لا يمكن النظر إلى التحشيد العربي والإسلامي في دعم القضية الفلسطينية خارج هذا السياق، فكلما ازداد الخطاب العدائي ضد إسرائيل، ازداد بالمقابل دعم الولايات المتحدة وأوروبا لإسرائيل، وتحول الصراع من فلسطيني-إسرائيلي إلى صراع بين الغرب من جهة والدول العربية والإسلامية من جهة أخرى. فبدل أن يكون هناك صراع سياسي يتمحور حول إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، بات المشهد ساحة حرب باردة بين قوى عالمية، حيث تدافع الولايات المتحدة وأوروبا عن إسرائيل، بينما تتخذ بعض الدول العربية والإسلامية الصراع ذريعةً لتعزيز نفوذها، مثلما تفعل إيران عبر وكلائها في المنطقة، أو كما تفعل تركيا التي تستغل الخطاب الإسلامي والقضية الفلسطينية لأهداف توسعية خاصة بها.
هذه المعادلة لم تخدم الشعب الفلسطيني بقدر ما جعلته أداة في لعبة كبرى، حيث باتت قضيته تُستخدم كوسيلة لتبرير صراعات دولية لا علاقة له بها. فمنذ ظهور دولة إسرائيل عام 1948، والهجرة الفلسطينية الكارثية، لم تقدم الأنظمة العربية حلًا حقيقيًا للقضية الفلسطينية، بل استثمرت فيها لخدمة بقائها، وهو ما يجعل فكرة التهجير التي يطرحها ترامب تبدو وكأنها امتداد لسياسات التضليل العربية قبل أن تكون مشروعًا غربيًا.
في هذا السياق، تدرك تركيا وإيران أن التغيير في المنطقة لن يتوقف عند حدود فلسطين أو غزة، بل سيصل إلى داخل أنظمتهما السياسية والعرقية، لذلك تحاولان المقاومة عبر إثارة الضجيج الإعلامي وتخويف الداخل من سيناريوهات التفكك.
تركيا، التي تواجه أزمة هوية حادة مع الكورد، لا تقتصر مخاوفها على استقلال إقليم كوردستان العراق أو الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، بل تخشى امتداد عدوى المطالب القومية إلى داخل حدودها، حيث يشكل الكورد أكثر من 30% من سكانها. تدرك أن أي خطوة نحو منح الحقوق القومية للشعوب الأخرى في الشرق الأوسط قد تشكل شرارة لانفجار داخلي يهدد بنيتها السياسية القائمة على الإنكار والقمع، مما يجعلها تتبنى سياسات عدوانية لا تهدف فقط إلى قمع كوردها، بل إلى تقويض أي تجربة كردية ناجحة في المنطقة.
أما إيران، فترى في تصاعد النزعات القومية في الأحواز وبلوشستان وكوردستان تهديدًا مباشرًا لكيانها السياسي القائم على فكرة “ولاية الفقيه”، والذي لا يحتمل أي شكل من أشكال التعددية. لذلك، فإن الصراع في الشرق الأوسط ليس فقط بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا بين الغرب والعالم الإسلامي، بل هو في جوهره صراع بين أنظمة تخشى التغيير لأنها تعلم أن أي تغيير حقيقي سيعني نهايتها الحتمية.
التاريخ يثبت أن الشرق الأوسط لا يمكن أن يظل في حالته الحالية إلى الأبد، فكما انهارت الدولة العثمانية بسبب تنوعها العرقي والديني وفشلها في تحقيق توازن داخلي، تواجه دول المنطقة اليوم المصير ذاته، لأنها لم تستطع بناء دول وطنية تستوعب مكوناتها المختلفة. وبالتالي، فإن الحديث عن إعادة تشكيل المنطقة ليس مجرد مخطط غربي، بل نتيجة حتمية لانهيار داخلي صنعته هذه الأنظمة بنفسها. ومثلما كانت سايكس-بيكو نتيجة لسقوط الإمبراطورية العثمانية، فإن أي إعادة ترسيم جديدة ستكون نتيجة مباشرة لسقوط هذه الأنظمة التي عجزت عن بناء دول حقيقية.
ما يجري اليوم ليس مؤامرة بقدر ما هو إعادة إنتاج لفشل الأنظمة، والدول الكبرى لا تحتاج إلى خلق الفوضى، لأن الفوضى قائمة أصلًا، وكل ما تفعله هو توجيه الأحداث نحو مصالحها. فلو لم تكن هناك أنظمة قمعية، وفساد متجذر، وانقسامات قومية وطائفية، لما تمكنت أي قوة خارجية من استغلال المنطقة بهذا الشكل.
لذلك، فإن الشرق الأوسط يقف اليوم على مفترق طرق حاسم، بين أن يواصل انحداره نحو الفوضى، وبين أن يبدأ رحلة إصلاح حقيقية تعيد بناء مجتمعاته على أسس العدالة والنظم الفيدرالية اللا مركزية. ولكن طالما بقيت هذه الأنظمة تتعامل مع حقوق القوميات كالكورد والأمازيغ وغيرهم بالحديد والنار، وطالما استمرت في تغذية الكراهية والصراعات الداخلية، فإن المنطقة ستظل ساحة مفتوحة لتدخلات القوى الخارجية، ولن يكون هناك حدّ لمسيرة التغيير، التي قد لا تتوقف عند غزة والضفة، بل قد تمتد لتشمل أنظمة لم تتوقع يومًا أنها ستكون جزءًا من خريطة جديدة للشرق الأوسط كتركيا وإيران.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
12/2/2025م
المشكلة هي بحدود الدول الاديولوجية القومية الكوردية و الامزيغية ..
مثلا بالعراق .. القوميين الكورد يطرحون خرائط تشمل شمال العراق وشرق دجلة للاحواز وصولا لمياه الخليج.. واسرائيل تطرح دولة كبرى من غرب الفرات للنيل..
السؤال نحن العرب الشيعة اين سنكون فقط بمساحة ما بين نهر دجلة والفرات..
والعرب السنة مناطقهم ستكون لاسرائيل.. وسيهجرون ولا نعلم اين؟
والامزيغ يريدون شمال افريقيا كلها.. ولا نعلم اكثر من 100 مليون عربي اين سوف يرحلون..
الوجوه الكالحة العربية حسب وصف محافظ اربيل لن يسمح لهم بالتواجد بارض كوردستان الا ان يكونون بمثابة نازحين ومواطنين درجة 10..
بلا زعل.. الامزيغ والكورد والاسرائيليين.. مشاريعهم القومية ودولهم الاديولوجية .. سوف ترمي العرب بالبحر.. وعرب شمال افريقيا سوف يرمون بالبحر المتوسط..
ارجو التوضيح من القوميين الكورد..
عزيزي حسين، لن أضيف على ما أوضحه الأخ كارزان مشكورا وبمنطق، فقد كفى ووفى، لكنني أود أن أقدم لك معلومة مهمة حول أصول شعوب شمال إفريقيا. وفقًا لإحصائيات رسمية معترف بها من قبل منظمات هيئة الأمم المتحدة، لا تتجاوز نسبة العرب في تونس 4%، بينما تتراوح هذه النسبة في المغرب والجزائر بين 10% و15%. أما بقية السكان فهم من الأمازيغ، ومن بينهم البربر والطوارق. ومن المرجح أنك على دراية بهذه الحقائق، فليس كل من يتحدث العربية يُعدّ عربيًا بالضرورة. سؤال يستحق التأمل العميق: كيف وصلت نسبة سكان العرب إلى 350 مليونًا، بينما ذابت شعوبٌ عريقة مثل الأمازيغ، الأقباط، الكورد، السريان، الآشوريين وغيرهم في بحر العروبة؟
والأكثر غرابة هو أنك تبحث تحديدًا عن العرب الشيعة وليس عن العرب عمومًا، وهنا تكمن المفارقة التي تستدعي التأمل.
سيد حسين، صراحة أنت تعيش داخل الخرائط الوهمية التي تصنعها في خيالك و تخلط بين قصص الانباء و بين القصص الواقعية.
فخارطة الاسرائليين موجودة في التوراة التي أعترف يها نبي الاسلام. أما أسرائيل فهي لا تطالب أبدا بدولة من النيل الى الفرات و هذه دعاية القومية العربية الاسلامية من أجل أخافة العرب و زجهم للحرب ضد أسرائيل.
أما الامازيغ فليس لهم خارطة هم فقط يقولون أن شمال أفريقيا لم يكن فيها العرب قبل الاسلام و هذه حقيقة و العرب سيطروا على الشمال الافريقي و حرموا الامازيغ حتى من حقوق المواطنة و حق تقرير مصيرهم و ليس هناك من أمازيغي يطالب بطرد العرب من شمال أفريقيا بل يريدون حقوقهم مع أن الاراضي هي لهم.
و حضرتك لم تتحدث عن فلسطين فهي كانت أرض اليهود أولا و أرض المسيحيين و فيها خرجت هاتان الديانتان. فلماذا تريدون طرد اليهود و قذفهم الى البحر.
أما عن الكورد فالخلاف على الحدود و أين هي حدود كوردستان فهذا شئ و مسألة أحتلال جميع كوردستان فهذا شئ اخر. أنت تريد أن تحتل كل كوردستان بحجة أن الكورد سيطالبون بتكريت و ديالى و بالاحواز. يا سيد حسين أذا كنت حقانيا لأعترفت بحق الكورد على الاقل في أربيل، دهوك و السليمانية و باقي المدن ذات الاغلبية الكوردية. و لكنك كالاتراك أتو من منغوليات و تركمانستان و أحتلوا أراضي الروم الشرقية و كوردستان منذ الف سنة فقط و الان لا أحد يتحدث عن الروم البيزنطيين و عن القسطنطينية التي لم يكن فيها تركي و لا عربي واحد.
أعترف أن الكورد ليسوا عربا و ليسوا تركا و ليسوا من الفرس. أم أنهم قوم من الجان؟؟ للكورد أرض ولهم الحق بدولتهم و لتكن تلك الدولة مساحتها 10 كم مربع. أعترفوا بها و بعدها يأتي دور الحديث عن الحدود و عن أية أراضي عربية و أي من الاراضي كوردية.
الخرائط التي تتحدث عنها هي خرائط دينية أو تأريخية قديمة كما هي خرائط الدولة الميدية و الميتانية و الصفوية و العثمانية و الاموية و الرومية و الاسكندر المقدوني و نشرها لا يعني أعادة تلك الخرائط بل أنه الحديث التأريخي و الثيولوجي لتلك المناطق.
القضية الحقيقية هي قضية الشعوب. فالعراق سيتم تقسمية و سوريا سيتم تقسيمها كما تركيا و أيران و باكستان و المغرب و الجزائر و الصومال كما تم تقسيم بلاء الشام سابقا و قبرص و السودان و أثيوبيا و لا يمكن لأي أحد الدفاع عن الخرائط الحالية بأسم الوطنية. أنها دول مصطنعة و سيتم الغائها في الوقت المناسب شاء من شار و ابى من أبى حسب قول المرحوم ياسر عرفات و الذي لا يعجبه فاليشرب من ماء البحر الميت.