السيستاني على أسوار النجف- دكتور شامل محسن هادي علي مباركه

لم يعطِ الإعلام العراقي حيزاً لما حصل في النجف الأشرف يومي الاربعاء والخميس الموافق ٢٥ – ٢٦ آب ٢٠٠٤، كادت أن تنتهكَ القواتُ الأمريكيةُ المحتلةُ وحكومةُ بغداد حرمةَ أقدس بقاع الأرض بعد مكة المكرمة و قبر رسول الله (ص)، مما دفعني لتسليط الضوء على تلك الفترة المظلمة، والفتنة التي عصفت بالمدينة المقدسة، وكيف كان موقف المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله في احداث النجف الأشرف.
أسبوعان من الرعب عاشتها مدينة النجف القديمة؛ مشاة البحرية الأمريكية تطوق مقام أمير المؤمنين عليه السلام. تذكر وول ستريت جورنال: بعد وقت قصير من توجيه رئيس الوزراء إياد علاوي إنذاراً نهائياً إلى مقتدى الصدر لإخلاء مقام أمير المؤمنين (ع) في مدينة النجف ونزع سلاح الآلاف من المقاتلين الموالين له، سُمع دوي سلسلة من الانفجارات في المدينة القديمة، بينما كانت الطائرات الأميركية تحلق في سماء المنطقة. أطلقت طائرة حربية أميركية صواريخ على فندق في حي معروف يتخذ منه المسلحون مواقع قتالية. طوقت القوات الأميركية الضريح الذي يتحصن فيه السيد الصدر. (راجع مقال “جهود هزيمة ميليشيا رجل الدين تشكل تحدياً للعراق”، Effort to Defeat Cleric’s Militia Challenges Iraq، فرناز فاسيحي، صحيفة وول ستريت جورنال، ٢٠ آب، ٢٠٠٤)
إشتدّ القتال يومي الاربعاء والخميس. يصرخ الرائد دوج أوليفانت، ضابط العمليات في الكتيبة الأولى من فوج الفرسان الخامس في الجيش الامريكي: “لا تطلقوا النار على المقام”. الطائرات النفاثة والمروحيات الأميركية تقصف المنطقة المحيطة بمقام الإمام علي (ع). انفجرت بعض القنابل على مسافة قريبة تصل إلى ثلاثين ياردة من المزار الشريف.
اخترقت القوات الأميركية طريقاً يحيط بالضريح الشريف أثناء تقدمها من اتجاهين. اكتسبت موطئ قدم في قلب دفاعات جيش المهدي التابع للصدر، وهي الخطوة الدرامية التي قال عنها أحد القادة إنها قد تشير إلى “بداية النهاية”. (راجع مقال “رجل دين شيعي بارز يخطط للتوجه إلى النجف”، Top Shiite Cleric Plans March to Najaf، كارل فيك، صحيفة واشنطن بوست، ٢٥ آب ٢٠٠٤)
في يوم الأربعاء، قصفت القوات الأمريكية المدينة القديمة بالصواريخ؛ من طائرات إف-١٦ و طائرات الأباتشي. (راجع مقال “مدى الحرب: العودة إلى العراق؛ آية الله يدعو إلى تظاهرة لإنهاء القتال في النجف”، THE REACH OF WAR: RETURN TO IRAQ; Ayatollah Calls for Rally to End Fighting in Najaf، دكستر فيلكينز، صحيفة نيويورك تايمز، ٢٦ آب ٢٠٠٤)
في وقت متأخر من يوم الأربعاء، وصلت أربع دبابات تابعة للبحرية الأميركية إلى مرآب للسيارات مجاور للضريح، مرّت بمحاذاة الجدار الغربي للمكان المقدس، وفقاً لضابط ميداني كبير. قال الضابط: “كانوا بالقرب من المقام”، مضيفاً أن النمور، كما تُسمّى دبابات البحرية، قدّرت مقتل وجرح ما يصل إلى ٥٠ من جيش المهدي، بما في ذلك بعضهم كان ينقل الذخيرة في عربات يدوية.
في وقت مبكر من يوم الخميس، عبرت كتيبة من سلاح الفرسان في الجيش الامريكي الطريق المحيط بضريح الإمام علي (ع) من اتجاه ثالث. تقدمت دبابات أبرامز من طراز M1-A1 ومركبات برادلي المقاتلة إلى مسافة ٧٥ ياردة من الضريح الطاهر. بينما قصف جيش الولايات المتحدة المدينة القديمة في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس، تقدمت قوات مشاة البحرية من الغرب بالدبابات إلى الحائط الخارجي من صحن الأمير (ع)، واشتعلت النيران في البنايات المحيطة بالمقام.
قال المقدم جيم ريني، قائد الكتيبة الثانية من الفوج السابع، في إشارة إلى عاصمة البوسنة التي تعرضت لتشويهات شديدة أثناء حروب البلقان في منتصف تسعينيات القرن العشرين: “يبدو الأمر وكأن سراييفو هنا”.
في هذه الأثناء، وصل سماحة آية الله العظمى السيستاني دام ظله إلى البصرة يوم الأربعاء ظهراً، بعد إجراء عملية قسطرة كادت بعض شرايينه أن تنُهي حياته لولا لطف الله. تم وضعُ خطة حركته بإحكام بعد أن كتب سماحة آية الله السيد محمد رضا السيستاني نقاطاً خمسةً لانهاء القتال في النجف الأشرف، كانت:
١- إعلان النجف والكوفة مدينتين خاليتين من السلاح
٢- انسحاب كافة القوات الأجنبية من النجف
٣- تكليف الشرطة العراقية بمسؤولية الأمن
٤- تعويض الحكومة العراقية المؤقتة للمتضررين من القتال
٥- إجراء إحصاء سكاني استعداداً للانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في كانون الثاني
(راجع بحث “العراق: آية الله العظمى علي السيستاني”، IRAQ: Grand Ayatollah Ali al-Sistani، شارون أوترمان، مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، ٢٧ كانون الثاني ٢٠٠٥)
هنا بدأت القصة؛ إستعمل سماحة المرجع الأعلى تحشيداً إعلامياً كبيراً من خلال الإشارة إلى ممثله في لبنان، الحاج حامد الخفاف، ليتصل بقناة الجزيرة والعربية ونشر التصريح فكان أشبه ببيان “الأنقاذ” رقم ١: “إن سماحة السيد السيستاني دام ظله سيكون على أرض الوطن، وهو عائد لإنقاذ مدينة النجف الأشرف من محنتها، بعد ساعات قليلة سيصل سماحة السيد إلى العراق الحبيب، ولذلك فإننا ندعو كافة العراقيين، ابناء المرجعية البررة للأستعداد الكامل للتوجه إلى النجف الأشرف بقيادة مرجعهم. ليزحفوا من كل مكان، من بغداد والحلة و كربلاء، من كركوك والموصل وبعقوبة. عذراً يا سيدي ومولاي يا أبا الحسن، يا أمير المؤمنين وسيد الوصيين، لقد دُنِّست أعتاب مرقدك المقدس، لقد هُتِكت حُرمتك، سنأتيك زحفاً – يا مولاي – ولو زحفاً على أشلائنا، لنمسح الوجع عن محيّاك، ولتبقى قباب مرقدك الطاهر تعانق السماء شموخاً، وتظاهر الشمس نوراً، ولتبقى النجف الأشرف عاصمة العلم والنور والشمم، قبلة الحضارة، وصانعة الأفذاذ”. (راجع كتاب “الرحلة علاجية لسماحة السيد السيستاني وأزمة النجف”، صفحة ١٢٢-١٢٤، حامد الخفاف، دار المؤرخ العربي – الطبعة الخامسة، ٢٠١٣)
طُلِب كثيراً من المرجع السيستاني أن يُخرِج من المدينة القديمة أهله و بناته و السيد محمد باقر وعائلته وأفراد عائلة السيد محمد رضا، لكن السيستاني رفض لعلمه بأن بقاء عائلته هو جزءٌ من الحلّ السلمي الذي كان يبحث عنه. (راجع كتاب الرحلة العلاجية صفحة ١٠٠)
بدأ الناسُ في التدفق من مختلف أنحاء البلاد نحو النجف في وقت متأخر من يوم الأربعاء، والوقوف على أبوابها حتى يصل المرجع الأعلى إلى النجف الأشرف ربما بعد ظهر يوم الخميس، في إشارة ذكية وخطيرة في آن واحد. دخول الناس مع مرجعهم إلى النجف دفعةٌ واحدةٌ سيكسر الأطواق القتالية للقوات الأمريكية والعراقية بحضور مهيب، أما الخطورة بدخولهم فرادى قد ترتكب القوات الأمريكية مجزرةً وإراقة الدماء مما سيزيد من غضب المرجع السيستاني دام ظله. المرجع يعلم أن القوات الأمريكية ومن معها لا تكترث بالدماء، كما حصل لبعض الشباب الذين قُتِلوا فجر يوم الخميس.
كانت الفكرة الأولى هو ذهاب المرجع الأعلى إلى كربلاء المقدسة، لكن سماحته رفض الفكرة قائلاً الذهاب إلى أبواب النجف أولى لإدارة الأزمة. أضافة السيد محمد رضا: “كرامة المرجعية أهم من حياة المرجع”. (راجع كتاب الرحلة العلاجية صفحة ١٠٧)
بدأت الإتصالات الهاتفية من الحكومة العراقية على سماحة السيد السيستاني ومن بعض علماء النجف تطالبه بالبقاء في البصرة خوفاً على حياته كما جاء في كتاب الحاج حامد الخفاف. لكن كانت هناك رؤية أخرى عند المرجع الأعلى. الحوزة التي ورث السيستاني زعامتها، ينبعث من بين غرف مدارسها، و مآذن جوامعها، وحلقات درسها، دخان فتنة، فكان القرار التأريخي السير نحو مدينة إمام المتقين علي (ع).
بعد أن علِمت حكومة أياد علاوي في بغداد تصميم المرجع الأعلى على الذهاب إلى مدينة أمير المؤمنين، بعث وفداً إلى البصرة للقاء المرجع الأعلى في مضيف وكيله المرحوم السيد علي عبدالحكيم الصافي طاب ثراه. كان الوفد بقيادة قاسم داوود، وزير الأمن الوطني والوزير وائل عبداللطيف و وفد المجلس الوطني بقيادة السيد حسين الصدر. وصل الوفد إلى دار ضيافة السيد علي الصافي الساعة التاسعة من مساء يوم الأربعاء. التقوا بالمرجع الأعلى مباشرة.
طلب الوزير قاسم داوود من سماحة السيد السيستاني أمرين:
١- البقاء في البصرة يومين آخرين حتى تُكمل الحكومة المهمة.
٢- إلغاء الزحف الذي أُعلِن إلى مدينة النجف الأشرف لدواعي أمنية. (راجع كتاب الرحلة العلاجية صفحة ١٢٩)
ما لم يذكره الحاج حامد الخفاف في كتابه هو امتعاض السيستاني الشديد ضد حكومة أياد علاوي عندما طالب الوفد من المرجع البقاء في البصرة حتى إكمال المهمة في هجوم أخير في إنتهاك خطير لحرمة مقام أمير المؤمنين ولقتل كل من يتحصّن داخل المقام الطاهر. أستدرك المرجع الأعلى قائلاً: “أنا متوجه غداً الى النجف الأشرف وفق البرنامج المُعلن، ولديّ مبادرة للحل”.
إستسلمت الحكومة العراقية لقرار المرجع. تم الاتفاق على أن تُعلن الحكومة العراقية وقفاً لإطلاق النار في مدينة النجف الأشرف فور وصول سماحة المرجع اليها ولمدة ٢٤ ساعة إحتراماً لقدومه و إفساحاً للمجال لمبادرة الحل التي ستُعلنها المرجعية.
في تلك الليلة، ليلة الخميس، صدر بيان رقم ٢: “إن سماحة السيد سيتوجه غداً الساعة السابعة صباحاً إلى مدينة النجف الأشرف، ونعلن للمؤمنين أنه من أحبّ أن يلتحق بموكب سماحة السيد فليلتحق، هذه ليست فتوى شرعية بالمشاركة في المسير، وإنما من أحبّ أن يلتحق فليلتحق”. (راجع كتاب الرحلة العلاجية صفحة ١٢٨)
يقول فيليب كينيكوت: كان الزعماء السياسيون الأميركيون، بما في ذلك نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، حريصين على طمأنة الأميركيين إلى أن السيستاني، على الرغم من نفوذه الهائل، لم يبدِ أي اهتمام بالتدخل المباشر في الصراع السياسي في العراق. (راجع مقال “نظرة فاحصة على السيستاني، الوجه الديني للعراق”، A closer look at Sistani, the religious face of Iraq، فيليب كينيكوت، صحيفة أن بي سي الأمريكية، ١٨ شباط ٢٠٠٥)
لكنه أخطأ في التصويب، يقول رويل مارك جيريشت، ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية: أخيراً وليس آخراً، فإن المسؤولين الأميركيين لا يريدون أن يتراجعوا مرة أخرى أمام آية الله العظمى السيستاني خوفاً من أن تفقد الولايات المتحدة السيطرة على عملية انتقال السلطة بالكامل. لقد ارتجف بريمر وإدارة بوش مرة، إن لم يكن مرتين، وفي كل مرة يفرض السيستاني آرائه بقوة أكبر. كان بول بريمر يعلم بحتمية المواجهة بين الولايات المتحدة و السيستاني”. (راجع بحث “المواجهة مع الشيعة العراقيين بشأن الانتخابات المباشرة”، The Standoff with Iraqi Shiites over Direct Elections، صفحة ٣، رويل مارك جيريشت، جامعة كولومبيا الأمريكية، شباط ٢٠٠٤)
وصلت تهديدات خطيرة لوفد المرجع، وتحذيرات من الدوائر الاستخبارية بإحتمالية وجود انتحاريين و مفخخات تعتري طريق المرجع. بعد صلاة فجر يوم الخميس، وضع وفد المرجعية خطةً لتمويه الناس بأن تخرج سيارة مضللة يركب فيها السيد علي عبدالحكيم الصافي موهماً للناس أنه المرجع السيستاني، يتحرك نحو النجف الأشرف، وبعدها بوقت قصير تخرج سيارة أخرى مضللة تنقل سماحة السيد السيستاني، فإذا، لا سمح الله، حصل أي إعتداء إرهابي، سيكون المرجع الأعلى في مأمن. (راجع كتاب الرحلة العلاجية صفحة ١٣١)
تحركت جحافل المحبين، كهولاً وشباباً، نساءاً وأطفالاً، لخط المرجعية العليا من البصرة الساعة ٧:٣٠ صباح يوم الخميس، وهي تلف الجموع الغفيرة من محافظات الفرات الأوسط في أجواء روحية وطنية نابعة من إنتماءهم للنجف الأشرف، ملبيةً نداء المرجع بالتوجه صوب مدينة العلم الإمام علي (ع)، حتى وصل النجف الأشرف لتطأ قدمها ترابها العطرة، و يوقف انتهاك قوات الاحتلال أرضها المقدسة. (من يرغب بمعرفة تفاصيل ما حدث في النجف، عليه مراجعة كتاب الرحلة العلاجية)
أشادت صحيفة الغارديان البريطانية بالمكانة الهائلة للمرجع الأعلى حيث قالت: يبدو أن الحكومة المؤقتة قد فاجأتها عودة آية الله السيستاني. قال دبلوماسي أجنبي في بغداد؛ إذا نجح السيد السيستاني فسوف يكون ذلك نبأ طيباً وسيئاً للحكومة. فهو يوفر لها وسيلة سلمية للخروج من مأزق خطير، ولكنه سوف يكون أيضاً بمثابة تأكيد على المكانة الهائلة التي يتمتع بها”. (راجع مقال “السيستاني يدعو الشيعة لاستعادة المرقد”، Sistani calls on Shias to take back the shrine، مايكل هوارد، صحيفة الغارديان، ٢٥ آب ٢٠٠٤)
يقول كينيث كاتزمان، كبير المحللين في شؤون الشرق الأوسط في دائرة أبحاث الكونغرس: “لولا السيستاني لما تمكنوا من التوصل إلى حل لأزمة النجف. الحكومة العراقية المؤقتة أصبحت خاضعة بالكامل تقريباً للسيستاني”. (راجع بحث “العراق: آية الله العظمى علي السيستاني”، IRAQ: Grand Ayatollah Ali al-Sistani، شارون أوترمان، مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، ٢٧ كانون الثاني ٢٠٠٥)
يذكر أنتوني كوردسمان في بحثه: في عام ٢٠٠٤، أثناء القتال العنيف بين جيش المهدي التابع للصدر وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، نُسب إلى السيستاني الفضل في التوسط لوقف إطلاق النار. وقد أظهر هذا العمل النوع من الدور الحاسم الذي يمكنه الاضطلاع به. (راجع بحث “التهدئة وموقف الولايات المتحدة في العراق”، Quietism and the U.S. Postion in Iraq، أنتوني كوردسمان، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ١٩ حزيران ٢٠٠٨)
وهذا ما أكدّه فرانسيس كوزلوفسكي، من مشاة البحرية الأمريكية الذي شارك في معركة النجف، في كتابه: في نهاية المطاف، كان الفضل الفوري في التوصل إلى الهدنة يعود إلى آية الله العظمى السيستاني، رجل الدين الشيعي الأبرز في العراق، الذي توسط في إبرام الصفقة نيابة عن الحكومة العراقية. وقد أكسبه موقفه السياسي المعتدل في التعامل مع الحلول التفاوضية للمشاكل ثقة زعماء العراق الجدد. (راجع كتاب “معركة النجف: آب ٢٠٠٤”، Battle An-Najaf: August 2004، صفحة ٤٣، فرانسيس كوزلوفسكي، مشاة البحرية، وزارة الدفاع الأمريكية، ٢٠٠٩)
وصل المرجع الأعلى إلى أسوار النجف، فنجح في إخماد دخان الفتنة، ليُبقي قباب الأمير شامخةً و منائرها باسقةً، وأروقتها حيّةً تملؤها طلبة العلوم الدينية في مدرسة تجاوز عمرها الألف سنة، ليسكُن قلوبَ الملايين، بين عباءته العتيقة، وعمامته السوداء، وعصاه التي يتكئ عليها، يدور التاريخ و يركع… إنه السيستاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *