نقدهم ، وهنا اشير الى كتابين الاول فوات المؤلفين والثاني فوات المحققين للمؤلف والكاتب القارئ الكبير علي جواد الطاهر الذي شخص ما فات المؤلف والمحقق من معلومة وخطا لغوي لمئات الكتب هذا يعني انه قرا ضعفها ، فمن من المؤلفين يقرا هذا العدد من الكتب ؟

هنالك كتب باثمان باهضة انا شخصيا وجدتها على الارصفة باسعار اشبه بالرمزية ، من يتحمل الخسارة او اصلا الربح الفاحش قبل العرض على الرصيف ؟

نعم الصراع بين الكتاب الورقي والالكتروني محتدم والكفة تميل للالكتروني ، فماذا انتم فاعلون يا مؤلفين ويا محبي الكتاب الورقي ؟ اذا كان صاحب المكتبة والمؤلف محبط ولا يفكر بالبدائل لانعاش القراءة فاصبحوا عبء على الكتاب الورقي .

اليوم اسلوب الرواية هو المطلوب والمرغوب عند القراء والاسلوب اصبح اهم من اصل المعلومة فكم من معلومة تافهة كتبت باسلوب بارع اصبحت مطلوبة والعكس كذلك وهنا على المؤلف ان يفكر بالاسلوب حتى يتمكن من طرح افكاره .

لا اريد ان استشهد بعناوين بعض الكتب التي لا تلبي الطموح او التي تتناول شانا بعيد عن ثقافة المجتمع او لا فائدة من معرفته ، وهنا على الكاتب ان يعيش الوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمع ومن ثم يكتب واهم واكثر شريحة في المجتمع هم الشباب .

السيد محسن الحكيم قدس سره اسس (73) مكتبة في مختلف جوامع المحافظات لاسيما الكبيرة والتي يرتادها المصلون بكثرة وهذه المكتبات نهضت بالتراث الاسلامي السياسي وباعتراف حكومات عصره وكان لها الاثر الفاعل في رد الافكار المنحرفة .

اليوم هل توجد هكذا مكتبات في بعض جوامعنا ؟ وماهية الكتب الضرورية لعرضها في هذه المكتبات ؟ وللاسف الشديد الكتب المدعومة لا احد يقتنيها والكتب باهضة الثمن مثل الروايات والتنمية البشرية كثيرة المبيع والطلب وهنا يتضح لنا ان اسلوب الكتابة ونوعية المعلومة ضرورية لجعل الكتاب مقروء .

عرضت في يوم ما كتاب روائي شبه الحادي على الشيخ عبد المهدي الكربلائي فاستغرب وانتقد الكتاب وهنا قلت له مولاي المهم اريد ان الفت انتباهكم هذا الكتاب الطبعة التاسعة ، وبسعر (9) دولار وعدد صفحاته لا تتجاوز (300) صفحة وغلافه وطباعته عادية بينما الكتب الدينية بطباعة فاخرة وتجليد راقي ومعلومات تاريخية وبسعر مدعوم يعني البيع بخسارة وتراها مكدسة في المكتبات .

 هنا يجب ان نقف لنتدارك الكتاب ومن خلاله نتدارك ثقافة الشباب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *