مفهوم الجنة والجهنم في الديانة الإيزيدية ‎- صبحي نابو 

الإيزيدية ديانة توحيدية قديمة غير تبشيرية، تتبع تعاليمها الخاصة وتؤمن بوجود نظام كوني روحي يعتمد على التناسخ والتطور الروحي. ورغم أن بعض الباحثين الإيزيديين يرون أن مفهوم الجنة والجهنم لم يكن موجوداً قبل مجيء الشيخ آدي بن مسافر (القرن الثاني عشر الميلادي)، إلا أن هناك أدلة من التراث الديني والنصوص المقدسة تشير إلى أن فكرة الثواب والعقاب الأخروي كانت جزءاً من العقيدة الإيزيدية، ولكن بتصور يختلف عن الأديان الإبراهيمية.
تشير الدراسات إلى أن مفهوم “الجنة” أو “عدن” كان موجوداً عند السومريين، وكذلك “العالم السفلي” الذي يقابل الجحيم. في الحضارات القديمة مثل السومرية والبابلية، كان يُنظر إلى الجنة على أنها مكان للراحة والسعادة ، بينما كان العالم السفلي مكاناً للعذاب أو التطهير.
 يمكن ربط هذه المفاهيم بالإيزيدية من خلال التأثيرات الثقافية والدينية التي امتدت عبر التاريخ، لكن الإيزيدية طوّرت رؤيتها الخاصة حول المصير الروحي.
الرؤية الإيزيدية للحياة بعد الموت
تؤمن الإيزيدية بأن الإنسان خُلق وفق إرادة الله، وأن الملائكة السبعة النورانيين مكلفون بإرشاد الإيزيديين، خلال رحلتهم الروحية. كل فرد إيزيدي، بغض النظر عن طبقته الدينية، لديه “ملك” أو كائن نوراني يرشده ويحميه (هذا يفسر عدم وجود رسل في الإيزيدية)
بعد الموت،  لا تنتقل الروح مباشرة إلى الجنة أو الجحيم، وإنما تمر بعدة مراحل من التناسخ (التقمص). يُمنح الإنسان فرصة جديدة في كل حياة لتحسين روحه والتكفير عن أخطائه. هذه العملية تُعرف بـ”دورة الروح”، وتستمر حتى يصل الإنسان إلى المرحلة الأخيرة من الامتحان الروحي، حيث يُحدد مصيره النهائي وفقاً لسجله الروحي.
الجنة والجهنم في العقيدة الإيزيدية
في الإيزيدية، الجنة والجهنم ليستا أماكن مادية بل حالتان روحيتان تعتمدان على درجة تطور الروح:
الجنة (عدن): هي حالة النقاء الروحي التي يصل إليها الإنسان بعد المرور بجميع الاختبارات والتجارب الروحية. في هذه المرحلة، يكون قد بلغ درجة من الصفاء والتنوير تجعله في انسجام تام مع النور الإلهي.
الجهنم: هي مرحلة من العقاب الروحي حيث يُطهَّر الروح من الخطايا والسلبيات المكتسبة عبر حيواته السابقة. لكن هذا لا يعني أن الجهنم مجرد مرحلة مؤقتة للجميع، إذ تؤكد النصوص الدينية الإيزيدية أن هناك نقطة نهائية تُعرف بـ”يوم القيامة”، حيث يُحسم مصير الروح بشكل نهائي. من لم يستطع تحقيق النقاء الروحي بعد الفرص العديدة التي مُنحت له قد يواجه عقوبة دائمة.
الخلاصة
حسب النصوص الدينية الإيزيدية، يؤمن الإيزيديون بأن الله رحيم ويمنح الروح فرصاً متكررة للتنقية والتطور الروحي عبر مراحل التقمص. خلال هذه المراحل، يخضع الإنسان لاختبارات مختلفة، حيث يمكن أن يُكافأ أو يُعاقب بناءً على أفعاله في الحيوات السابقة. هذه العملية تستمر عبر دورات متعددة، وخلالها يتعلم الروح من تجاربه ويتعرف على ذاته.
لكن في النهاية، هناك نقطة حتمية تُعرف بـ”يوم القيامة” أو “النهاية”، حيث يتم تحديد المصير النهائي للروح. عند هذه المرحلة، لا توجد فرص إضافية، بل يُحسم الأمر نهائياً: إما الوصول إلى النقاء الروحي (الجنة)، أو مواجهة عقوبة دائمة وفقاً لما اكتسبه الإنسان خلال دورات حياته. بهذا، فإن العقيدة الإيزيدية لا تنفي وجود العقوبة الأبدية، لكنها تؤمن بأن الله يمنح الروح فرصاً عديدة قبل الوصول إلى هذه المرحلة النهائية.
يؤكد الشيخ صبحي نابو، رئيس المجلس الديني الإيزيدي، أن الإيمان الإيزيدي يعتمد على مبدأ التقمص وتطور الروح، وأن الجنة والجهنم ليستا أماكن مادية بل حالات روحية تعتمد على مسيرة الإنسان في الحياة. لكن على الرغم من أن الإيزيدية تركز على التطهير الروحي ومنح الفرص للروح، إلا أن هناك يوماً نهائياً للحساب، حيث يُحدد مصير الروح إما بالوصول إلى الجنة  أو مواجهة العقوبة الأبدية.
Ez hatim dinyayê, jaribae Dîna, dawrên min taelmina. Fikirên nezan Min naxepi na.
الترجمة:
جئتُ إلى الدنيا، هي تجربة ودروس تعلمني. أفكار المغفلين لا تخدعني .
الهيئة الإدارة للمجلس الديني الإيزيدي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *