أخطاء تاريخية وتأثير الرواية التركية-
في لقائه الصحفي الأخير، وأثناء رده على سؤال أحد الصحفيين حول احتمالية سحب القوات الأمريكية من سوريا، كرر خطأ مشابهًا لأخطائه السابقة بشأن تاريخ الكورد والصراع الكوردي مع الأنظمة التركية. نأمل أن يقدّم له مستشاروه المعلومات الصحيحة عن تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وخاصة تاريخ الأتراك والصراع بين الكورد والأنظمة التركية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.
للأسف، لا يوجد لوبي كوردي فعّال، كما أن الشخصيات السياسية الكوردية الحالية أضعف من أن تتمكن من دخول البيت الأبيض بشكل رسمي. آخر مرة جلس فيها المجلس الوطني الكوردستاني مع شخصيات في البيت الأبيض كانت في عام 2018.
نبقى على أمل أن ينتبه مستشاروه لهذه المعضلة، ويوضحوا له، كما علّموه سابقًا، القليل عن تاريخ الكورد، وعن ضحالة نقده للكورد عندما اتهمهم بعدم المشاركة مع دول الحلفاء في الهجوم على الألمان في الحرب العالمية الثانية في معركة النورماندي.
من المؤلم أن يبقى دونالد ترامب تحت تأثير ما عرضه عليه أردوغان من روايات تاريخية مشوهة عن المنطقة والصراع القومي فيها، وتقييمه للمواقف بناءً على ما قاله أردوغان بشأن الكورد وقضيتهم.
إن الحديث المنطقي مع دونالد ترامب قد يغيّر آراءه حول الصراع التركي-الكوردي والتحالف الأمريكي-الكوردي. وقد حدث ذلك بالفعل بعد استقالة وزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي عقب انسحابه من سري كانيه وكري سبي، حينها غيّر ترامب موقفه وتراجع عن قراره.
في لقائه هذا، كان ردّه على سؤال أحد الصحفيين حول إمكانية سحب القوات الأمريكية من سوريا، التي تُقدّر بـ 2000 جندي، مبنيًا على مواقف وزير دفاعه ومستشاريه آنذاك. أجاب بأن الأمر يتعلق باستراتيجية عسكرية ولن أقدّم لك أي إجابة مباشرة، مما يشير إلى أن القوات الأمريكية ستظل في سوريا، وبشكل خاص في غرب كوردستان. ولا يُستبعد زيادة هذا العدد مستقبلًا، حيث إن أي تغيير في هذا الشأن سيكون بناءً على رؤية البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وبما يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، التي تشمل: ضمان الأمن الإسرائيلي، مكافحة خلايا داعش، الحد من نفوذ أدوات إيران، بالإضافة إلى مراقبة مستقبل النظام السوري والتوسع السياسي والعسكري التركي في المنطقة، وغيرها من الأهداف الاستراتيجية.
ولتمرير الموقف، تحدث عن علاقته الجيدة مع أردوغان، وأشار إلى الصراع الممتد بين الكورد والترك على مدى 2000 عام، ليكرر خطأ تاريخيًا مشابهًا لخطئه السابق؛ إذ لا يعلم أن الأتراك هاجروا من مناطقهم في أواخر القرن التاسع الميلادي، ولم يكن لهم أي وجود في المنطقة قبل ذلك. فمن أين جاء بألفي عام من الصراع الكوردي-التركي؟ علمًا بأن الصراع الكوردي مع الأنظمة التركية، التي غرقت في بحر العنصرية، لا يتجاوز عمره مئة عام، أي بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
7/1/2024م