الوجه الأخر للموت والحياة- كامل سلمان

الموت واحد والحياة واحدة ، هذا ما تعلمناه في مجتمعاتنا منذ الصغر ، ولكن مالا نتعلمه وهو الصح بأن الموت ليس واحداً ، فالذي يموت ضميره وتموت إنسانيته فهو ميت بالنسبة للحياة ، والذي تموت القيم الأخلاقية عنده فهو ميت بالنسبة للمجتمع ، والذي تموت أفكاره ونظرته الايجابية للحياة فهو ميت بالنسبة لنفسه ، اليأس موت ، الظلم موت . الكرامة تموت ، الاخلاق تموت ، المودة تموت ، الجوانب المعنوية لحياة الإنسان قابلة للموت حالها حال الجانب الجسدي ، كل أنواع الموت يتعرض لها الإنسان إما مجبراً أو بمحض أختياره ، ولكن أسوأ أنواع الموت هو الموت الذي تتحول فيه نتانة وعفونة الموتى كارثة على المجتمع وتشل فيه حركة الحياة وتقتل جماليتها وهو موت العقول والأفكار ، نعم هناك شيء أسمه موت العقول والأفكار . . من الأيدلوجيات ما يتم زراعتها بحرفية عالية في عقول الناس هي أيدولوجيات مميتة تقتل من يتقبلها أولاً ثم تقتل ما حوله من الناس ، الفكر الداعشي يقتل من يحمل هذا الفكر ثم فيما بعد يؤدي إلى قتل الناس وقتل الحياة على الأرض . همومنا ومشاكلنا وأنواع الموت التي نعيشها ، جميعها تنبع من مصدر واحد وهي الأيدلوجيات الغارقة في الوهم وفي ظلمات الماضي والتي تحاول إرجاع مخلفات الأموات إلى عقول الناس وزقه بالحاضر ، الأيدلوجيات التي تعتبر الوعي تمرداً على الواقع هي أيدولوجيات ميتة ،،، الماضي قد لا يكون سيئاً وقد يكون رائعاً لزمانه ولكن لكل زمان حياة وحياة الحاضر غير حياة الماضي ، الماضي سمي ماض لأنه مضى وأنتهى والحاضر شيء مختلف ، فليس هناك طبيب اليوم يعالج المريض بإسلوب القرون الوسطى ، وليس هناك سفر وتنقل اليوم بطريقة القرون الماضية وليس هناك قتال بالسيف اليوم وليست هناك كتابة على جريد النخل ، ولم تعد المرأة ناقصة العقل ، إنجاب الأطفال لم تعد مشكلتهم الأرزاق فهناك شيء أهم من الأرزاق وهي التربية والبناء ، زمن أسواق النخاسة وشراء العبيد والجواري إنتهى فكل شيء تغير وعندما تتغير الأشياء تتغير الأفكار وتتغير طرق التعامل معها ، فعقولنا نحن البشر في هذه الايام تتناسب مع متطلبات حياتنا التي نعيشها وتتناسب مع عقول ما حولنا وهكذا كانت عقول القدامى في زمانهم وهكذا ستكون عقول اجيال المستقبل ، هذا واقع يجب أن نعترف به ولا نكابر عليه ، فلماذا تسفك الدماء وتهدر الاموال وتعطل الحياة ؟ فقط لنجعل الحاضر أسيراً للماضي ، وسيظل الدم يسفك ويسفك حتى تحين اللحظة التي يعترف بها سماسرة الماضي بأنهم لا مكانة لهم في الحاضر ، وها هي منطقتنا تسبح بالدم من أجل تطبيق أيدولوجيات ماضيوية . العقول الميتة هي العقول التي تراهن على أفكار يستحيل تطبيقها ويستحيل نجاحها لأنها لا تعي بأن الدنيا تتغير أحوالها ، حالها حال العقول التي كانت تعيش زمن الجاهلية عندما جاءها الإسلام أصرت على بقاء أفكار الجاهلية لكن الإسلام أثبت لها بأن أفكارها أصبحت من الماضي ، هذه هي حقيقة الحياة وحقيقة سير الحياة . أنا لا أريد أن أعيش ميتاً لمجرد أن غيري ارتأى أن يعيش ميتاً ثم حمل السلاح ليجبرني أرضخ له ، أنا أريد أن أعيش حياً ، ولا أستطيع أن أعيش حياً بأفكار ميتة . كل ما يسلب طعم الحياة عن الإنسان هو موت ، فعندما نقول بأن الفكر الذي يُغيب الإنسان عن الواقع هو موت فهو موت مؤلم أكثر من موت الجسد ولكن صاحبها لا يدفن تحت التراب فتنتهي أثاره وينتهي بل تبقى رائحته النتنة تزعج وتؤذي الآخرين ، فالشخص الذي يؤمن بضرب الطفل بحجة تربيته ويضرب المرأة بحجة تأديبها ويضرب رأسه بالسيف بحجة معتقده مثل هذا الإنسان هو جيفة نتنة ماتت فيه كل معاني الحياة . عفونة الميت عقلياً وفكرياً تفوق بمئات المرات عفونة الميت جسدياً ، فلا حياة حقيقية عندما يكون العيش وسط الأموات فكرياً وعقلياً . يجب أن نصحو فأن عفونة الأموات عقلياً ما عادت تحتمل ، فهي العفونة التي بدأت تنهي الحياة عندنا وأصبحت تنتشر في كل مكان من ديارنا ، والذين أدمنوا على هذه العفونة سيقاتلون بكل ضراوة كل شيءٍ حي للحفاظ على إرثهم الميت . وأخيراً أقول أن الميت لا يشعر بالموت سواء أكان ميتاً جسدياً أو عقلياً أو أي نوع من أنواع الموت فالموتى سواسية في احاسيسهم ولكن الحي هو من يشعر بالحياة ، فمن يأمل من الميت يوماً يعود للحياة فهو واهم ، ومهما كثرت الاموات فلن تموت الحياة وها هي الحياة باقية ولن تمحيها رحيل الأموات .

One Comment on “الوجه الأخر للموت والحياة- كامل سلمان”

  1. يا استاذ الكريم. كل كل ما تفضلت بة صحيح. و بنسبه لدين الإسلام و هو فط لعرب ولا غيرهم لكن العرب فرضوهها على الشعوب عندما قامو بغزوات على الشعوب و غزواتهم كان من أجل أن ياخذو أموال ناس و يا خذو النساء والفتيات و بعدها سموها فتوحات لكي يسترو على اجرامهم. و لهذا لأ يسمحون لاحد ان يعرف ما في بطون كتبهم و تاريخهم الاسود . و هم يععلمون عين اليقين انة هم يكذبون على العقول الضعفاء. و لكن حقيقتهم بانت و نحن في عصر الحضارة و الكبيوتر و أكثر الناس عرفوا حقيقتهم. لك تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *