بسبب عدم معرفتك وبسبب قلة معلوماتك ممكن خداعك من خلال تمرير المعلومة الخاطئة أو أكاذيب أنت لا تعرف دوافعها ، شخص عنده المعلومات الكافية فيقنعك بوجهة نظره طالما أنت تجهل المعلومة الصحيحة وقد يخدعك بسهولة ويجعلك تصدقه لأنك لا تعرف الحقيقة ، مثلاً سيارتك عاطلة ولا تفهم شيء عن عطلات السيارات ممكن تصبح ضحية نصب واحتيال للميكانيكي الذي سيقوم بتصليح سيارتك ، لا تمتلك معلومات كافية عن العقارات ممكن تصبح ضحية دلال العقارات عند البيع والشراء ، معلوماتك الثقافية ضعيفة ممكن يتلاعب بعقلك وأفكارك من هو متمرس بالثقافة ويسحبك لأي فكر يشاء ، معلوماتك الدينية ضعيفة ممكن أن يتلاعب بعقلك رجال الدين لكل المذاهب .. شحة المعرفة هي العتبة الأولى للجهل ، المتعلم لا يحتاج أن يتعلم كل شيء ولكنه يحتاج أن يتعلم القدرة على نقد كل شيء وكيفية التعامل مع الأشياء التي لا يعرف عنها الكثير . في واقع حياتنا نردد القول بأن الإنسان الطيب يقع في المشاكل لأن الناس تستغل الطيبة ودائماً نتحدث عن ظلم المجتمع للإنسان الطيب ، هذه مغالطة لأن الطيبة لم تكن في يوم من الأيام سبباً للآلام رغم قساوة المجتمع ، بل أن الإنسان الطيب في أغلب الأحيان هو إنسان جاهل ، فالجهل هو الذي يوقعه في المشاكل وليست الطيبة ولكننا ننظر للطيبة ونظافة السريرة على أنها هي السبب في مشاكل هذا الإنسان الطيب ونغض الطرف عن الجهل الذي أوقع هذا الإنسان في المشاكل ، فمثلاً نقول الإنسان العراقي بسبب طيبته دائماً يتعرض للنكبات وهذه ليست الحقيقة ، الحقيقة علينا أن نقول الإنسان العراقي هو إنسان جاهل وجهالته تسقطه بالهموم والمشاكل وتجلب له النكبات ، كي نكون منصفين أكثر يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها ونبتعد قليلاً عن الميول والعواطف ، نحن نعيش بين أضلع الجهل ولكننا نتكابر على أنفسنا بأننا ضحية الطيبة . الجاهل هو الإنسان الوحيد الذي يقتنع بالكذب ويصدقه وليس الطيب والسبب لأنه جاهل لا يعلم . كل يوم يزيد منسوب الجهل عندنا فلم نعد نرى الحقيقة بل أصبحنا لا نتقبل الحقيقة فقد أدمنت عقولنا على الكذب ، من أسوأ إنعكاسات الجهل على حياتنا تصديق ما يقال هنا وهناك فالجاهل هو الضحية الأولى للكذب ، يمكن تمرير أية أكذوبة إعلامية أو دعائية أو تأريخية أو دينية عليه لأن مقدرته العقلية والثقافية لا تسعفه على فرز الحقائق . من المفترض أن يكون هذا الجيل جيل الأنترنيت ، جيل التكنولوجيا هو أرقى الأجيال وعياً وعلماً وثقافة لكن العكس حدث ، صحيح أن أبناء هذا الجيل يعتقدون عن يقين بإنهم يعرفون كل شيء ، وهذه حقيقة صادقة يعرفون كل شيء إلا شيء واحد لا يعرفونه هو لماذا أفكارهم ومعتقداتهم لم يختاروها بأنفسهم وإنما تم إرضاعهم بها منذ الصبا ، فعندما يتصفحون مواقع الأنترنيت تسعدهم المواقع التي تداعب معتقداتهم فالهندوسي مثلاً يدخل على المواقع الألكترونية التي تزيد من هندوسيته وتنميها فيستمتع بأجواء هذه المواقع التي تحاكي معتقده فتسعده بصحة معتقده والملحد يدخل على المواقع التي تزيد الحاده وصاحب الشهوات يدخل على المواقع الإباحية التي تزيد شهواته وهكذا أتباع المذاهب واصحاب السوابق والموبقات ، فكل منا أصبح يدور في نفس الدائرة التي تستحوذ على تفكيره وعلى عقليته فأن كانت طروحات هذا الموقع ذات ضرر فسيأخذ المتصفح حاجته من الضرر وأن كان الموقع ذات منفعة فسيأخذ المتصفح حاجته من المنفعة بإختياره فيترسخ الضرر أو تترسخ المنفعة في نفسه بل وتزيدها قناعة وثبوتاً مما يجعل عصر الأنترنيت عصر الجهل والتجهيل لكثير من الناس ، المواقع فيها مغذيات الجهل وفيها مغذيات المعرفة إيضاً ، طبعاً بالنسبة للمجتمعات المتفتحة تحول الأنترنيت مصدر إلهام للمعرفة والتطور والرقي فكل يلهث وراء ضالته ، فهل الذنب ذنب الانترنيت ؟ أم هو ذنب الحليب الذي رضعته عقول الناس بالصغر فجاء الأنترنيت ليبارك ذلك الحليب ويشد على إيادي المرضعات وتكون النتائج كما نراه أمامنا من ضياع جيل بأكمله ، فهي الديمقراطية والحرية ياناس .
رائع كالعادة استاذ كامل سلمان المحترم..
تحية طيبة..
فعلا ما قلت.. لذلك نجد باوربا منذ عقود تعمل على نشر المعلومات .. وايصال الانترنت للمؤسسات والمدارس والجامعات والبيوت.. من اجل توعية المجتمع.. حتى لا يقعون بفخ الاديلوجيات القومية والدينية المتطرفة..
بينما نجد بالدول الشرق.. الاديولوجيات القوميةوالاسلامية والشيوعية عملت على (تحجيم المعلومات) عن المجتمع..و جعلها احادية.. فاصبح المجتمع ممسوخ .. جاهلا..
لذلك تجد الكم الهائل من الاتهامات مثل الالحاد والشعوبية والاقليمية الضيقة والجوكرية والشرك والكفر .. الخ تهم جاهزة ضد كل من يطرح راي مخالف او يصل لراي مخالف.. وهذه التهم الجاهزة كفيلة بقتل المتهم بها..
نحتاج لنظام يحمي الفرد من الجماعات.. والطوائف والقوميات والاديولوجيات..
تحياتي..
إضافة رائعة ، تسلم أخي العزيز ، هذا الكلام اللطيف المضاف دليل وعيك ودليل إدراكك لما يحيط بنا ، كل التحية والتقدير