BBC
تتواصل لليلة الثانية على التوالي الاحتجاجات في تركيا بعد توقيف رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بشبهة “الفساد” و “الإرهاب”.
وتجمع الآلاف أمام مبنى بلدية إسطنبول في ظل إجراءات أمنية مشددة، فيما أطلقت شرطة مكافحة الشغب التركية الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاطي بعد محاولة بعض المحتجين عبور الحواجز التي وضعتها الشرطة.
واشتبك بعض المتظاهرين مع الشرطة في أنقرة وإزمير وإسطنبول، بما في ذلك في الجامعات،على الرغم من الحظر المفروض على التجمعات في الشوارع.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان أحد قد أصيب بأذى.
وكانت الشرطة التركية اعتقلت إمام أوغلو الأربعاء، قبل أيام من إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة في تركيا، كجزء من حملة ضد شخصيات المعارضة في جميع أنحاء البلاد خلال الأشهر الأخيرة.
ويُنظر إلى أكرم إمام أوغلو، من حزب الشعب الجمهوري العلماني، على أنه أحد أقوى المنافسين السياسيين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وشهدت المظاهرات هتافات تطالب الرئيس التركي بالاستقالة، ووفق وكالة فرانس برس فإن عدة آلاف من الأشخاص، معظمهم من طلاب الجامعات، هتفوا “استقل” متوجهين لإردوغان، فيما طرق المتظاهرون على الأواني في مناطق عدة وأطلقت السيارات أبواقها تضامناً مع الاحتجاجات.
وفي أول تعليق له في على الاحتجاز، رفض إردوغان انتقادات المعارضة ووصفها بأنها “مسرحيات” و”شعارات” لا وقت لها في البلاد.
فيما ظلت ساحة تقسيم وحديقة غيزي، اللتان اشتهرتا بالاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة قبل أكثر من عقد، محاطتين بسياج كامل، بينما لا يزال الوصول للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مقيداً إلى حد كبير لليوم الثاني على التوالي.
حزب الشعب الجمهوري يحذر
من جهته حذر أوزغور أوزيل، زعيم حزب الشعب الجمهوري، الشرطة من استفزاز المتظاهرين بإطلاق الغاز المسيّل للدموع أو الرصاص المطاطي.
وقال “لا أريد رؤية الرصاص المطاطي هنا، وإلا ستتحمل شرطة إسطنبول مسؤولية ما يحدث”.
وأضاف أوزيل “رئيس البلدية أكرم ليس متورطا في الفساد ولا في الإرهاب. إنه ليس لصا ولا إرهابيا”، محذّرا الرئيس رجب طيب إردوغان من أن الاحتجاجات لن تتوقف.
وتابع موجهاً خطابه لإردوغان “لم أملأ هذه الساحة وهذه الشوارع، أنت من فعل ذلك، إنها مليئة بفضلك”.
فيما دعا إمام أوغلو من داخل مكان احتجازه الشعب والقضاء إلي اتخاذ موقف ضد تحرك الحكومة لإسكات المعارضة في رسالة نقلها فريق الدفاع.
وقال إمام أوغلو “نحن كأمة يجب علينا الوقوف والتحرك ضد أولئك الذين يدمرون القضاء”.
وأضاف “لا يمكنكم ولا ينبغي عليكم البقاء صامتين”.
وندد حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في البرلمان، بتوقيف إمام أوغلو، واصفاً ما حدث “بالانقلاب السياسي”. بينما قال أوزيل “إن جريمة إمام أوغلو الوحيدة هي تصدر استطلاعات الرأي”.
وتسبب توقيف إمام أوغلو بتراجع الأسواق المالية في تركيا.
وقال البنك المركزي إنه سيستخدم احتياطياته من النقد الأجنبي إذا لزم الأمر للحد من تدهور الليرة.
وقال خبراء اقتصاديون إن البنك تدخل الأربعاء، للتعامل مع المستجدات الاقتصادية إثر الاحتجاجات، حيث يهدد المتظاهرون باستمرار الاحتجاج.
وقالت باشاك كوهجي (24 عاما)، وهي طالبة في جامعة غلطة سراي، لوكالة فرانس برس “هذا ليس احتجاجا ليوم واحد،
سندافع عن حقوقنا حتى النهاية”
بدوره، قال يافوز وهو طالب يبلغ 19 عاما من جامعة إسطنبول التقنية، “نحن هنا في الشوارع لنجعل صوتنا مسموعاً، الشباب مثلي لن يظلوا صامتين”.
ويوم الأربعاء، أوقفت السلطات أكثر من 80 شخصاً في عمليات أمنية، وبدأ المحققون إجراءات استجوابهم في ساعة مبكرة من صباح الخميس، بحسب وسائل إعلامية محلية.
ويُتهم رئيس بلدية اسطنبول الذي يواجه سلسلة تحقيقات وقضايا والذي أعيد انتخابه بعد فوز ساحق العام الماضي، بـ”مساعدة
منظمة إرهابية” هي حزب العمال الكردستاني المحظور.
ويخضع أيضا لتحقيق بتهمة “الرشوة والابتزاز والفساد والاحتيال المشدد والحصول بشكل غير قانوني على بيانات شخصية
لتحقيق الربح في إطار منظمة إجرامية” إلى جانب 99 مشتبها بهم آخرين.
وقال وزير الداخلية علي يرلي كايا إن 37 شخصا أوقفوا حتى الآن لنشر محتوى الكتروني اعتُبر “استفزازيا” مؤكدا إجراء
المزيد من التحقيقات.
ودانت منظمة هيومن رايتس ووتش توقيف أكرم إمام أوغلو داعية إلى “الإفراج عنه … فورا”.
وقال مدير المنظمة في أوروبا وآسيا الوسطى هيو وليامسون “يتعين على رئاسة إردوغان أن تضمن احترام نتائج الانتخابات
البلدية في إسطنبول وألا يتم استخدام نظام العدالة الجنائية سلاحا لأغراض سياسية”.
بموجب الدستور لا يمكن لإردوغان الذي يشغل منصب الرئيس منذ أكثر من عقد، الترشح مرة أخرى في انتخابات 2028،
لكنه يسعى لإجراء تعديل دستوري علما بأنه سيحتاج إلى دعم المعارضة.