العلمانية الجديدة- بقلم ( كامل سلمان )

مفهوم العلمانية المتداول عند الناس هو فصل الدين عن الدولة بمعنى أن لا تكون الدولة تحت تأثير وسلطة رجال الدين ، حسناً ماذا لو أردنا فصل العشائرية عن الدولة هل سنحتاج إلى علمانية جديدة أو نعود إلى نفس العلمانية القديمة ونعطيها صبغة جديدة ، وقد نتورط إذا أعطينا صلاحية للعلمانية أن تفصل العشائرية عن الدولة لأن الطلبات ستتوالى على العلمانية لفصل المليشيات عن الدولة وفصل الفساد عن الدولة وفصل المحاصصة عن الدولة إلى أن يصل الأمر فصل نساء الليل والفاشنستات عن الدولة . فهؤلاء كلهم لهم يد طولى بتخريب وإضعاف الدولة ، إذاً نحن بحاجة إلى علمانية متعددة الوجوه أو علمانية جديدة لم تعرفها قواميس السياسة . التجربة أثبتت بأن نساء الليل والفساد والسلاح المنفلت والأحزاب الدينية والعشائرية والطائفية والمحاصصة والولاءات الخارجية كلها أورام سرطانية في جسد الدولة تمزق تركيبتها وتثقل عملها فلابد من فصلها عن الدولة ولا يمكن فصلها بسهولة إلا بوجود نظام علماني صارم من سلالة الدكتاتوريات المقيتة تمنع الشرك بالدولة لكي تصبح الدولة نقية وحرة ، فكل شيء فيه شرك وإشراك يكون ملوثاً ، الشرك بالله تلويث للعقيدة وظلم عظيم ، الشرك في الحب خيانة وقلة وفاء ، الشرك في القيادة فوضى وإرباك ، الشرك في التربية تيه وفساد ، المشاركة في السر فضيحة ، أما الشرك في الدولة تمزق وانحطاط وضياع ونحن أصحاب التجربة الرائدة ولا يضاهينا بتجاربنا أحد . هل يمكن أن نتخيل بأننا بحاجة إلى فصل التخلف والأمية عند الدولة ؟ نعم والدليل بلد ليس فيه زراعة ولا صناعة ولا تعليم ولا مؤسسات صحية ولا مؤسسات خدمية ولا تأمين صحي ولا رعاية اجتماعية فهل هذا كله يدل على أن الدولة تقاد من قبل نخب مثقفة متعلمة مسؤولة أم إنها تقاد من أمية جاهلية ؟ فكلنا نرى المسؤول يرتدي البدلة الأنيقة ويتعطر بأرقى العطور وأصابعه تتزين بأجمل الخواتم وحمايته ذئاب وأسود ويتكلم بلسان عربي مبين لكن بالمقابل ليس له عطاء ملموس فهذا دليل التخلف والأمية الإدارية لهذا المسؤول .
جميع أنواع الفصل ممكنة إلا نوع واحد فهو خط أحمر ولا يسمح الأقتراب منه وهو فصل هيمنة بعض العوائل عن الدولة ، فهؤلاء بالحقيقة فوق الخط الأحمر ( أرجواني )، ممكن أن نفكر في فصل التراب عن الدولة ولا يمكن أن نفكر في فصلهم عن الدولة لأن مفهوم الدولة أصبحت هي هذه العوائل ختم بالشمع كما يقال …. المشكلة ليست بصعوبة فصلهم عن الدولة لأننا نتذكر كيف أن الأقوى منهم قد تم فصله عن الدولة بل تم فصله عن الحياة بالشنق وهم شاهدون على ذلك بأعينهم ، لكن ذلك الأقوى للأسف لم يترك هو وعائلته شيء من الدولة بعد رحيله إلا حطام ورماد وهكذا سيفعل البدلاء . لقد رحل صدام وعائلته ونزل البديل عنهم مجموعة عوائل والبيت نفس البيت ، وخوفنا أن يصبح الحل الأخير بقاء كل هؤلاء ويتم فصل الشعب عن الدولة كما بينت ذلك أحداث ثورة تشرين عندما خرج الشعب يطالب بالدولة والوطن !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *