مشاكل التعليم المحاسبي في العراق- الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

 

تُعتبر المحاسبة من العلوم الأساسية التي تلعب دورًا حيويًا في تحقيق النجاح والاستدامة للأعمال، ولهذا فإن جودة التعليم في هذا المجال تُعدُّ أمرًا بالغ الأهمية, وفي العراق يُواجه نظام التعليم المحاسبي تحديات عديدة, ومنها قلة الكفاءات ذات الخبرة العملية اللازمة لتدريس هذا العلم, إن نقص الكفاءات سواء من حيث الخبرة العملية، يُعتبر عقبة رئيسية تحول دون تقديم تعليم محاسبي يتماشى مع المعايير العالمية, ويواكب تطورات السوق, علاوة على ذلك، تعاني المؤسسات التعليمية من عدم تحديث المناهج لتلبية احتياجات الطلاب وأرباب العمل في سوق العمل المتغيرة, هذه العوامل وغيرها تُشكل تحديًا حقيقيًا أمام إعداد محاسبين مؤهلين يساهمون في تطوير الاقتصاد العراقي, لذلك من الضروري النظر في أسباب هذه الأزمة, ومعالجتها من خلال استراتيجيات تربوية متكاملة, وحلول مبتكرة لضمان تحسين مستوى التعليم المحاسبي.

إن مشكلة التعليم المحاسبي في العراق تتضمن عدة جوانب خطيرة, يمكن تحديدها والاشارة لها للوصول الى الثمرة المطلوبة.

  • نقص في الكفاءة العملية

 يعاني التعليم المحاسبي من نقص في الكفاءات ذات الخبرات العملية، حيث أن العديد من المحاضرين ليس لديهم خلفية عملية كافية في مجالات المحاسبة المالية أو المحاسبة الإدارية, ويُعَد هذا من أبرز التحديات التي تواجه التعليم المحاسبي في العراق, وهذا النقص يظهر جليًا في الافتقار إلى الخبرات السوق, فالكثير من المحاضرين يفتقرون إلى الخبرة العملية في مجال المحاسبة, فهم غالبًا يتعاملون مع المفاهيم النظرية دون أن يكون لديهم تجارب فعلية في بيئات العمل، مما يقلل من قدرتهم على تزويد الطلاب بالمعرفة التطبيقية الضرورية.

وكذلك النقص في الفرص التدريبية وورش العمل المتخصصة للمحاضرين, مما يجعل من الصعب عليهم تحديث مهاراتهم ومعرفتهم بأحدث التقنيات والممارسات في مجال المحاسبة, و أمر اخر خطير وهو الفجوة بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل, حيث يجد الطلاب أنفسهم في مواجهة صعوبة كبيرة عند دخول سوق العمل، فإن ما تم تعلمه في الفصول الدراسية قد لا يتماشى مع المهارات العملية المطلوبة, هذا التباين يعكس نقص الكفاءات لدى المحاضرين في فهم متطلبات السوق.

 

  • الفجوة بين السوق والمناهج الدراسية التقليدية

غالبًا ما تعتمد المناهج التعليمية على المعلومات النظرية البحتة، مما يحرم الطلاب من التعرف على الأدوات والتقنيات الحديثة المستخدمة في مجال المحاسبة, وعدم دمج المشاريع العملية أو الدراسات الحالة الفعلية, مما يقلل من فهم الطلاب تطبيقات المحاسبة في العالم الواقعي, وتُعتبر الفجوة بين السوق والمناهج الدراسية التقليدية في العراق واحدة من المشكلات الأساسية التي تعيق تقدم التعليم المحاسبي وتطوير الكفاءات المهنية, فهناك عدم توافق المناهج مع احتياجات السوق, وتتمحور المناهج الدراسية التقليدية حول مفاهيم محاسبية قديمة، مع التركيز على الأسس النظرية, بينما تتطلب احتياجات السوق الحالية مهارات أكثر تقدمًا مثل التحليل المالي، وإدارة المخاطر، واستخدام البرمجيات الحديثة, لذلك يتخرج الطلاب بتعليم بدائي نظري دون امتلاك المهارات العملية اللازمة.

قضية تغيير طبيعة الأعمال, حيث تشهد بيئة الأعمال تغيرات سريعة نتيجة الابتكارات التكنولوجية والأساليب التشغيلية الحديثة, فان المناهج التقليدية غالبًا ما تفتقر إلى تضمين هذه التطورات، مما يعوق قدرة الطلاب على التكيف مع بيئات العمل المتغيرة.

كذلك افتقار مناهج التعليم المهارات الناعمة, حيث تركز المناهج التقليدية بشكل كبير على المهارات الفنية، بينما يحتاج السوق أيضًا إلى مهارات ناعمة مثل التواصل، والعمل الجماعي، وإدارة الوقت, الطلاب الذين يتخرجون من هذه البرامج قد يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية التي تُعتبر أساسية في بيئات العمل.

والاهم نقص التدريب العملي, غالبًا ما تفتقر المناهج إلى فرص التدريب العملي الذي يعكس الواقع التجاري, او ان يكون شكليا غير ذي نفع, وهذا الأمر يؤدي إلى تخرج طلاب ينقصهم الوعي الكافي بكيفية التعامل مع الحالات الحقيقية وما يتطلبه سوق العمل.

 

  • التركيز على الجوانب الأكاديمية

   غالبًا ما يركز التعليم على الجوانب النظرية دون إعطاء أهمية كافية للتطبيق العملي والتدريب الميداني, ان التعليم المحاسبي يعاني بشكل كبير من مشكلة التركيز على الجانب النظري، مما يؤثر سلبًا على إعداد الطلاب لمواجهة تحديات سوق العمل, فيمكن القول ان الاعتماد المفرط على التعليم النظري يعني أن الطلاب لا يحصلون على الفرص الكافية لتطبيق المعرفة التي اكتسبوها في سياقات عملية, هذا يؤدي إلى نقص في الخبرة العملية التي تخولهم للتعامل مع مشكلات المحاسبة الحالية بفاعلية, اي ان مخرجات الجامعات غير نافعة للسوق.

لذلك الكثير من الطلاب يجدون صعوبة في ربط المفاهيم النظرية بتطبيقاتها العملية، مما يحد من قدرتهم على تحليل المشكلات المالية واتخاذ القرارات المستنيرة, هذا الفهم المحدود يعوقها عند دخول سوق العمل، حيث يتوقع أصحاب العمل مهارات عملية.

إن التركيز على المعلومات النظرية يمكن أن يؤدي إلى أسلوب تعليمي يعتمد على الحفظ والتذكر فقط, بدلاً من التفكير النقدي والابتكار, فمن يكون حافظته قوية يكون متفوقا وهذا خلاف الواقع, والذي يحتاج للتفوق العملي لا النظري المعتمد على الحفظ, ان الطلاب يحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على التحليل والتقييم، وليس مجرد تكرار ما تعلموه.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

العراق – بغداد

موبايل/07702767005

ايميل/ assadaldlfy@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *