لم تکن مجرد مظاهرة- محمد حسين المياحي

 

طوال الحکم الدکتاتوري في إيران سواءا الملکي أم الديني الاستبدادي الحالي، حدثت الکثير من التظاهرات والاعتصامات ضد النظامين الدکتاتوريين المذکورين من قبل الايرانيين الاحرار في خارج إيڕان، ولکن لم تکن أي منها في مستوى قوة وحجم وتأثير التظاهرة الضخمة التي قام بها قرابة 20 ألف إيراني في العاصمة الفرنسية باريس في 8 فبراير2025، بمناسبة ذکرى الثورة الايرانية في عام 1979.

أهمية الحديث عن هذه التظاهرة تأتي لکونها لم تکن تظاهرة تقليدية أو مجرد حدث عابر جرى بسبب مجرد إنفعالات أو أحاسيس عابرة، بل إنه کان عبارة عن إستعراض غير مسبوق للقوة والتنظيم والالتزام الوطني من جانب المقاومة الايرانية، وهو ما يجعلها نقطة تحول في المشهد السياسي الايراني.

هذه‌ التظاهرة ومن خلال إجراء مقارنة بينها وبين تظاهرات المعارضة الايرانية خلال ال50 عاما الماضية، فإنها تعتبر الاکبر والاقوى والاکثر تأثيرا من جميعها وبإمتياز، إذ أن الالاف من الإيرانيين القادمين من بلدان مختلفة تجمعوا في قلب العاصمة الفرنسية باريس في مشهد غير مسبوق من حيث الحجم ودقة وبراعة التنظيم، وهو الامر الذي أشادت به وسائل الاعلام العالمية.

واحدة من أهم الرسائل التي حملتها هذه التظاهرة وأصرت على التعبير عنها هي، إن الثورة الايرانية لم تنتهي في 11 فبراير 1979، حيث حرفها التيار الديني المتطرف في الثورة عن مسارها الوطني التحرري، وإن التغيير الديمقراطي قادم لا محالة وقد أکدت الهتافات والشعارات المرددة خلال التظاهرة على ذلك ورکزت عليه بصورة غير عادية.

کما إن الملاحظة المهمة الاخرى لهذه التظاهرة والتي أکدت على طابعها الوطني هي إنها قد ضمت في صفوفها إيرانيين من مختلف الأجيال والخلفيات، بما في ذلك أولئك الذين شهدوا ثورة 1979، مما يعكس امتداد النضال الوطني عبر العقود. هذا الحشد المتنوع أكد أن المقاومة ليست ظاهرة منعزلة، بل تعكس إرادة شعبية عارمة وراسخة.

والملاحظة الاخرى التي تميزت بها هذه التظاهرة هي إن المتظاهرون رفعوا ورددوا شعارات مثل “لا للشاه، لا لدكتاتورية الملالي”، مؤكدين أن البديل عن النظام الحالي ليس العودة إلى عهد الشاه، بل إقامة جمهورية ديمقراطية قائمة على سيادة الشعب والاختيار الحر. الى جانب إن التظاهرة قد شددت على أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو البديل الديمقراطي الوحيد للنظام القائم، بقيادة مريم رجوي، وبرنامجها السياسي المستند إلى الحرية وحقوق الإنسان.

کما إن هناك ملاحظة أخرى يجب التنويه عنها وهي إن هذه التظاهرة الكبرى أثبتت زيف الدعاية الحكومية التي حاولت لسنوات تشويه صورة المعارضة. المشهد أظهر بوضوح أن الشباب الإيراني يدعم المقاومة، وأن الإسلام الديمقراطي الذي تتبناه مجاهدي خلق يختلف جوهريا عن الإسلام المتطرف الذي يروجه النظام الإيراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *