التاريخ والجغرافية والعلاقات الحميمة بين كندا والولايات المتحدة ، هي مشتركات لا غنى للبلدين عن بعضهما في شتى المجالات ،لكن وعود ترمب للناخبين الآمريكيين أثناء حملته الإنتخابية ، دفعته للوفاء بوعوده حال تسلمه السلطة ، وهي فرض رسوم 25% على جميع الواردات من كندا والمكسيك ،بإستثناء النفط الكندي ومنتجات الطاقة وهي10% ، علماً بأن حوالي 60% من الواردات الأمريكية من النفط الخام تأتي من كندا بالإضاقة للرسوم الأمريكية الحالية ، ولو نفذت هذه الإجراءات ستكلف المستهلك الأمريكي الكثير . كما قرر فرض 10% على الواردات من الصين ، وهدد ترمب بفرض رسوم على الإتحاد الأوروبي ، لكن الناطق بأسم الإتحاد عبّر عن اسفه لكونها مؤذية لجميع الأطراف ، وتؤدي إلى إرتفاع التضخم واسعار الفائدة ، وإضعاف اليورو .
ويعتقد الكثير من المراقبين إن إجراءات سلطات الطوارىء التي اقرّها ترمب بسبب الهجرة غير الشرعية والمخدرات القاتلة منها الفنتانيل التي تدخل اميركا ، هي إجراءات ضغطية على جارتيه كندا والمكسيك ليس إلا .
وردت كندا بأنها ستفرض رسوم 25% على البضائع الأمريكية بقيمة 155 مليار دولار، ورفضت كندا عرض ترمب بضم كندا لتصبح الولاية 51 من أميركا رفضاً قاطعاً . وردت المكسيك على الفور بتدابير كمركية وغير كمركية دفاعاً عن مصالحها التي تذهب 83% من صادراتها إلى أميركا ،
وعبّرت الصين عن غضبها الشديد ورفضها للقرار، ووعدت بتقديم شكوى عاجلة إلى ( منظمة التجارة العالمية )، وإتخاذ التدابير الوقائية لحماية مصالحها ،وفرض رسوم 15% على واردات الفحم والغازالطبيعي المسال و10% على النفط الخام والمعدات الزراعية وبعض السيارات إعتباراً
من 10 شباط الجاري .
الخلاصة :الإجراءات التهورية التي أقرّها ترمب هي سيف ذو حدّين، فهي تضرّ المستهلك الأمريكي ويؤدي إلى فقدان مئات الآف الوظائف في البلدان الثلاثة وزيادة التضخم ، وبذلك أشّعل فتيل حرب تجارية عالمية تهدد الإقتصاد الدولي برمّتهِ ، بسبب أن هذه الدول تستفيد بشكل غير عادل من التجارة مع اميركا حسب قوله ، وإن مخدّر الفنتانيل التي توفر الصين المواد الكيميائية في تصنيعه والمكسيك بتهريبه عبر الحدود الذي تسبب الجرعات الزائدة منه الآف الوفيات .
وهناك شركات متضررة من هذا الإجراء وستقاضي الحكومة الأمربكية أمام منظمة التجارة العالمية ،وتقوّض الإستقرار السائد إلى مديات غير مسبوقة .
وبعد المكالمة الهاتفية مع رئيسة وزراء المكسيك كلوديا شينباوم ، ورئيس الوزراء الكندي المستقيل جستن ترودو وتعهدهما لتشديد الرقابة الحدودية ، تمّ تأجيل الإجراءات لمدة 30 يوماً .
وزبدة القول أن الكل متضرر من هذه الإجراءات ، ويقوّض العلاقات التاريخية الحميمة بين البلدان المجاورة ،وإعادة النظرعبر المفاوضات من قبل الخبراء في الإقتصاد والسياسة والأمن هو عين الصواب ، فهل يفعلوا ؟؟؟
منصور سناطي