ترامب.. هل يملك حقاً مفاتيح الجحيم أمْ هو استعلاء الجنس الأبيض؟- محمد عزت علي الشريف

أديب وكاتب رأي مصري

حتى فرعون عندما قال: “يا أيها الملأُ ما علمت لكم من إلهٍ غيري” كان أكثر حذراً في التعبير و اختيار المفردات – أكثر من ترامب هذا الذي يُبْدي كامل الثقة وهو يتعدّى الخطوط الحُمْرِ ويذهب إلى حَدّ إعلان الساعة وفتح أبواب الجحيم بحلول الثانية عشرة من ظهر يوم السبت 15فبراير 2025ولا حول ولا قوة إلا بالله، الله الذي لم يعلن قيام الساعة بعد – ها هو ترامب يعلنها لنا اليوم!.

أيّ هُراءٍ هذا بل أيّ افتراءٍ لم يأتِ بمثله حتى فرعون موسى؟!.

أيّ صلف هذا وأيّ هذيان يفسق عن كل منطق؟!

إن تصريحات ترامب المستهجنة عن غزة وأهلها هذه الأيام؛ مرة بشرائها بأموال أصدقائه في المنطقة على حدّ تعبيره وتحويلها إلى منتجع سياحيّ و ميناء تجارة عالميّ، ومرة بإهدائها لأصدقائه الصهاينة لتوسعة رقعتهم الجغرافية التي تشبه سن القلم على حدّ تعبيره!.

 ثم هو يُهدّدُ أخيراً بحرق المنطقة كلها إن لم تهم حركة المقاومة الفلسطينية بإطلاق سراح كل الأسرى الاسرائيليين لدى المقاومة دفعة واحدة دون أيّ قيد أو شرط من شروط الاتفاقية بين المقاومة والكيان المحتل برعاية مصرية قطرية بل وأمريكية؛ يتم بموجبها تبادل أسرى الكيان بأسرى فلسطينيين وفق جداول زمنية محددة ومنصوص عليها. إنه نكوص بالوعود والعهود، ونقضٌ لكل الاتفاقات والمواثيق دون وازع من ضمير أو رادع من قوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لقد شاءت أقدارنا هذه الأيام أن نقع بين أكبر حجرَي رَحَى العنصرية العالمية في القرن الحادي والعشرين.

إن من أهم توصيفات حالة دونالد ترامب النفسية أنه رجلٌ يعاني من نرجسية مفرطة، والأدهى أن هذا الرجل جاء من بيئة يمينية متطرفة تعتنق فرضية استعلاء الجنس الأبيض على ما عداه من أجناس.

أما هذا النتن ياهو فهو لا يختلف عن نظيره الترامب سوى في تصنيف العنصرية، ففي الوقت الذي يؤمن فيه دونالد ترامب بتفوق الجنس الأبيض نجد بنيامين نتنياهو يُؤمن بتفوّق الجنس الاسرائيلي، وأنهم شعب الله المختار.

إننا هنا لن نواجه التطرُّف الفكري بتطرف مقابل، ولن نزايد على الخروج عن المنطق بل لن نجانب الصواب ونحن نصف ذلك كله بأنه هو النقيض الصريح لنظرية التفوق والعلو التي يدّعيها كل من ترامب والنتن ياهو وأمثالهما، بل نقول أن كل ادعاءاتهم تلك التي يتصرفون على أساسها مع غيرهم من الشعوب إنما هي دليل  التخلف والرجعية، و قد ردّ علماء الغرب من البيض أنفسهم على مغالطة تفوّق الجنس الأبيض بشكل علمي، وأثبتوا أنّه لا تفوّق لعنصر أو جنس على بقية الأجناس، من حيث القدرات العقلية مهما اختلفت الأشكال والألوان، بل وأقرت بذلك كل المنظمات الدولية، وشَرَّعت من القوانين ما يُجَرّم أصحاب تلك الادعاءات و يُعاقبهم عليها حدّ السجن.

ونحن هنا لم نقل جديداً ولكن ترامب ونتنياهو يأتون من الأمور سفاسفها، و من الأقوال مَغلُوطها ومُستهجَنها.

و أما بخصوص اصطفاء الله لبعض عباده أو لقوم ما في زمن ما فإنما يأتي من أجل رسالة وتكليف يقوم بها المصطفى من العباد أو من الأقوام، و ليس يعني ذلك أبداً تفوق عرق على عرق، ولا تمييز عنصرٍ على عنصر.

فنحن المؤمنون بمحمد النبيّ  نعلم باصطفائه و نُقِرُّه، ولكن ليس في منطقنا أبداً أنه صلوات الله عليه وسلامه من عنصر آخر، وإنما هو بَشَرٌ مثلنا اصطفاهُ ربّه عبداً ورسولا. فالحقيقة العلمية كما في ثقافتنا الاسلامية أننا “كلنا لآدمَ و آدمُ من تراب”.

أما عن حقيقة امتلاك الأمريكان ومن ثم ربيبتهم إسرائيل لأسباب القوة نقول أنه ” مَنْ كان يريد العِزَّةَ فلله العزّةُ جميعاً”

وما النصر إلّا من عند الله وليس النصر بقتل الأطفال و النساء، و أما الرجالُ الرجال فما يزالون في سوح القتال، وعلى أهبة الاستعداد، ومهما حدثت من ثغرة في الصفوف أو على التخوم، هناك دوماً مَنْ وما يسدّ تلك الثغور، ونحن موعودون من الله بالنصر مع الصبر.

لذا لا يكون لنا أن نرضخ لتهديدات هذا أو ذاك من شراذمة البشر، شُذّاذ الآفاق، ونفايات العقول والقلوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *