من الصعب إن لم نقل من المستحيل أن يتمکن النظام الايراني من ترتيب أوضاعه مجددا والعودة الى سابق عهده لأنه إضافة الى إنه يواجه وضعا إقليميا ودوليا جديدا مختلفا عن الذي کان سائدا في بدايات تأسيسه، فإنه يواجه تهديدا وتحديا جديا يتمثل في المقاومة الايرانية التي وعلى العکس من النظام الايراني تعمل على مضاعفة نشاطاتها داخليا وعلى الصعيد الدولي من أجل توفير الاجواء والارضية الملائمة والمناسبة لإسقاطه.
عند متابعة الاوضاع في المنطقة والعالم، نجد إن هناك سياقا عاما يٶکد على التأکيد إن الاوضاع الجديدة في المنطقة والناجمة عن ما جرى لحرکة حماس وحزب الله اللبناني وسقوط نظام بشار الاسد، هي أوضاع متفق عليها إقليميا ودوليا، وهذا ما يمکن إعتباره بمثابة رسالة واضحة للنظام الايراني يبدو سيتقبلها شاء أم أبى، خصوصا وإنه يعلم بأنه ومع جلوس ترامب في البيت الابيض لن يمتلك الخيارات التي تسمح له برفض الاوضاع الجديدة في المنطقة والعمل ضدها.
لکن من الواضح جدا إن النظام الايراني ومن جراء فقدانه لعمقه الاستراتيجي بسقوط النظام السوري وإنکماش حرکة حماس وحزب الله على نفسيهما وفقدانهما لقوة تأثيرهما بحيث لا يتمکن من إستخدامهما مستقبلا کورقتي إبتزاز بوجه دول المنطقة والعالم، فإن ذلك يعني إن الجبهات التي فتحها خارج إيران لتصفية حساباته وتنفيذ مخططاته المختلفة قد إنتهى أمرها، وهو ما يعني بالضرورة إن تفاخر النظام بأنه يواجه أعدائه وخصومه خارج حدود إيران قد إنتهى ولم يعد هناك إلا داخل إيران التي کانت جبهة المواجهة والصراع الاساسية بوجهه وإن هذه الجبهة الساخنة قد صارت مهيئة لأن تشتد سخونتها وتشب فيها ألسنة اللهب لتحرق النظام.
في المٶتمر الدولي الاخير الذي تم عقده في العاصمة الفرنسية باريس في 11 من الشهر الجاري، أوضحت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية خلال کلمتها أمام المٶتمر بأن ثلاثة عوامل قد ساهمت بتشکيل الوضع الحرج للنظام الايراني هي کالتالي:
العامل الأول: هو القمع الشديد، الإفلاس الاقتصادي، الأزمات الاجتماعية العميقة، والفساد الحكومي المنتشر الذي دفع المجتمع إلى حافة الانفجار. كما أظهرت مقاطعة مهزلتين للانتخابات في عام 2024 من قبل الشعب بنسبة أكثر من 90% أن النظام ليس له أي قاعدة اجتماعية في إيران.
العامل الثاني: هو هزائم النظام في المنطقة، بما في ذلك انهيار حزب الله وسقوط ديكتاتورية سوريا، التي كانت أهم دولة حليفة لنظام الملالي.
العامل الثالث: هو صعود المقاومة المنظمة التي تستعد للانتفاضة والإطاحة بالنظام.
والترابط بين هذه العوامل وتناغمها من حيث وضع النظام في الوضع الحرج الحالي، يعني نهاية عبثه وتلاعبه بأمن المنطقة وإستخدامها کساحة له لتحقيق أهدافه وإرغامه على التقوقع داخل حدوده مما يجعله وجها لوجه أمام شعبه الغاضب عليه والرافض له والمقاومة الايرانية التي ترفع شعار إسقاطه وتصر عليه، وهذا ما يجعل الانظار کلها تتجه الى داخل إيران بإنتظار الشرارة التي ستشعل نار الانتفاضة التي لن يبقى للنظام الايراني بعدها من أثر.