نحن في المرحلة الأخيرة من الديكتاتورية الحاكمة في إيران. في هذه المرحلة، ستحدث أشياء كثيرة لم نشهدها من قبل. لأن هناك”تحول كبير” يلوح في الأفق، وأصبح تحقيقه مؤكداً. تحولٌ ليس حلماً للشعب الإيراني فحسب، بل حلمٌ لشعوب العالم أيضًا. لقد شهد التاريخ ثورات هزت أركان العالم. ومن خصائص هذا التحول الكبير تأثيره الفريد على المجتمع العالمي!
التحول العظيم هو إسقاط الدكتاتورية في إيران!
السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه في خضم التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط هو: أي الطريق سيسلك النظام الديكتاتوري الإيراني أمام مفترق الطرق هذا؟ هل هو الاستسلام والسعي للتفاوض مع الغرب أم التمسك بمبادئ ولاية الفقيه؟
وبغض النظر عن الخيار الذي سيختاره النظام الإيراني، فإن الإطاحة بالدكتاتورية في إيران أمر مؤكد ووشيك؛ لأن خيارات الدكتاتورية محصورة بين “السيئ” و”الأسوأ”. ولن يرضى الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية بأقل من القضاء على الدكتاتورية في بلادهم. وبما أن الهشاشة من سمات المراحل الأخيرة للنظم الديكتاتورية، فمن الطبيعي أن يلجأ نظام ولاية الفقيه إلى الخيار السيء، ألا وهو التفاوض والتسليم للغرب. ولكن وفقا للأمثال المماثلة في جميع الثقافات، “يمكن القول: ” لقد بلغ السيل الزبى”.
الموقف المهزوز للديكتاتورية في إيران!
شرح السيد مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، في رسالته الأخيرة، مشيراً إلى حكاية قديمة؛ الوضع الحالي لدكتاتورية الولي الفقيه، وقال: ” لم أقل إنها حبة سوداء”، بمعنى أنه يريد أن يقول: ” إذا كنتم تتذكرون، قلت صراحةً إن هذا أمر خاطئ، ولكن لم يأخذ أحد كلامي على محمل الجد”.
” كان أحدهم يقوم بتهريب البارود. وعند بوابة المدينة أمسكه الحارس، وسأله ما هذا؟ وإلى أين تأخذها؟ فأجاب: إنها حبة سوداء، وأنا آخذها إلى المخبز! فجاء القاضي وأمر بإشعال البارود تحت لحيته الطويلة. فأحرقت النار لحيته واندلع الدخان! ومع ذلك صاح بصوت عالٍ: ألم أقل لكم إنها حبة سوداء!”
والآن بعد أن أجمع الجميع على أن دكتاتورية ولاية الفقيه أصبحت في أضعف حالاتها، فإن علي خامنئي يصف نظامه بأنه “قوي” وسيصبح أكثر “قوةً”! صرح السيد رجوي في رسالته بأن الآلة الجيوسياسية التي حذّرنا من خطرها منذ زمن بعيد، والتي ارتبطت بالحرب المناهضة للوطنية التي شنها خميني رافعاً شعار “تحرير القدس عبر كربلاء”، قد بدأت تعمل بكامل قوتها، وأن مرحلة التسامح والمهادنة قد اقتربت من نهايتها”. لقد استُبيحت سوريا و لبنان، وباتت الأرض العراقية تئن تحت سطوة ولاية الفقيه”.
موقف الحشد الشعبي في العراق!
والآن قَدْ اهتزَّت أُسُسُ حُكمِ الولي الفقيه ونظامه في إيران والمنطقة، وبات احتمال سقوط هذه الدكتاتورية كسقوط بشار الأسد في سوريا وشيكًا، وقد قال خامنئي في لقائه برئيس الوزراء العميل له في العراق، بخصوص القوات العميلة له في العراق: “إن الحشد الشعبي هو أحد أهم أركان القوة في العراق، ويجب بذل كل الجهود للحفاظ عليه وتقويته بشكل غير مسبوق”.
وتأتي تصريحات خامنئي بينما كان أهل العراق يقولون منذ بداية نشوء “الحشد الشعبي” منذ بداية وجوده، إن الحشد الشعبي أخطر من “داعش” وأكدوا على ذلك مراراً وتكراراً. كما لم يتغير الحال على مر هذه السنوات العديدو، فالحشد الشعبي ظل مرتبطًا بقوات حرس نظام الملالي في الديكتاتورية الدينية، وتعمل ضد مصالح الشعب العراقي. ولهذا السبب، يطالب الشعب العراقي والأحزاب السياسية العراقية بنزع سلاح الحشد الشعبي وحله، وقد أكد وزير الخارجية العراقي مؤخرًا على هذا المطلب.”
نظرة عامة على القوات التابعة لديكتاتورية ولاية الفقيه في منطقة الشرق الأوسط
إنّ القوات الوكيلة لديكتاتورية ولاية الفقيه تتهاوى وتنأى بنفسها عن هذه الولاية الفاشية، مواكبةً لضعفها، وبسبب خوفها من عواقب التبعية السياسية والعسكرية لهذه الديكتاتورية الدينية في إيران. ورغم أنّ النواة الأولى لهذه القوات هم عناصر قوة القدس التابعة لقوات حرس نظام الملالي، إلا أنّها قد أضفت على نفسها طابعًا وطنياً في السنوات الأخيرة، وحاول النظام الديني الحاكم في إيران أن يصوِّر هذه القوات على أنّها قوات مستقلة ووطنية.
إنّ هذه القوات كانت ولا تزال مرتبطة بقوات حرس نظام الملالي ارتباطًا وثيقًا على الصُعد السياسية والمالية والعسكرية واللوجستية، وهي تشبه الباسيج في إيران، وهي من نسل قوات حرس نظام الملالي. وأبرز هذه القوات تنتشر الآن في فلسطين واليمن ولبنان، وتلقت ضربة جسيمة بسقوط الدكتاتورية السورية.
هلاك اثنين من القتلة!
إن تسارع وتيرة التطورات هو إحدى خصائص عملية إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه؛ لأن الشعب الإيراني قد سئم الوضع الحالي، وعقد العزم على تقليص مدة الحكم الدكتاتوري في بلاده بأسرع وقت. إن أبناء هذا الشعب يقفون في طليعة هذا المسار. ولذلك، من الطبيعي أن نشهد من الآن فصاعدا تكرار هذه الأفعال الثورية الغاضبة لأبناء الشعب من أجل إسقاط الدكتاتورية. إن هلاك اثنين من جلادي الدكتاتورية الحاكمة، يُدعيان علي رازيني، ومحمد مقيسئي، كانا يخدمان في ولاية الفقيه الحاكمة في إيران كـ ” قضاة في المحكمة العليا لنظام الملالي”، في الساعة 10:45 من صباح يوم السبت الموافق 18 يناير 2025 ؛ هو “بداية” عملية جديدة داخل إيران، يضطلع بها أبناء الشعب الإيراني الرشداء.
خارطة الطريق العامة!
لقد كان التخلص من النظام الدكتاتوري الإيراني خارج الحدود مطلبًا قديمًا للشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية، ويتم إلى حد كبير الآن استهداف القوات الوكيلة لنظام الملالي خارج الحدود. ومن المتوقع أن يزداد هذا النمط من التطور. ولكن لا ينبغي أن نغفل أن “رأس أفعى ولاية الفقية كائنة في طهران”، وأن المعركة الحاسمة تجري على أرضها.
تدور المعركة ضد دكتاتورية ولاية الفقيه، في الوقت الراهن، على جبهات متوازية. ومما لا شك فيه أن المعركة الأساسية والأهم هي تلك التي يخوضها الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية داخل إيران للإطاحة بالنظام الديكتاتوري. والهجمات على القوات الوكيلة لنظام الملالي خارج الحدود مستمرة. ومع تنصيب دونالد ترامب الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، ستُستأنف سياسة “الضغط الأقصى” ضد نظام الملالي. وتتسارع وتيرة انهيار القوة الديكتاتورية على جانبي الحدود. لقد كثَّف الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية داخل إيران وخارجها أنشطتهما ضد الديكتاتورية. والآن قد أثبت الشعب الإيراني ووحدات المقاومة الإيرانية داخل إيران، بشكل غير مسبوق، أن “الجمهورية الديمقراطية” ستحل محل الدكتاتورية الدينية في إيران، وقد أصبح هذا البديل الشعبي متاحًا للجميع.
الكلمة الأخيرة!
بناءً عليه، من حق الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية أن يطالبوا المجتمع الدولي يإدراج قوات حرس نظام الملالي على قائمة المنظمات الإرهابية، ونزع سلاح قوات نظام الملالي العميلة، وتفعيل بند “آلية الزناد” في القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. هذه هي المقدّمات اللازمة للاعتراف بحق الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية في التصدي لديكتاتورية ولاية الفقية وإسقاطها. حينئذٍ، ستنعم إيران بالحرية، وفي ضوء ذلك تستعيد المنطقة والعالم أمنهما!
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني