إيران والشرق الأوسط .. ثورة حتى النصر!/ بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

مع مرور كل يوم، تتزايد مخاوف الولي الفقيه الحاكم لإيران؛ لأن مسار التطورات الجديدة التي تحدث منذ عدة أسابيع في الشرق الأوسط والتي بدأت تحديداً مع سقوط الدكتاتور بشار الأسد في سوريا يتجه نحو إيران. ويُجمع الجميع تقريباً على أنه مع سقوط دكتاتورية الأسد في سوريا؛ لم تكتفِ التطورات الآن باكتساب وتيرة أسرع فحسب، بل أصبح الهدف الوشيك لهذا المسار هو إسقاط ديكتاتورية ولاية الفقيه الحاكمة في إيران.

ويستعد جميع الإيرانيون، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والاجتماعية أو العقائدية؛ على “الاستعداد” لمواجهة هذا “التطور الكبير. كما أن المجتمع الدولي لا يقتصر على ترقب مثل هذا التطور المبهج فحسب، بل يجد نفسه أمام هذا “السؤال المهم”: ماذا ينبغي أن يفعل؟

رغم أن العديد من مسؤولي النظام الإيراني قد توجهوا خلال السنوات الأخيرة إلى الدول الغربية، وقام كل منهم، قبل أو بعد سفره، بتحويل مليارات الدولارات إلى خارج حدود إيران، كما أنهم أحياناً أرسلوا عائلاتهم أو أبنائهم إلى أحضان الدول الغربية، إلا أنه من المتوقع أن نشهد في الأسابيع المقبلة مزيدًا من حالات الفرار خارج البلاد!

إن وتيرة التطورات في الشرق الأوسط، تتسارع ويتسع نطاقها كل يوم خلافاً لخارطة طريق ولاية الفقيه. ولا يمكن لهذه العملية أن تتأثر بالتطورات العالمية، بما في ذلك تغيير أو استبدال الإدارة الحكومية في أمريكا. ومن المفترض أن يحل دونالد ترامب في 20 يناير محل جو بايدن ويبدأ الولاية الـ 47 لرئاسة الجمهورية في أمريكا.

وتتزامن التطورات خارج حدود إيران مع ذروة الاحتجاجات الشعبية داخل البلاد، والإجراءات القمعية التي يمارسها نظام ولاية الفقيه في إيران، بما في ذلك زيادة الاعتقالات والإعدامات في هذا البلد. نتذكر جميعاً أن الدكتاتورية السورية زعمت في مسرحية انتخاباتها الأخيرة أن أكثر من 96 في المائة من السوريين صوتوا لصالح “بشار الأسد”! بينما شهد العالم بعد سقوط بشار الأسد هذه “الكذبة الكبرى”، ومعاناة الشعب السوري من انتهاكات حقوق الإنسان تحت وطأة حكم دكتاتورية الأسد، ولن تندمل جراحهم قريبًا.” لقد صدمت جرائم ديكتاتورية الأسد في المجتمع السوري، وخاصة في السجون؛ العالم. بدءًا من ارتكاب الجرائم داخل السجون وصولاً إلى استخدام الأسلحة الكيميائية وقتل معارضي الديكتاتورية في هذا البلد.

رغم هذه التجربة، إلا أنه من الصعب جدًا تخيل ما يحدث داخل إيران! لكن لا شك في أن الوضع في المجتمع الإيراني أسوأ بكثير مما هو عليه في سوريا! وعلى الرغم من وجود مقاومة وطنية في إيران، والتقدمات الملحوظة لهذه المقاومة على الصعيدين الداخلي والدولي، إلا أن سجل دكتاتورية ولاية الفقيه أثقل بكثير من سجل دكتاتورية الأسد. إن تجربة ثورة الشعب السوري ضد دكتاتورية الأسد تعطي حافزاً أكبر للمجتمع الإنساني، وتحديداً للشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لاختصار عنصر “الوقت” في الوصول إلى الهدف النهائي، وهو إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه!

ورغم تصريحات مسؤولي النظام الإيراني، بدءًا من خامنئي وبزشكيان وصولاً إلى أئمة الجمعة المنافقين في هذا النظام والمنتشرين في جميع أنحاء إيران، إلا أنها تحمل في طياتها خوفهم المتزايد وتجنبهم لغضب الشعب. ولكن لابد من تسليط الضوء على أن تصريحاتهم تفتقر إلى الأساس والجدية في التنفيذ العملي. وكما أعلن زعيم المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي في هذه التطورات، فإن “الخاسر الاستراتيجي” هو بالفعل الولي الفقيه الحاكم ونظامه الدكتاتوري. وهذه هي الحقيقة التي تنجلي آثارها للجميع يوماً بعد يوم، حيث تبث الأمل في القلوب وتشجع العزائم على المضي قدماً لاتخاذ الخطوة الأخيرة!

وإذا كان نظام ولاية الفقيه الدكتاتوري وداعميه الاستعماريين قد تمكنوا مؤقتاً من تأخير إسقاط هذا النظام الفاشي في انتفاضة عام 2022، من خلال مشاريع وشعارات مضللة،  إلا أنهم لن يستطيعوا أبداً أن يحجبوا الشمس بغربالهم، فحرية إيران تلوح في الأفق. إن إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه، كما ذكرت المقاومة الإيرانية مرات عديدة، هو عمل وواجب الشعب والمقاومة الإيرانية، ولا شيء غير ذلك. وبفضل استمرار المقاومة التاريخية ضد الدكتاتورية؛ فشلت المشاريع الرجعية والاستعمارية، وستقام في إيران دولة إيرانية حرة، مستقلة، ديمقراطية، وشعبية، يشارك فيها جميع الشعب الإيراني، وخاصة النساء والشباب الإيرانيون من جميع القوميات والأديان، وسيحصلون على حقوقهم المشروعة. وستكون إيران دولة شاملة، تعددية، علمانية، تتسم بالفصل بين الدين والسياسة.  ولا شك في أن برنامج السيدة مريم رجوي، الذي أعلنته قبل سنوات عديدة في 10 بنود؛ يقدم صورة واضحة لإيران الحرة غداً. إن إيران ليست مكاناً للديكتاتورية، إذ أن مكان الدكتاتورية هو مزبلة التاريخ ليس إلا!

***

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *