السعودية لم تفلح في السيطرة عليها أو على الأقل احتضانها وإيران لم تقدر على إخضاعها جزئياً أو بالكامل لنفوذها لتبقى كما كانت وكما ستكون اليمن وكَفَى ، جنس مُعتزٌّ بالنفس مُشبع بالتحامٍ لا انفصال له مع يَمَن كل الأزمان ما الليل والنهار على الأرض تناوبا دون التدقيق لماذا كيف ومتى اللحاق بالفهم وقد وَفَى ، وتلك أبعاد لا يتبيَّن تفسيرها (كل منها على حِدة) عقل بشري ولو عن فلسفة عاجزة بدورها التخمين بطرح الأقرب إلى التصديق مَن الباحث بلا طائل له هَفَا، اليمن لذاتها والمنتمين إليها جَوْهرَة تتحوَّل لمواجهة الأعداء جَمْرَة مَنْ طالته إن ظهرَ ثانية فعقله قد سَفَا ، ولمن فكَّر في اجتيازها مدفوعاً لمَسِّ ذرة من ثراها قد عَقَا وضميره مِن فوقِ الندم طَفا ، اليمن مبدأ إقدام جهاد إن قالها كلمة صدق في تنفيذها ولو اقتحم هول الهول فإن صار هذا الهول أنثى بها رَفا ، ليظل إخلاصه لِما وَعَدَ به كما لكلِّ شيء الدَّفَة ، قد تغيب المظاهر مهما اتَّسَعت وذات الوعد كأنه عهد خَفَا ، كلمعان البرقِ يثير بشرَى سفي الأرضِ المُنعَم عليها باخضرار فاصفرار حصاد يطرد الجوع بوفرة القوت المبارك يُنَوِّهُ به حتى الطائر بفرحته الزائدة لسربه ذَفَّ .
اليمن مهما كان نظامه يكره الظلم ولا يتحالف لأطول لحظة ، متى استفاق انه انحاز لمن لا يستحق هذا التحالف فكَّه علنا بصراحة مطلقة ، كأنها فسحة بين تجربة وأخرى ولا يهم الوقت فالتطور عند اليمن بغير كرامة ولا حفاظ على هوية الوطن المستقل تأخُّر للوراء لمرات إن حصل الفاعل مرَّة ، عنيد بالحق لنصرة الحق لا يفرِّق بين الكبيرة والكبرى ما دام هو الأكبر سمعة نظيفة وهدفاً راسخاَ واستعمالاً دائماً لِ : “ها أنا ذا” ولمن لم يعجبه الموقف فليختار أي جدار سميك يصدم به رأسه ليقيس بما تتراقص أمام عينيه من نجوم سابحات في هواء غير الهواء كضيق دوامة لترسيخ موعظة ، لا يُغيِّبها الزمن عن أصل اليَمن مَن بمثلِ الميزة سعيد السعادة .
… اليمن يحارب من أجل فلسطين عن تضامن مصيري مع شعب فلسطيني عربي متمكّْن من حب أرضه غير قابل للتفريط في شبر منها مهما كانت قساوة المتكالبين عليها من حلف إسرائيلي أوربي أمريكي وأذناب قلَّة (من عرب الثراء النفطي) منبطحة ، ليس نزولاً لرغبة إيران منتمية لأذرعها كما يقال خارج دقة الحقيقة ، بل تحارب وبأقصى جهد لأنها اليمن مِن أرادتها جزء موضوع رهن إشارة المستغيث بها عن طاقة كاملة غير منقوصة ، تُسخِّرُه لأنها قادرة على الجهاد في طليعة الطليعة ، مادام الخوف نفسه يخاف منها ليلتصق بمن كوَّنوا حلفا آخر معاديا لإحراق مواقع في الحديدية ، وسواها معتبرين ذلك أنه ردع قد يخمد حماس اليمنيين ويكفوا عن مضايقة خليلتهم إسرائيل المدلّلة الذليلة ، وهم لا يدركون معنى أن تصمِّمَ اليمن على شيء فأنها تكون أخطر من نار على بواخرهم الحربية إن فكرت في اجتياز خليج عدن مهما تكاثر عتادها وتضخّمت عدتها المدمِّرة ، وفي ذلك صورة متكاملة الدلائل أن القوة إن كان مصدرها الدفاع عن الباطل مهما أنجزت آخرها هزيمة ، تعيدها للتفكير من جديد أن الكبير كبير بالحق وغير ذالك بهتان مؤقت لا قيمة له بالمرة .( يتبع)
مصطفى منيغ
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي لحقوق الإنسان في سيدنس – أستراليا
سفير السلام العالمي