لو سلمنا بأن اوجلان يتمتع بكامل قواه العقلية بعد طول الفترة التي قضاها ويقضيها تحت الضغط التركي في سجنه , فليس سهلا ان يتخلى حزب العمال الكوردستاني عن السلاح بعد هذه المراحل الطويلة التي قاوم فيها وسقط فيها الالاف ممن ضحوا بحياتهم في سبيل تحقيق تلك الاهداف التي من اجلها تأسس هذا الحزب ولا سيما انه لم يتم تحقيق الاهداف المطلوبة , وكذلك لم تتخذ تركيا اي خطوة تتطلب توجه الحزب الى الاعلان عن حل نفسه والقاء السلاح , والدعوة التي جاءت من بهتشلي انما هي دعوة غير رسمية ولا تمثل الرأي الحكومى او الشعبي بدليل ان تركيا تقوم بتصعيد التوتر في المنطقة بصورة مستمرة ولا يدل هذا على انها ماضية في عملية السلام التي يقنع الكورد انفسهم بالتوصل الى اتفاق مع اولئك الاتراك .
تمثل القوة احد الوسائل المستخدمة لانتزاع الحقوق وهي التي نجحت في الكثير من الثورات التي حصلت فيها الشعوب على حرياتها , وهنا مع حزب العمال الكوردستاني كانت هي السبب في اعادة القضية الكوردية في تركيا الى الوجود بعد ان اعتقد الاتراك بانهم تمكنوا من القضاء على القومية الكوردية بالتمام والكمال , وعلى الرغم من صفة الارهاب التي التصقت بالحزب , نتيجة موقع تركيا وقوتها التي تتمتع بها في حلف الناتو , الا ان الحزب استطاع اقناع العالم بان هناك شعب اخر يعيش الى جانب الاتراك وهو يتطلع الى الحرية التي هي غائبة عنه بسبب ان هذا العالم نفسه يغلق عينيه ارضاء لتركيا التي يحتاجون اليها في مجابهة القوى الاخرى وكانت في وقتها المعسكر الشرقي .
اذن كيف سيقنع الحزب عوائل اولئك الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لبقاء السلاح بيد الحزب , وهل يدرك مسؤولوا الحزب بأنه في حالة القاء السلاح فسوف لن يكون بمقدورهم لملمة صفوفهم والعودة الى النضال المسلح , ثم ما هي الضمانات التركية بانها لن تحاكم اعضاء الحزب , واين سيتجه هؤلاء في حالة ان تركيا هددت بالقبض عليهم ومحاكمتهم , وهي التي لم تبد اي علامة انها ستدخل في عملية السلام .
من جانب اخر , بقاء الحزب على قمم الجبال في اقليم كوردستان بعيدا عن الاراضي التي يقاتل من اجلها , هل سيجني ثمار هذا القتال ؟ هل سيحقق ولو اقل الاهداف التي يسعى اليها ؟ وماذا بعد ان سمح الغرب لتركيا بالوصول الى هذا التطور في صناعة السلاح وامتلاكه وبلوغها مراتب متقدمة في تسلسل الجيوش القوية , هل يجدي القتال معها باتباع اسلوب حرب العصابات ؟ ثم الم يعلمنا التاريخ ان امتلاك الاحزاب الكوردية للسلاح كان سببا رئيسيا للاقتتال الكوردي – الكوردي ؟
اذن ما هو المطلوب بعد دعوة اوجلان ؟؟
ان اتباع هذه الدعوة افضل من الامتناع عن تلبيتها ولا سيما ان كل الوقائع تسير بهذا الاتجاه سواء كان الامر برضى الكورد ام مغايرا لتمنياتهم , فالالتزام بها سيحقق للحزب الاحتفاظ بوحدته مع قادته ومع حركات الظل التي تعمل تحت مسميات اخرى في الساحة السياسية الداخلية , كما سيثبت للعالم اجمع ان الكورد قد اختاروا طريق السلام في الحصول على حقوقهم ولا سيما ان العالم اجمع قد ترقبوا هذه الدعوة وهم يتابعون ردود الافعال الناتجة عنها من الطرفين الكوردي والتركي .
وبهذا يتم التخلص من الصفة الارهابية التي دمغت بنضال هذا الحزب حيث كانت من الاسباب الرئيسية لعدم حصول النضال الكوردي في تركيا على التعاطف الدولي
ويتم سحب البساط من تحت اقدام الالة العسكرية التركية التي لطالما تذرعت بمحاربة الارهاب وكانت سببا في بقاء المناطق الكوردية في شرقي تركيا بعيدة عن الحصول على نصيبها من الاستقرار والتطور . وهو سبب رئيسي ايضا لعدم اتجاه المواطنين الكورد في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم القومية والتحدث بلغتهم الام .
ثم ان الواقع يشير الى عدم قدرة الحزب على تحقيق اي تقدم واي انتصار على الجيش التركي , بل ان العكس بدأ يترك اثاره السلبية على استمرارية الحزب وبدأ الحزب يخسر كوادره وقوته البشرية بصورة يومية وباقل الخسائر بالنسبة الى تركيا , كما ان الحزب وباستمراره على هذا النحو لن يتمكن من الاجابة على اسئلة الثكالى من امهات المقاتلين , ترى ماذا حقق هؤلاء المقاتلين بعد كل هذه الخسائر ؟
اذن كل الوقائع وكل الدلائل المرتبطة بوجود هذا الحزب تشير ان القاء السلاح في الوقت الحاضر لهو الخيار الامثل بالنسبة للنضال الكوردي في ساحة نضالهم الداخلية ولكن مع الحصول على ضمانات بعدم ملاحقة كوادرهم واعضاءهم .
ونعتقد بانه ليس من صالح تركيا عدم وجود ذريعة مثل وجود ذريعة حزب العمال الكوردستاني للدخول في قتال مع كورد العراق او كورد سوريا , حيث ان الفائدة قد تعم جميع الكورد في بقية اجزاء كوردستان وتجرد تركيا من حججها القديمة في مهاجمة اقليم كوردستان العراق او شمال شرقي سوريا , وهكذا يمكن للحركات السياسية في هذه البقع من التفرغ لنيل المكاسب القومية من الحكومات المحلية بعد التخلص من الضغوط الهائلة التي كانت تركيا تسلطها عليهم .
حاتم خاني
دهوك
اوجلان الذي ولد في امرالي ولايت الرها اي اورفا سنة 1949 في يوم غير معروف . الذي قارن نفسه في احد كتبه بكاوا الحداد وانطلق ببرنامج سرخبونا كوردستان وتبني النضال المسلح يعلن في نهاية شباط 2025 بحل حزب العمال الكوردستاني لوحده بدون احد وعشرون 21 شخصا اخرين الذين كانوا معه عند تأسيس الحزب ورفع السلاح بوجه الاعداء.
الاطناب والمدح للقرار من طلباني والبرزاني جاء مباشرة وليس فقط منهم انما من المانيا الممول الاول للسلاح لتركياو من كثيرين غيرهم . المحزن في الامر ماذا اذا طلب اردوغان والسلطات العراقية بتخلي طالباني والبرزاني بالتخلي عن البشمركة التي تحمل السلاح وماذا يفعل المدافعون عن السكان العزل في شمال وشرق سوريا الذين يحملون السلاح في وجه عصابات وصعاليك النصرة .
انها بادرة شؤم لانها ستؤدي الى اقتتال الكورد وتؤدي الى انقسام حزب العمال في شمال كوردستان لسبب بسيط وهو همجية وفاشية السلطات التركية العنصرية الذين يقولون الكوردي الجيد هو الذي في القبر.
نعم الكوردي الجيد هو الكوردي الميت
لكن منذ تولى اردوغان الحكم ,وقوة حزب العمال الكوردستاني في تراجع حتى خلت ساحة النضال الرئيسية التابعة له من اي نشاط , واصبح ذريعة للحكومة التركية لمهاجمة كل من اراضي الاقليم والادارة الذاتية , ووجوده قد يسبب تهميش القضية الكوردية بسبب صفة الارهاب التي تلازمه .
مؤشرات نجاح القضية الكوردية في عدم وجود الحزب في الوقت الحاضر اكبر بكثير من تلك المؤشرات التي تتحدد في حالة استمراره بالنضال العسكري
لنمنح الاخرين فرصة ولنجرد الاتراك من تلك الحجج التي يسوقونها عند مهاجمة الكورد في كل مكان حتى في القبور