قتل رجال الدين في إيران ليست مجرد ظاهرة- منى سالم الجبوري

 

عندما إندلعت الثورة الفرنسية فقد کان الهدف الاساسي للشعب الفرنسي خلالها العائلة المالکة بالدرجة الاولى ثم الطبقة الارستقراطية لأن هذه الطبقة کانت الاکثر مستفيدة من النظام الملکي، ويبدو أنه في حالة حدوث ثورة في إيران فإن رجل الدين سيکون مستهدفا من قبل الشعب الايراني لأن طبقة رجال الدين هي المستفيدة من النظام الذي أقامه الخميني قبل 45 عاما ولحد الان!

في بداية تأسيس النظام الديني، فقد سعى رجال الدين وبصورة ملفتة للنظر أنفسهم بمثابة قديسين زاهدين عن الدنيا ويسعوا من أجل عامة الشعب ولاسيما المستضعفين والفقراء والمحرومين منهم. وقد عکست وسائل الاعلام الايرانية ولاتزال هذه الصورة المثالية عن رجال الدين، ولکن السٶال الذي يجب طرحه هنا هو: بعد أکثر من 45 عاما من تأسيس هذا النظام والترکيز على هذا الوصف المثالي لرجل الدين، هل إن الشعب الايراني مقتنع بذلك حقا؟

قد لا تکون الإجابة بتلك الصعوبة بل وحتى إنها في المتناول خصوصا خلال العقدين الاخيرين التي شهدت تکرار الکثير من حوادث الاعتداء على رجال الدين وقتلهم ولانريد أن نتناول ما قد ورد ويرد في وسائل التواصل الاجتماعي الفارسية بشأن رجال الدين في إيران والسخرية والاستهزاء بهم وتصويرهم وکأنهم شياطين بحد ذاتهم.

الحادثة الاخيرة التي شهدتها العاصمة الايرانية طهران حيث قام مسلح بإغتيال قاضيين أمام المحکمة العليا في طهران ثم إنتحر من فوره، ليست مجرد حادثة عادية ولا تتعلق بشخص أو جهة أو طرف معين، بل هي تعکس رغبة وإرادة شعب قد ضاق ذرعا بطبقة خرجت من مکانها التقليدي وإحتلت أماکن ليست من شأنها أو إختصاصها والاهم من ذلك إنها قد جنت على هذه الاماکن وجعلت الشعب الايراني يدفع الثمن.

على الرغم من إنه قد کان للقتيلين ماض مروع حيث أصدرا أوامر بإعدام آلاف الإيرانيين بما فيهم السجناء السياسيين، لکن هذا لا يعني بأن الشعب الايراني يقوم بعملية إستثناء ويعتبر بعضا من رجال الدين أشرار والبقية طيبين وأخيار، بل إن النظر السائدة حاليا هي النظر إليهم کطبقة تمثل الشر کله لأنها تمثل وتجسد النظام القائم بعينه، ولذلك فإن تزايد مهاجمة رجال الدين والتعرض لهم في الاماکن العامة بل وحتى في بيوتهم وصيرورتها ظاهرة تعکس في الحقيقة الکراهية الشديدة التي بات الشعب الايراني يکنها للنظام ورغبته الشديدة في حسم الحکم القائم الذي يستند عليهم أساسا.

فصل الدين عن السياسة، هي إحدى المطالب الاساسية من عشرة مطالب تٶکد عليها زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، مريم رجوي، وهو مطلب دأبت على تکراره والتأکيد عليه لأنه يعبر عن رغبة وإرادة الشعب الايراني خصوصا بعد أن وصل النظام الى ذروة أزمته الخانقة في مختلف المجالات بما يثبت ذلك بأن نظرية ولاية الفقيه التي يقوم على أساس منها النظام، الى طريق مسدود ولذلك فإن قتل رجال الدين في إيران والکراهية الشديدة لهم من جانب الشعب الايراني ليست مجرد ظاهرة بل إنها تجسد رغبة عارمة في تغيير نظام ثبت فشله وعدم جدواه لإيران والشعب الايراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *