” الوسادة العجيبة” للكاتبة حنان جبيلي عابد في اليوم السّابع

القدس: 20-2-2025 من ديمة جمعة السّمان

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية الاسبوعية قصة الأطفال ” الوسادة العجيبة” للكاتبة د. حنان جبيلي عابد.

القصة صدرت عن دار سهيل العيساوي للطباعة والنشر 2017، وتقع في 25 صفحة من القطع المتوسط، زينتها رسومات الفنانة المبدعة منار نعيرات.

افتتحت النقاش مديرة الندوة ديمة جمعة السّمان، قالت:

قصة “الوسادة العجيبة” للكاتبة حنان جبيلي عابد هي عمل أدبي موجه للأطفال، يتميز بالخيال الواسع واللغة السلسة، جمّلتها رسومات الفنانة منار نعيرات.

تحكي القصة عن الطفل طارق الذي يكتشف أن وسادته تتحوّل إلى غيمة سحرية تُدعى “ديمة”، تأخذه في مغامرات شيقة، حيث تتحوّل إلى أشكال ومخلوقات متعدّدة بناءً على رغباته.

تهدف القصة إلى تنمية خيال الأطفال وتعزيز قدراتهم على التّعبير عن مشاعرهم ورغباتهم، وذلك من خلال مغامرات طارق مع “ديمة” الغيمة. إذ يتعلم الأطفال أهمية الحلم والخيال في تحقيق الرغبات والتغلب على المخاوف. كما تسلط القصة الضوء على قيمة الاستقلالية وأهمية وجود مساحة خاصة للطفل، مثل غرفة نومه، حيث يمكنه استكشاف خياله بحرية.

استخدمت الكاتبة لغة بسيطة ومفهومة، مع جمل قصيرة وسرد مشوّق يناسب الفئة العمرية المستهدفة.

 تم تشكيل النص بالكامل، مما يسهل على الأطفال قراءته وفهمه. كما تم توظيف الحوار بشكل فعال لإضفاء الحيوية على الشخصيات وتطوير الأحداث.

وقد كان للرسومات الملوّنة والجذّابة التي رافقت القصّة بريشة الفنانة منار نعيرات أثرا كبيرا في تعزيز جاذبية القصة ومساعدة الأطفال على تصور الأحداث والشخصيات، كما أنّ تصميم الصفحات بعناية، والتوزيع المتوازن للنصوص والرسومات، يسهل القراءة ويجعلها تجربة ممتعة للطفل.

لغتها بسيطة تتناسب وعقلية الطفل، وتعتمد بشكل أساسي على عنصر التكرار، حيث تتكرر المغامرات التي يخوضها طارق مع “ديمة” بطرق مختلفة. هذا النمط يساعد الأطفال على التنبؤ بالأحداث، مما يعزز شعورهم بالراحة والاستمتاع أثناء القراءة.

كما أنّ توظيف الكاتبة للوسادة كرمز للأمان والخيال يمنح القصة بعدًا نفسيًا مهمًا، حيث تصبح الوسادة ليست مجرد أداة للنوم، بل بوابة للأحلام والمغامرات..

تمثّل شخصية طارق الطّفل الفضولي الذي يسعى لاكتشاف عوالم جديدة، لكن شخصيّته لا تتطور كثيرًا على مدار القصّة، حيث يظلّ دوره محصورًا في كونه متلقيًا للتّجربة. مما قد يجعل بعض الأطفال يتمنون لو كان لهم دور أكثر فاعلية في صنع قرارات المغامرة.

مع التأكيد على أنّ القصة تترك تساؤلات عند الطفل تحتاج إلى إجابة، هل ما جرى مع وسادة طارق كان مجرد حلم؟ أم أنها وسادة مسحورة؟

القصّة خيالية جميلة، ولكنّها تفتقر إلى تسلسل درامي متصاعد، حيث تتوالى الأحداث بشكل تراكمي دون ترابط سببي قوي.

في الختام.. الوسادة العجيبة”تعتبر قصة ناجحة تجمع بين الخيال والتعلم، وتقدم للأطفال تجربة قراءة ممتعة ومفيدة. من خلال مغامرات طارق ووسادته السحرية، يتعلم الأطفال قيمة الخيال في تحقيق الأحلام والتغلب على المخاوف، مما يسهم في تطوير شخصياتهم وبناء ثقتهم بأنفسهم.

وقالت د. روز اليوسف شعبان:

يحلم طارق بأن مخدّته تحوّلت إلى غيمة، تطلب منه أن يلعب معها لعبة الأشكال، وتخبره أنّها تستطيع أن تتحوّل إلى أيّ شكل يريده، وما عليه إلّا أن يقول:” ديمة يا ديمة يا غيمتي الصغيرة تحوّلي إلى…

طلب منها طارق أن تتحوّل إلى مثلث، ثمّ إلى حصان. جلس طارق على ظهر الغيمة التي تحوّلت إلى حصان، وتمسّك بها جيّدا، وحلّقت به في السماء، فرأى قريته، وبيوتها وأحياءها، ثم طلب منها أن تتحوّل إلى أسد، فيل، زهرة شجرة… فتحوّلت الغيمة إلى جميع الأشكال. وعندما بدأت الغيمة بالهبوط شعر طارق بالخوف وبدأ يبكي، ويصيح بالغيمة: أنا خائف. فتحوّلت الغيمة إلى قوس قزح يمتدّ من نافذة غرفته إلى السماء. انزلق طارق فوق قوس قزح فرحا، فوجد نفسه داخل غرفته وفي سريره.

 بلغة جميلة سلسة، قريبة من عالم الطفل، تسرد الكاتبة د. حنان جبيلي عابد قصّتها، التي اعتمدت فيها على عنصر الأحلام، فكان الحلم هو الركيزة التي دارت حولها الأحداث، وجعلت طارق يحلّق في هذا العالم، فيرى نفسه يمتطي الغيمة حصانا، يحلّق به في السماء ويملأ قلبه فرحا. إنّ للأحلام تأثيرا على نفسيّة الطفل، فالحلم يحرّر الطفل من الواقع ويأخذه إلى عالم الخيال وبذلك تثري عالمه النفسيّ، العقليّ، الإدراكيّ، العاطفيّ، والمعرفيّ، وتسهم في تعزيز قدراته الإبداعيّة، والتفكير خارج الصندوق. 

يذهب علماء النفس إلى اعتبار أحلام الإنسان تعبيرات رمزيّة لدوافع ورغبات تتراكم في اللاشعور، أو إنّها انفعالات وانطباعات لا إراديّة تحدث خلال النوم انعكاسًا وتأثّرًا بما يجري خلال اليقظة من أحداث سارّة أو مؤلمة. كما يعتبرون الأحلام ظاهرة صحيّة، فإذا ما أعيقت لسبب ما أو توقّفت، فإن النتيجة ستكون تعبًا متزايدًا (خورشيد حرفوش (القاهرة) موقع مركز الاتحاد للأخبار، 2016).

تتناول الكاتبة أيضا موضوع الخوف عند الأطفال، وتجعل بطل القصّة طارق يعبّر عن مخاوفه، فحين أرادت أن تتحوّل إلى وحش، أخبرها طارق أنّه يخاف الوحوش، فتفهّمت مخاوفه واستجابت له وطلبت منه أن يختار شكلا. تكرّر الخوف عنما بدأت الغيمة بالهبوط إلى غرفة طارق، فتفهّمت الغيمة مخاوفه وتحوّلت إلى قوس قزح يمتدّ حتى نافذة غرفته، وقوس قزح محبوب لدى الأطفال والكبار بألوانه الساحرة، فتزحلق طارق عليه ودخل غرفته وتحوّلت الغيمة إلى مخدّة فنام بهناء.

 ترمز الكاتبة في ذلك، إلى إتاحة المجال للطفل للتعبير عن مشاعر الخوف، وإعطائها الشرعيّة، فمن الطبيعيّ أن يخاف الطفل من أمور عديدة، وعلى الأهل والمربّين تفهّمها ومساعدته في تجاوزها.

وقال المحامي حسن عبادي:

وجدت قصة الوسادة العجيبة للكاتبة حنان جبيلي عابد تحملُ رسالةً واضحةً غايتُها تربيةُ الطفلِ، وتحسيسه بعالمِه وبشخصيّتِه مراعية قدراتِهِ العقليّةِ وعمرِه الزمني ومراحلِ نموِّهِ، ميولُه ومواقفُه واتجاهاتُه معتمدًا على الحدثِ والشخصياتِ والحبكةِ واللغةِ والخاتمةِ.

نجحَت حنان في قصته بتوظيفِ الصورِ ورسوماتِ الفنانة منار نعيرات لنقلِ الرسالةِ للطفلِ المتلقّي، فالطفلُ في مراحلِه الأولى يهتمُ بالصورةِ وينْشَدُّ اليها، فهي عبارةٌ عن خطابٍ منفتحٍ ومتعدّدِ القراءاتِ كالصورِ المتحرّكةِ، فللصورةِ ميزةٌ حاصةٌ بالنسبةِ الى النصِّ، فهي تنقلُ الرسالةَ فورًا حين أن الكلماتِ تتسلسلُ حسبَ نظامٍ محدّدٍ بينما تُظهرُ الصورةُ الرسالةَ منذ الوهلةِ الأولى.

استعملت الكاتبة لغةً بسيطةً وسهلةً نسبيًّا، بسيطة وتلائم الأطفال، وخاليةً في مجملِها من غريبِ اللفظِ، أحاديّةُ اللغة، اعتمدَت لغةً عربيّةً فصحى ذاتَ أصواتٍ متعدّدةٍ: الطفل الصغير طارق، والغيمة ديمة وصوتُ الصورِ.

تتحدث القصة عن طفل صغير اسمه طارق، أغمض عينيه لينام، سمع صوتا يناديه ويقول له: “أنا هُنا، انهض من سريرك وسَتراني”، من سريره، فرأى وسادته قد تحوّلت إلى غيمةٍ بيضاءَ صافية، واسمها ديمة. أخبرته بدورها أنها أتت لتلعب معه، وأنّه بإمكانها أن تتحول إلى أيّ شكلٍ يريده. طلب منها أن تتحول الى مثلّث، ثمّ إلى حصان، وأخذه الحصان جولة في السماء فوق الحيّ ففرح جداً، فطلب منها أن تتحوّل إلى نسر وأسد وفيل وزهرة وشجرة، وفي طريق العودة تحوّلت الغيمة ديمة إلى قوس قزح أبيض اللون لتنزلق به إلى غرفته فرحاً سعيداً لتعود كما كانت وسادة تحت رأسه.

عملت الكاتبة على فتح آفاق جديدة لتوسّع خيال الطفل، حيث حوّلت الوسادة الى غيمة محلّقة تلبّي طلبات صاحبها طارق وتحقّقها له ممّا يُسعده.

لجأت الكاتبة إلى عنصر التشويق، والتسلية، والترفيه، ما يلائم الأطفال، وراق لي أسلوب الحوار الذي أعطى النص حيويّة وحياة بعيداً عن النشاف والملل، وكذلك الأمر توظيفها لقوس قزح (لماذا جعلتِه أبيض اللون؟  لم تصوّريه بألوانه الطبيعية؛ أحمر من الخارج ويتدرّج إلى البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فأزرق غامق (نيلي) فبنفسجي). 

وجدتها قصة موفّقة لجيل الطفولة المبكرة، رغم لجوئها للخيال، فهذا طبيعي جداً لجيل أطفال اليوم ويخلو كم الغرائبية، تساعد على تنمية خيال الطفل وتعبيره عن رغباته.

أوصي بالالتزام باللغة العربية الفصحى في الخطاب المقروء والمسموع لأن الطفل العربي يفهم هذه اللغة وإن   لم  يكن قادراً على إنتاجها كي يذوّتها ولا نسلبه لغته ونشوّش أفكاره.

لفت انتباهي أنّ صفحات الداخلية للقصة غير مرقمّة، ولم يُشار إلى الفئة العُمريّة المستهدفة.

ملاحظة لا بد منها؛ قرأت القصّة بنسختها الإلكترونية ولا علم لي مدى مطابقتها للنسخة الورقيّة.

وقالت وفاء كاتبة:

تُعدّ قصة الوسادة العجيبة للكاتبة حنان جبيلي عابد نموذجًا لأدب الأطفال الذي يمزج بين الخيال والتربية الفكرية، حيث تتناول بأسلوب سردي ممتع فكرة التأثير النفسي للأحلام على واقع الأطفال. تدور القصة حول بطلها، الطفل الذي يكتشف وسادة سحرية تمنحه القدرة على عيش أحلامه بطريقة واقعية، ما يفتح له آفاقًا جديدة من التعلم والتجربة. ومن خلال هذا المحور، تسلط القصة الضوء على أهمية الخيال كوسيلة لتنمية الفكر الإبداعي وتعزيز الفضول المعرفي لدى الطفل.

القصة تعتمد على رمزية واضحة، حيث تمثل “الوسادة العجيبة” أداة تحول بين الواقع والخيال، مما يعكس تأثير العوامل النفسية في تشكيل وعي الطفل. لغة السرد بسيطة لكنها غنية بالدلالات، وتناسب الفئة العمرية المستهدفة، حيث تعمل على ترسيخ قيم الاستكشاف والبحث عن المعرفة بطرق غير تقليدية. كما أن الحبكة تتبع بنية تصاعدية تحفز عنصر التشويق، مما يعزز ارتباط القارئ الصغير بالنص.

من منظور نقدي، تتقاطع القصة مع مفاهيم فلسفية حول بناء الهوية الفردية وتأثير البيئة الإدراكية على التكوين المعرفي للأطفال، مما يجعلها نصًا جديرًا بالدراسة في سياق أدب الطفل المعاصر.

أدب الأطفال ليس مجرد نصوص مبسطة تهدف إلى الترفيه أو التعليم، بل هو فضاء رمزي معقد يتفاعل مع مفاهيم فلسفية مثل الهوية، الأخلاق، والوجود الإنساني. من خلال عدسة السيميائية (نظرية العلامات لرولان بارت)، يمكن تحليل عناصر مثل الألوان واللغة في قصص الأطفال كرموز تحمل طبقات متعددة من الدلالات. على سبيل المثال، اللون الأحمر في قصة “ليلى والذئب “لا يرمز فقط إلى الخطر، بل يُشير إلى كسر التابوهات الاجتماعية.  حيث تُمثِّل قصص الأطفال مرآةً ثقافيةً تعكس قيم المجتمع وتُشكِّل وعي الأجيال الناشئة. في هذا السياق، تُقدِّم قصة “الوسادة العجيبة” للكاتبة الفلسطينية حنان جبيلي عابد نموذجاً أدبياً غنياً بالرموز، حيث تُستخدم الرموز كجسورٍ بين الواقع والمتخيَّل. في هذه القصة، يتجلَّى العنوان “الوسادة العجيبة” كرمزٍ للحدود بين الحلم واليقظة، بينما تُشكِّل الألوان والتحولات الشكلية (كالغيمة والحصان) أدواتٍ سرديةً لاستكشاف مفاهيم الهوية والحرية. 

التحليل السيميائي والرمزية:

تعتمد القصة على سيميائية التحوُّل، حيث تتحوَّل الشخصية الرئيسية “ديمة” (الغيمة الصغيرة) إلى أشكالٍ مختلفة (حصان، نسر، فراشة)، وهو ما يُحيل إلى نظرية (جيل دولوز) في “الاختلاف والتكرار” (1968)، التي ترى أن الهوية ليست ثابتةً، بل قابلةً لإعادة التشكيل عبر التفاعل مع العالم. فتُظهر كيف يُعيد الأطفال بناء المعنى عبر تفاعلهم مع النص، مما يجعل القصة حواراً بين المؤلف والقارئ الصغير

أما الألوان، فتُستخدم في الرسومات (كما يظهر في صفحات) كوسيلةٍ لتعزيز الدلالات العاطفية: الأزرق للحرية، والأخضر للأمل، بينما تُشير التحولات المفاجئة (كالمخلوقات “المخيفة”) إلى التحديات التي تواجه الطفل في محاولة لتجاوز الأطفال مخاوفهم الداخلية. 

تحليل مقارن مع السياقات النقدية المعاصرة في ادب الأطفال: يمكن مقارنة  قصة الكاتبة حنان “الوسادة العجيبة” والموجة للأطفال مع أعمالٍ مثل “أليس في بلاد العجائب” (لويس كارول، 1865)، حيث تُستخدم التحولات الشكلية كاستعارةٍ للبحث عن الذات. لكن بينما تركِّز “أليس” على الفردانية الغربية، تُقدِّم القصة الفلسطينية تحوُّلاً جماعياً (كرمزية الغيمة التي تُحيط بالبيئة الفلسطينية) يعكس الذاكرة الجمعية*(حسب مفهوم **موريس هالبواكس**، 1950) دون اقحام الطفل في هذه الابعاد بشكل مباشر مراعاة للفئة العمرية وهذا عامل إيجابي وفلسفي يحتسب للكاتبة حنان. 

في السياق النقدي، تُشير ليندا هاتشون (1989) إلى أن أدب الأطفال يُعيد إنتاج الخطاب الثقافي عبر الترميز. هنا، تُعيد “الوسادة العجيبة” تعريف أدب الأطفال محكور أساسي في بناء شخصية الطفل، وتحاكي هواجس الأطفال في الفئة العمرية المستهدفة

أما من جانب الاستراتيجيات الفلسفية وتطبيقاتها العملية تعتمد القصة على فلسفة **التعليم النقدي** لـ**باولو فريري** (1968)، حيث تُحوِّل المغامرة الخيالية (كطيران طارق على الحصان) إلى وسيلةٍ لاستكشاف الواقع. فتحوُّل ديمة إلى حصانٍ يطير فوق السهول الفلسطينية (صفحة 12) ليس مجرد خيالٍ، بل استعارةٌ لـ(التحرر من القيود الجغرافية). 

في الوسائط المعاصرة، تُشبه هذه الاستراتيجية استخدام منصات مثل “أطفال فلسطين يروون” (قناة مخصصة على يوتيوب، 2023)، التي تُوظِّف القصص التفاعلية لتعزيز الانتماء الثقافي. 

الخاتمة: أدب الأطفال، في النهاية، هو مرآةٌ للمجتمع وأداته لتشكيل المستقبل. فكل قصة تُروى له ليست مجرد حكاية، بل له بعد عقد فلسفي بين الأجيال. يواجه أدب الأطفال الفلسطيني تحدياتٍ مثل (الرقابة الثقافية) و(التمويل المحدود)، لكنه يبقى أداةً حيويةً، تُقدِّم “الوسادة العجيبة” إطاراً عملياً يجمع بين السيمائية والفلسفة لنقل القيم بشكلٍ غير مباشر. 

وقالت نزهة أبو غوش:

تدور القصة حول الطفل طارق الذي يكتشف أن وسادته تتحول إلى غيمة سحرية تُدعى “ديمة”، تأخذه في مغامرة خيالية عبر التحولات المختلفة. تمثل القصة رحلة استكشاف خيالية تعكس فضول الطّفل وخياله

الواسع.

هناك سحر للخيال في القصّة وتأثيره في الطفولة، حيث تعكس القصة كيف يمكن للخيال أن يخلق عوالم ممتعة للأطفال، حيث تصبح الأشياء العادية مثل الوسادة بوابة إلى مغامرات غير متوقعة.

اما الخوف والشجاعة فهما يظهران خوف طارق من المخلوقات المخيفة، لكنه يتعلم أن بإمكانه اختيار ما يناسبه في عالم الخيال، مما يعكس أهمية تمكين الطفل

من مواجهة مخاوفه.

المغامرة التي صنعتها الكاتبة جلبت الفرح والسعادة لطارق، حيث استمتع بالتحليق ورؤية عالمه من زاوية مختلفة، ممّا يشير إلى متعة الاستكشاف ورؤية الأمور من منظور جديد.

رغم روعة المغامرة، يعود طارق إلى غرفته، مما يعكس العلاقة بين الحلم والواقع، حيث تتيح الأحلام فرصة للهروب المؤقت قبل العودة إلى الحياة.

 

الرموز في القصة:

الوسادة: تمثل الراحة والأمان، لكنها تتحول إلى رمز للخيال والحرية.

 الغيمة: رمز للتحوّلات والتغيرات المستمرة، تعكس طبيعة الخيال المرنة.

 المخلوقات والأشكال: تعكس تعدديّة الخيارات التي يمتلكها الإنسان في صنع عوالمه الخاصة.

 الرسائل التربوية 

 تشجع القصة الأطفال على استخدام خيالهم لخلق تجارب ممتعوتعلّمهم أنّهم قادرون على توجيه خيالهم واختيار ما يناسبهم؛ كما أنّها تعزّز فكرة مواجهة المخاوف بطريقة إيجابيّة، وتؤكّد على أهمية التوازن بين الخيال والواقع.

اللغة والأسلوب:

اللغة بسيطة وسلسة، تناسب الأطفالاستخدام الحوار المباشر يجعل القصّة تفاعلية وحيويةالصور والوصف الحي يعزّزان الجانب الخيالي.

وقالت د. رفيقة أبو غوش:

 

 تتحدّث القصّة حول شخصيّة الطفل طارق، الّذي تحوّلت وسادته إلى غيمة، واستطاعت هذه الوسادة، أن تتحوّل لأشكال مختلفة؛ وطلب طارق من الوسادة أن تتحوّل إلى حصان، حيث طار به في السّماء، واستمتع بمشاهد المناظر الجميلة؛ ممّا أدخل الفرحة على قلبه، وعاد إلى بيته مسرورًا فنام بهدوء.

  تعتبر هذه القصّة من نوع القصص الخياليّة، وتحمل أهدافًا عديدة من أهمّها: تنمية القدرة على الخيال، وتطوير قدرات الأطفال على التّفكير الإبداعي، وإكسابهم القيم الأخلاقيّة والقوانين الاجتماعيّة.

   تربويًّا تساهم القصّة الخياليّة في خلق التحدّيات، والتّوصّل لحلول المشاكل الّتي يواجهها الأطفال في حياتهم اليوميّة؛  فتهدف القصّة أيضًا لتعزيز القدرة على اكتساب اللّغة، وتوسيغ آفاق الأطفال في معرفة مفردات مختلفة من عالم الخيال والواقع؛ بالإضافة لإكساب الأطفال القدرة على التعبير عن مشاعرهم المكمونة.

  هذا النّوع من القصص يلائم الأطفال ما بين الثانية حتّى السّابعة من العمر. (وفق مراحل النّمو عند العلم النفسي:  بياجيه) في هذه المرحلة، يبدأ الطّفل في استخدام اللّغة والتّفكير الرّمزي مثل: اللّعب التّخيّلي، وتجسيد الجماد، وتخيّل الأحداث وكأنّها حقيقة.

   برأيي الشّخصي: أنصح بتوّخي الحذر عند قص القصص الخياليّة؛ وتوضيح الفرق للأطفال ما بين الحقيقة والخيال، وبأنّ هذه القصّة خاليّة للمتعة فحسب، وليست حقيقيّة؛ وذلك لتجنّب تقليد الأطفال للمغامرات الخياليّة الّتي تقوم بها شخصيّات البطولة الخياليّة مثل: الأبطال الخارقين أو المخلوقات الخياليّة العجيبة؛ ومن ثمّ تسبّب الأضرار لحياة الأطفال ، ومن الصّعب علاجها لاحقًا.

  اتّسمت القصّة بالتّعبير عن مشاعر الخوف والفرح، والرّاحة، الشّعور بالسّعادة الغامرة؛ “سألته ديمة: ما بالك تضحك؟؛ لانّي أشعر بالفرح يا ديمة”.صفحة 24. “فبدأت الغيمة في الهبوط، وعندها شعرطارق يالخوف ثمّ بدأ بالبكاء”. يا غيمتي الصّغيرة أنا خائف جدًّا” صفحة 24. برايي الشّخصي: إنّ التّعبير عن المشاعر المكنونة داخل الطّفل، يساهم في التّفريغ عن الذّات، خاصّة عن الضّغوطات النّفسيّة السّلبيّة المكبوتة؛ الّتي يكتسبها الأطفال أثناء ممارسة حياتهم الاجتماعيّة اليوميّة، ومن ثمّ يساهم التّعبير عن الذّات على تنشئة شخصيّة متّزنة نفسيًّا، ومتفهّمة لذاتها ويسهّل تنمية العلاقات الاجتماعيّة عندهم.

 من الممكن تحرير الأطفال من الضّغوطات النّفسيّة، بواسطة اللّعب الأيهامي والخيالي، وسماع القصص الخياليّة؛ بشرط أن يكون العمل موّجّهًا من قِبل المربّين والآباء.

  اِتّسمت رسومات الفنّانة نعيرات، برسومات تعبيريّة جميلة؛ برأيي الشّخصي: إنّ هذه الرّسومات الّتي توضّح أحداث القصّة بالتّفصيل؛ فهي تُحِدّ من تفعيل الخيال الذّاتي؛ وإطلاق العنان للتخيّل الفردي للأطفال مثلًا: شكل الحصان، والأشكال الّتي تمّ تخيلها من قِبل الغيمة ديمة، وغيرها من الأحداث؛ طالما كوْن القصّة خياليّة، فلا حاجة للرّسومات، فالتّخفيف من عرض الرّسومات التوضيحيّة، أفضل بكثير؛ لإطلاق العنان للخيال الجّامح عند الأطفال، والتّعبير عن الذّات.

  سُردت القصّة، باللّغة العربيّة الفصحى، وتمتاز بالسّهولة والبساطة؛ لمدارك الأطفال؛ واشتملت قصّة الوسادة العجيبة على مفاهيم مختلفة، ومصطلحات ومفردات جديدة؛ تخلّلت القصّة حوارات خارجيّة، بين الغيمة ديمة والطفل طارق، ممّا أثرى متعة للقصّة.

   إنّ اختيار عنوان القصّة (الوسادة العجيبة)، كان اختيارًا موفّقًا؛ فيه رموز من الخيال وتفعيل التّفكير نحو معرفة المجهول، عمّا ستتحدّث القصّة، عِلمًا بأنّ القصّة  تفتقرلعنصري الزّمان والمكان.

  خلاصة القول: قصّة الوسادة العجيبة، قصّة جيّدة؛ لاحتوائها على عنصر الخيال، الهام في تنشئة الأطفال منذ نعومة أظفارهم. فالخيال عنصر هام في الكتابة الأدبيّة جمعاء للكبار والصّغار؛ تناسب مستويات مختلفة لغاية عمر سبع سنوات، ومحبّذ تدخّل الآباء والمربّين في توجيه الأطفال، عند سماعهم القصص الخياليّة.

وقالت رائدة أبو صوي:

 قصة الوسادة العجيبة هي قصة خيالية فيها المعلومة والمتعة والفكرة المثيرة للإعجاب.

 جميل جدا هذا الربط بين الوسادة والغيمة. اما بالنسبة لاختيار الأسماء بالقصة، فقد كانت الكاتبة موفقة جدا في الاختيار بداية في اسم الشخصية الرئيسية في القصة (طارق) ،إذ أن معنى اسم طارق الآتي ليلا، ونستخدم بالعادة الوسادة ( ليلا). وهنا (طارق) يتمتع بمعنى اسمه فهو طفل ذكي ومبدع ومبتكر.

اما بالنسبة لاسم ديمة فهي الغيمة الصغيرة التي تحمل الخير .

هنا يترسخ معنى اسم (ديمة )عند الأطفال، أمّا فكرة تحول الغيمة إلى أشكال فهي جميلة وتثير تساؤلات كثيرة  .

في القصة إشارة مهمة جدا عند استخدام المواصلات مهما كان نوعها أن نتوخى الحيطة والحذر، إذ  تمسّك طارق بأطراف الغيمة استعدادا للانطلاق

 . وجدت بالقصة البيئة والمجتمع النووي والمجتمع الواسع البيت المدرسة بيوت الجيران الحي بيوت الأصدقاءالوسادة الخالية استطاعت أن ترسم البسمة على وجه الطفل طارق طريقة هبوط الغيمة جاء بإشراقة وأمل . جاء على شكل قوس قزح ( أبيض) هنا اتوقع أن يتساءل الأطفال عن ألوان قوس قزح الأخرى لماذا لم تذكرها الكاتبة ؟ على الرغم من أنني أجد أنها كانت في صالح العمل الأدبي، لأنها تثير الجدل في نهاية القصة .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *