من المعلوم إن الكلمات هي الترجمان المعبر عن مستودعات الضمائر، والكاشف عن مكنونات السرائر، فإذا أردت أن تستدل على ما في قلب الإنسان فانظر إلى كلماته وألفاظه، فإنها الدليل على ما يكنه في قلبه من خير أو شر، شاء أم أبى، ان ” القلوب كالقدور تغلي بما فيها، وألسنتها مصارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلَّم، فإنَّ لسانه يغترف لك مما في قلبه”، فما صلحة كلمة رجل اوفسدة إلا ظهر ذلك على سائر عمله، ولا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم لسانه، الكلمة إذن ليست شيئاً يمكن أن يُلفظ فيُهمل، أو يُودع في عالم النسيان، كلا، بل هي ذات شأن جليل، سلب، أو إيجاب، ولها تبعة دنيوية وأخروية، فإنها مسجلة ومكتوبة لن تضيع أبدا. فالكلمة أمانة ضخمة في دين الله تعالى وأننا مسئولون بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة ،ان الكلمة التي يصفها النبي صلى الله عليه وآله بالطيبة صدقة تحصل الرغبات كلها، فكم قربت بعيداً، ويسرت صعباً، وذللت عسيراً، وفتحت أبواباً، وعبدت طرقاً، وهيأت أسباباً، وبلغت غايات لا تبلغ إلا بشق الأنفس؛ يسيرة على المتقين، فقد نشرت في بحورهم شراعها، وألقت عليهم رياحها، فطابت بها صدورهم. أن الكلمة أمانة ولها أهمية عظيمة في حياة الإنسان، وفي تعامله مع الناس، من بيع وشراء، وعقود ومعاهدات، ونحو ذلك مما يتطلب الصدق في الحديث، وأن الانسان عليه أن يضبط لسانه ويحفظه، وأن يستعمله فيما فيه الخير، فإن كان خيراً تكلم وإلا سكت، فالسكوت في هذه الحالة عبادة،
من الافضل على الإنسان أن لا يقبل من الأخبار إلا ما ثبت عنده، وأن يكون صادقاً في نقل ما ثبت لديه، فليس كل خبر يصلنا صحيح و مطابقاً للواقع، وليس كل امرئ مأموناً على نقل الأخبار، فالبعض من الناس لهم عادة تضخيم الكلام، وبعضهم له عادة الإنقاص منه، وبعضهم يضفي عليه عاطفته وشعوره. لا يخفى ان ما للكلمة الطيبة من أثر طيب في العلاقة بين الناس، لأنها تجمع الناس وتوحد الصفوف وتزيد من تماسك المجتمع، وكلما توحدت الصفوف تحققت إنجازات عديدة يعود نفعها على الفرد والمجتمع، أما الكلمة الخبيثة فهي تسبب الفرقة والتنافر بين أبناء المجتمع الواحد، وتؤدي للعنف والفرقة، ويظهر خطر الكلمة الخبيثة في الشائعات التي تطلق في المجتمع وتستهدف وحدة الأمة وتماسكها، أو النيل منها وبث الإحباط في نفوس أبنائها، أو العمل على إسقاطها أو إضعافها أو تمزيقها، أو تفتيت كيانها.خلاصة القول ان حفظ الخبر لنفسك و عدم ترويجه لغيرك هو صيانة لقيمك وخُلقك إلا بعد التأكد من الحدث او الخبر، والأصل هو إحسان الظن بالآخرين حتى يثبت بالبرهان والدليل الصادق عن حقيقته الامر؛ لأن القضية قضية اخلاق المجتمع والمسألة مسألة حسنات وسيئات،وهذه الايام وعن طريق وسائل الاتصال أصبحت الاشاعة سهل في نشرها، فعلينا ان لا نستعجل في تقبلها دون استفهام أو اعتراض .
عبدالخالق الفلاح – باحث و اعلامی