مشاركة الصدر في الإنتخابات رصاصة في رحم الإطار التنسيقي – الكاتب/سمير داود حنوش

يُدرك الإطار التنسيقي الحاكم إن رغبته بمشاركة زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر في الدخول إلى حلبة الصراع الإنتخابي ماهو إلا باب ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فالتنسيقي لم ترحل عن ذاكرته إصرار الصدر الفائز الأول في إنتخابات 2021 على تشكيل حكومة الأغلبية التي دفع من أجلها دماء في داخل المنطقة الخضراء معقل السلطة، تسببت بها مواجهته للخاسرين من قوى الإطار التنسيقي الذين أصروا على حكومة التوافقية.

يعلم الإطار التنسيقي أن عودة مقتدى الصدر تعني إستعادة المواجهة القديمة، لكنها مواجهة لابد منها بعد أن أدرك التنسيقي أنه قد يخسر كل شيء حين وصل إلى طريق مسدود قد تكون الإنتخابات القادمة هي الحل الأخير لمأزق النظام السياسي الحاكم.

في سنوات الحكومات السابقة كان يمكن توزيع الفشل والإحباط على جميع الأطراف السياسية وبضمنها الصدر، أما بعد إنسحاب الكتلة الصدرية من الحكومة والبرلمان وترك الساحة للإطاريين لتشكيل الحكومة التي سُميت بحكومة الخدمات ليكتشف المواطن البسيط إن العنوان الخدمي ماهو إلا خدعة بصرية يتحمل نتائج فشلها طرف سياسي واحد دون أن يتوزع الإتهام بين الأطراف الأخرى ويضيع الدم بين الجماعات السياسية.

يحاول الإطار التنسيقي إستدراج مقتدى الصدر في الدخول إلى السباق الإنتخابي حتى وإن كانت المشاركة لعبور مرحلة الإنتخابات ويكون بعدها لكل حادث حديث، فالتنسيقي يعلم حجم القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها الصدر، والتأثير السياسي الذي يحدثه فيما لو دخل الإنتخابات التي قد تزيد من نسب المشاركة من الأغلبية الصامتة المُقاطعة حين كانت لاتتجاوز نسب المشاركة أعداد ضئيلة يتفوق بها الجمهور الحزبي المؤدلج للأحزاب الذي يزحف إلى صناديق الإقتراع.

يمتلك مقتدى الصدر عنصر المفاجأة وقرارات غير متوقعة، وربما تكون هي من العوامل التي تجعل خصومه يحسبون له ردود الأفعال لذلك كانوا في كل مناسبة ينتظرون منه الإعلان عن دخول الإنتخابات، لكن توقعاتهم تخيب، مرة عندما أقام مأدبة إفطار لأعضاء الكتلة الصدرية المستقيلة، وأخرى في صلاة جمعة موحدة حين طالب أتباعه بتحديث بيانات سجلاتهم الإنتخابية، ومناسبات كان الرأي العام ينتظر إعلان المشاركة في الإنتخابات، لكن رسائل الصدر كانت مجرد تلميحات، ماذا لو لم يشارك زعيم التيار الوطني الشيعي في الإنتخابات وإن كل ما كان يجري هو لعب على أعصاب الإطاريين وجسّ نبضهم؟ كل شيء ممكن.

يعلم التنسيقي إن ساعة المواجهة قادمة مع الصدر بوجود “الأخوة الأعداء” الذين رفعوا السلاح بوجه شعاره “الأغلبية السياسية”، وغريمه نوري المالكي الذي يتحين الفرصة للعودة إلى كرسي رئاسة الوزراء للمرة الثالثة، لكن في ذات الوقت يرغب هؤلاء بتأجيل هذا الصراع على الأقل للتخلص من حقبة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي ظهر لهم كخصم لم يحسبوا له حساب حين فاجأهم برغبته في ولاية ثانية، وطرف جديد بدأ ينازعهم في السلطة والنفوذ.

يقال والعهدة على قائلها إن الصدر ربما أستلم عن طريق مجساته رسائل مبطنة من العامل الدولي والإقليمي، أن الزعيم “الشيعي” ربما يكون أحد أدوات التغيير القادم في العراق، لأسباب قد يكون أهمها أن مقتدى الصدر يمتلك علاقات جيدة مع المكون السني وكذلك الكرد الذين تحالف معهم في بدايات دعوته لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية.

وكما يقولون ليس حُباً في معاوية ولكن كُرهاً في علي، لذلك يحاول الإطار التنسيقي الإستفادة من كل الأحداث والوقائع للعبور إلى بر الأمان حتى وإن كانت الدعوة إلى مشاركة الصدر في الإنتخابات وتهافت قادة الإطار التنسيقي للتحالف معه.

من الصعب التكهن بالسيناريو المحتمل للإنتخابات وموعد إجرائها وطبيعة الظروف التي تؤثر عليها بوجود إضطراب دولي وفوضى تقترب شرارتها من العراق، وتوقعات أن العراق سيكون هدفاً لتصفية الصراع بين أمريكا وإيران، وبوجود عقوبات مرتقبة على الإقتصاد العراقي من قبل الرئيس الأمريكي ترامب بسبب جماعات مستعدة لتدمير العراق حجراً على حجر من أجل عيون الجارة الشرقية، كل تلك العوامل قد تجعل إجراء الإنتخابات في موعدها أمراً صعباً، وربما يكون ذلك سبباً لتأجيل الصدر قراره في المشاركة من عدمها.

لطالما تفاخر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ببصمته في إختيار جميع رؤساء الحكومات ومن بينهم نوري المالكي، فهل تكون بصمة الصدر حاضرة في إختيار رئيس الوزراء القادم في ظل توتر إقليمي وحرب قد تمتد إلى العراق؟…لننتظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *