كل ما تفعله تركيا وإيران بالمنطقة من فوضى وعدم الإستقرار وحروب ومشاكل وتهديدات ، كل ذلك لأجل أن تعترف بهما أمريكا بأنهما دولتان محوريتان مهمتان في تسيير شؤون المنطقة ولهما كلمة ودور في المنطقة لا ينبغي تجاهله ، ويجب أن تكون لهما وصاية على المنطقة كدول كبيرة محترمة ، هذا هو ملخص ما يحدث بالمنطقة ، لكن كل ما يفعلانه لا يجدي نفعاً لأن أمريكا سبق وأن أعطت لشاه إيران محمد رضا بهلوي وصاية على منطقة الخليج العربي وكذلك فعلت مع تركيا على بعض دول الجوار ، وعملت على إرضاء إيران وتركيا إلى وقت قريب في التغاضي عن تدخلاتهما وعبثهما بالمنطقة ، كل ذلك كانت تفعله أمريكا في السابق لكسب ود هاتين الدولتين المهمتين جغرافياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، والسبب وراء المداهنة الأمريكية لهاتين الدولتين هو وجود دولة عظمى مجاورة للمنطقة وكانت تشكل خطراً على المنطقة وهي جمهوريات الأتحاد السوفياتي التي إنهارت في العام 1991 م وكذلك وجود خطر الدول العربية في تأجيج الصراعات والحروب ضد إسرائيل وعدم استجابة معظم الدول العربية لمساعي السلام خلال القرن الماضي ، أما الأن فقد فهمت الدول العربية اللعبة وطوت صفحة الماضي وأخذت تتعامل مع الواقع بعقلية المحترفين فلم يعد لتركيا وإيران تلك الأهمية القديمة بعد زوال الاتحاد السوفياتي وتغيير سياسات معظم الدول العربية ، فأمريكا اليوم لديها البديل الموثوق والأفضل هي إسرائيل الحليف الذي تربى بين أحضان الغرب ، لذلك أصبح وجوباً على المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أن تذلل العقبات في المنطقة من كل منافس لإسرائيل لكي تكون إسرائيل نقطة التوازن في المنطقة ، وبدأت أمريكا وحلفاؤها فعلاً بإزالة نظام صدام حسين الخطر الحقيقي على إسرائيل ونظام معمر القذافي المزعج لإسرائيل فبدت شيئاً فشيئاً تتلاشى أهمية تركيا وإيران للحسابات المستقبلية خاصة بعد ظهور دول عربية قوية عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وهي دول حليفة لأمريكا ، والأن بعد أن ترتمي روسيا في الحضن الغربي قريباً سينتهي نهائياً دور تركيا وإيران ومن المحتمل سيتم طرد تركيا من حلف الناتو لعدم وجود ضرورة استمراريتها في الحلف خاصة وأنها استغلت عضويتها في الحلف لإبتزاز دول كثيرة . كان على إيران وتركيا فهم الأمور بهذه الكيفية وما كان عليهما استهلاك طاقات بلديهما لمحاولة تحقيق أهداف خيالية مستحيلة ، والأن بعد أن أصبحت إيران وتركيا يلعبان دور الطفل المزعج جداً للمجتمع الدولي وللسياسة الأمريكية وللعالم الغربي فأن مرحلة ترامب هي الحد الفاصل لإيقاف إزعاجهما ، هذا تحليل للواقع الحالي لكنه ليس تحليلاً ينطلق من فراغ ، الشواهد كثيرة ، فاليوم الجبهة الإسرائيلية العربية الجديدة و التي ستقوم على أساس المصالح العليا لبلدان المنطقة ومصالح الدول الغربية أصبحت المفتاح لحلول جميع مشاكل بلدان الشرق الأوسط ومن يتمرد ضد هذه الجبهة سيعاني كثيراً خاصة بعد أن أصبح الأقتصاد والتكنولوجيا هو السلاح الأقوى في الصراعات الحديثة والكل يعرف تماماً بأن اقتصاديات الدول في جميع انحاء العالم لا تقوى على الصمود أمام أية حرب اقتصادية تنطلق من الدول الغربية . ما يحصل في بعض دول الشرق الأوسط من فوضى ودمار واقتتال إنما هي الرفسات الأخيرة للفريسة ، وسبب كل ذلك هو أن هاتين الدولتين المارقتين ما زالتا تحلمان بعقلية الأمبراطورية وغير قادرتين على التغلب على عقدة الزعامة والتكيف مع مستجدات الزمان . مستقبل المنطقة واضح جداً وهو يسير ببطىء لصالح المخطط الأمريكي الغربي ، لكنه بدأ يسير بوتيرة أسرع جداً في عهد ترامب ليكون أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية بعد الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان يحوز على نصر تأريخي في ضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة الأمريكية وللعالم الغربي من خلال المنطقة ، فقد استطاع رونالد ريغان في زمانه تشتيت وتدمير الاتحاد السوفياتي فأصبح رئيساً تأريخياً أسطورياً يشهد له التأريخ وهكذا يسعى دونالد ترامب في هدفه القادم لتسوية اضطرابات ومشاكل الشرق الأوسط ، لذلك إيران أولاً وتركيا ثانياً مالم يسارعا إلى فهم الواقع فهماً دقيقاً بعيداً عن العنجهية والغرور فأن ثمن جهالتهما سيكون مكلفاً . فعندما يكون الموج عالياً لا سد ينفع ولا فلك يشفع ، فهو بالأخير أمر الله وليس أمر البشر وعندما يأتي أمر الله فلا عاصم من أمره ، الدماء البريئة التي أريقت من قبل تركيا وإيران في سبيل تحقيق اهدافهما السياسية كان خطأ كبيرا ، ولولاهما لم يقتل ايزيدياً واحداً ولا سنياً ولا شيعياً ولا علوياً ولا درزياً ولا مسيحياً ولا يهودياً ولا عربياً ولا كوردياً ولم يكن للإرهاب الإسلامي وجود ، ، فهما رأس الفتنة ومصدر البلاء ، و لن يغفر لهما الله ولن تغفر لهما شعوب المنطقة ولن يغفر لهما المجتمع الدولي ولا التأريخ على ما اقترفاه من جرائم واستباحة دم الإنسان وسيسلط عليهما الله من يذلهما ولا يرحمهما ، وهذه عدالة السماء في كل زمان .
تحية للاستاذ كامل سلمان المحترم..
مقالة رائعة.. دمت سالما.. وبصحة وعافية..
تحياتي وتقديري للأستاذ حسين لمتابعاتك وتقييمك للمقالات ، محبتي